صباح محمد الحسن تكتب: ما الذي يخشاه الجنرال !!
تخيم اجواء ضبابية على المؤسسة العسكرية ، التي ينعكس مناخها سلباً، عكس ماتشتهي سفن الفريق عبد الفتاح البرهان الذي يسبح عكس التيار غير آبه بخطورة الموج، ويبدو ان قائد الإنقلاب يدخل الآن في حالة مختلفة من القلق ، غير الطبيعي ، الأمر الذي يؤكد انه تجاوز التوتر في حدود الهم السياسي وصراعات الحكم بين المدنيين والعسكريين، فالبرهان وبعد ان أعلن انقلابه ، كان مهموما بالشأن السياسي الذي كانت تحاصره اعاصيره من جميع الاتجاهات ، وذلك بسبب اخفاقه عندما ازاح الحكومة المدنية التي تمثل الثورة وفرض نظامه العسكري الذي اعاد ظلمة الدكتاتوريات والهيمنة والانفراد بالسلطة بقوة السلاح ، فقائد الجيش الآن انتقل من دائرة القلق السياسي الي مرحلة عدم الثقة في من هم حوله ، وهذه مرحلة متأخرة من الرعب وداء (ارتعاش الحكم) الذي يصيب الحكام بعد ما يلفظهم الشعب وتتقطع بهم الأسباب فقبل ان يكمل اسبوع واحد كان عبدالفتاح البرهان، اصدر قرارات تم بموجبها إعفاء كل من الفريق ملاح توجيهي ركن عصام الدين سعيد كوكو قائد القوات الجوية، والفريق محاسب ياسر بشير محمد عبدالله مدير الإدارة العامة للاحتياجات، وإحالتهما للتقاعد بالمعاش، وترقية اللواء طيار ركن الطاهر محمد العوض الأمين إلى رتبة الفريق، وتعيينه قائدا للقوات الجوية، كما شملت القرارات ترقية ضباط الدفعة ٤٠ كلية حربية لرتبة اللواء، وإحالة آخرين برتبة اللواء فما دون إلى التقاعد بالمعاش . ليأتي أمس الأول ويصدر قرارات جديدة بإحالة عدد من الضباط إلى التقاعد أبرزهم نائب رئيس هيئة الأركان وقائد القوات البرية الفريق الركن عصام محمد حسن كرار، وإحالته للتقاعد بالمعاش، بجانب إحالة اللواء الركن أحمد عمر شنان، للتقاعد بالمعاش، بعد ترقيته لرتبة الفريق ، هذه القرارات المتتالية ، تكشف مدى ضحالة ثقة البرهان في الضباط الكبار في صفوف الجيش لذلك يلجأ لخيار التخلص منهم تباعاً ، ويحرص على إبقاء الذين يثق فيهم فقط هذه ( الململة ) تكشف ان عرش البرهان الآن يعاني من تصدع كبير ، لم يشهده من قبل ، وبالرغم من أن الرجل دأب على ترميمه ألا ان ذلك وحده يؤكد حجم اتساع ( التشققات ) في جدار البيت العسكري . فالمؤسسة العسكرية بها كثير من الضباط الذين يؤدون التحية العسكرية لقائدهم بإمتعاض ، وذلك يعود الي أنهم لايعجبهم الحال الذي وصلت اليه البلاد ، ولا قتل المئات من المواطنين في الخرطوم وغيرها من أقاليم السودان يكتمون الغيظ بدواخلهم ، هذه المشاعر التي قد تخفى على الجميع إلا على قائدهم الذي يعلم ويفهم لغة الشخصية العسكرية حتى وان لم تنطق بكلمة ، ومنهم ايضا من لايعجبه التمدد المخجل لقوات الدعم السريع والعنجهية واللامبالاة لضباطها وجنودها الذين لا يظهرون إحتراما للمؤسسة العسكريه ، هذه التجاوزات التي يغض البرهان الطرف عنها ، وتأبى القيادة العليا ان تضع حدا لهذا التطاول لكن تكرار مثل هذه القرارات في اقل من اسبوع ، تجعل احتمال خوف الانقلابيين من انقلاب عسكري يطيح باللجنة الامنية للبشير وينحاز الي الشارع أكبر ، وإلا ما الذي يخشاه الجنرال ، الذي اصبح يتخلص من خيرة ضباطه !! لاشي سوى أن الرجل الآن يتحسس سلاحه طول الوقت تحسساً لا يشبه أي وقت قبله !! طيف أخير: التظاهر بعكس ما تشعر به أمر مرهق
صحيفة الجريدة