حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: و…مذابح القيادة والانقلاب كيف

في خطاب مردود عليه بمناسبة مرور (124) عاماً على معركة كرري الخالدة ، طالب رئيس مجلس السيادة الانقلابي الفريق أول عبدالفتاح البرهان بريطانيا بالاعتذار عن مجزرة كرري التي حدثت في سبتمبر 1898، والتي أبلى فيها السودانيون بلاءً عظيماً في مواجهة القوات الاستعمارية الغازية شهد به حتى الأعداء، ووصف البرهان المعركة وما حدث فيها يومها بأنه جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية وتطهير عرقي، مشيراً إلى أن أكثر من (30) ألف سوداني قتلوا في كرري، وطالب البرهان من فعل ذلك ويقصد بريطانيا بالاعتذار للشعب السوداني عن تلك الجريمة، وأضاف البرهان: (لأربعة أيام ظلت قوات المستعمر تقتل السودانيين دون توقف وسط صمت كامل). وأردف أن من قام بذلك كان يهدف إلى كسر شوكة الجيش والمقاتلين السودانيين لمنعهم من المقاومة.. ما قاله البرهان بخصوص معركة كرري ينطبق عليه المثل القائل (رمتني بدائها وانسلت)، فكل ما ذكره عاليه مردود عليه، فلو استبدلنا المذبحة الاستعمارية التي وقعت في معركة كرري بمذابح فض الاعتصام و عمليات قتل وسحل ودهس المتظاهرين السلميين منذ انقلابه في 25 اكتوبر العام الماضي والتي ما تزال مستمرة حتى اليوم، لانطبقت عليه وارتدت اليه كل الاوصاف التي أطلقها على جيش الغزاة، فاذا كان شهر سبتمبر من عام 1898 الذي وقعت فيه مذبحة كرري تتحمله الدولة الغازية بريطانيا حسب كلام البرهان، فان يوم الاثنين التاسع والعشرين من رمضان الموافق الثالث من يونيو عام 2019 الذي وقعت فيه مجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، وكذلك عمليات القتل التي حدثت وما انفكت تحدث منذ الانقلاب، يتحملها البرهان ومجلسه العسكري، فجريمة فض الاعتصام تعتبر نكراء بكل المقاييس وستبقى وصمة لا تمحى وعارا لن يزول على القيادات العسكرية الذين احتمى بسوح قيادتهم العامة وأقاموا اعتصامهم حولها اولئك الشباب والشابات البواسل، لقد كانت عملية فض الاعتصام القذرة، جريمة مكتملة الاركان، خطط لها المجرمون السفاحون بعناية وكانوا في كامل الاستعداد والجاهزية بالسلاح والعتاد، بينما كان الضحايا سلميين ومسالمين عزل، بل كانوا يستشعرون الأمان لكونهم فى استجارة من ظنوا انها قواتهم المسلحة حامية الارض والعرض، فتخير المجرمون القتلة ساعة السحر حين كان المعتصمون نيام وهم صيام لتنفيذ جريمتهم البشعة الانتقامية الدموية الشيطانية بلا رحمة ولا وازع من دين ولا أخلاق، وهذا ما يكشف أن هذه الجريمة لم تتم على عجل وانما بتخطيط وتنسيق وخطة محكمة وتأهيل وتهيئة للمنفذين حتى لا يرأفوا أو تأخذهم شفقة بالمعتصمين. فطاحوا فيهم تقتيلا وسحلا ودهسا واغتصابا لبعض الحرائر والقاء بعض الجثث في مياه النيل وبعض آخر ما يزال فى عداد المفقودين لا يعرف حتى الآن ان كانوا أمواتاً فينعون أو أحياء يرجون.. ان دماء كل هؤلاء الشهداء الذين ارتقوا منذ عملية فض الاعتصام الغادرة وما بعدها، وصولاً الى الشهداء الذين سقطوا بعد انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر، ستبقى معلقة على رقبة المكون العسكري ولن تسقط الى يوم الدين، ولكن لا تزال للأسف قضايا كل هؤلاء الشهداء معلقة تنتظر العدالة، اذ ما تزال قضايا كل هذا الرتل من الشهداء الكرام تراوح مكانها بلا حسم، وتجري محاولات يائسة لـ(دغمستها) وطيها وتسجيلها ضد مجهول باللعب على الزمن ولكن هيهات..

صحيفة الجريدة