رأي ومقالات

إبراهيم الخليل.. بطل معركة لم تقع!

كان يمكن لإبراهيم الخليل، أحد قادة المهدية، أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه لو أجيزت خطته تلك الليلة السابقة لمعركة كرري، كان جوهر الخطة أن يهجم جيش الخليفة على الجيش الإنجليزي ليلاً وفي تلك الليلة السابقة ليوم 2 سبتمبر. أن يباغتهم بعد خروجهم من جهة السبلوقة وعسكروا في السهل المقابل لجبال كرري. كان الجنرال ونجت منزعجاً من الظلام والمطر الثقيل الذي هطل تلك الليلة يشجع جنوده على الإسراع في تشكيل زريبة من فروع شجر السمر هي كل احتياطاته الدفاعية في أرض غير مألوفة لديه. نُقل عنه فيما بعد قوله: “لو هاجمنا الدراويش تلك الليلة لتمت إبادتنا عن بكرة أبينا.”

نعود لمجلس الحرب كما نقل وقائعه عصمت زلفو في كتابه عن معركة كرري. شرح إبراهيم الخليل خطته أمام الخليفة وأركان حربه بعد أن عاد للتو مع فرقة الاستطلاع التي يقودها ورأى بعينه خط سير الجيش الإنجليزي: نهاجم اللحظة.. في هذه الليلة .. نتحالف مع المطر والظلام ضد الإنجليز. ولكن عثمان شيخ الدين، إبن الخليفة التعايشي، تصدى له بصبيانية كما يفعل أي “مناضل جزافي” في أيامنا هذه، وقال: “لا يمكن أن نصبح كالفيران نخرج بالليل، ونعود لجحورنا في النهار”.. نعم هكذا!

أنتهى اجتماع مجلس الحرب بالإنحياز لرأي إبن الخليفة، حسم الخليفة التعايشي الأمر قائلا: الخير فيما أختاره الله.. نداوس الصبح.

نهض إبراهيم الخليل ونفض عن يده غبار أمدرمان الجيري وردّ بحسرة: “الخير فيما أختاره الله.. لكن نصرة ما في.”

هناك، في زريبة الجيش الإنجليزي، تنفس الجنرال ونجت الصعداء حين أطل فجر الثاني من سبتمبر 1898م.. وما حدث بعد ذلك تاريخ.

فيما بعد، انبتت هذه الأرض، القليل من نموذج إبراهيم الخليل، والكثير من نماذج عثمان شيخ الدين.

محمد المبروك