صلاح الدين عووضة يكتب : كذب الجبال !!
هو شمالي..
وبطل كلمتنا اليوم..
ونوبي من بلدة ملواد… ولكن اسمه جنوبي..
ولا أدري سر تسميته نفسه بهذه الصفة الجهوية التي توحي بجنوبنا الجميل..
ويتمتع بكل ما لدى أهلنا هناك من خصال اشتهروا بها..
فهو واضح… وصريح… وظريف؛ ويضفي على منبرنا الإلكتروني جواً مرحاً..
ولكنه اعتزلنا الآن؛ كما اعتزل واصل منبر الحسن البصري..
أو اعتزل مجلسه إثر خلافٍ فقهي معه..
فقال الحسن قولته الشهيرة: لقد اعتزلنا واصل..
ثم سُميت جماعته التي اتبعته – أي اتبعت واصل بن عطاء هذا – بالمعتزلة..
وسبب اعتزال جنوبي لمنبرنا الإلكتروني خلافٌ سياسي..
فهو ما زال يؤمن بقحت إيمان العجائز..
بينما تبدت لي – أنا – سوءات قحت هذه منذ أشهر حكمها الأولى؛ فاعتزلتها..
ومن سوءاتها هذه الكذب..
وإدعاؤها الزهد… والثورية… ونكران الذات… والانحياز إلى جانب الحق..
فما انحاز رموزها إلا إلى ذواتهم… وأحزابهم… وشهواتهم..
وكانوا كاذبين (كذب الجبال)… كما كانت تقول نساؤنا في زمنٍ مضى..
أو لعل كبيرات السن منهن يقلنها إلى يومنا هذا..
أو كما قالت والدة جنوبي الذي اعتزلنا هذا يوم حفل (حنَّته)..
وقد حكيت قصته هذه من قبل..
ومعنى العبارة هذه أنه كذبٌ في حجم الجبال..
ومن قبل – أيضاً – كنت محتاراً إزاء اسم أحد سائقي باصاتنا السفرية..
فاسمه عز الدين جنوبي..
ولكنه غير ذي صلة بالجنوب… ولا الشرق… ولا الغرب ؛ وإنما هو شمالي كجنوبي..
وسافرت معه ذات مرة… فحمدت الله على سلامة الوصول..
فهو يقود بسرعة جنونية تمنع الراكب من أن يغفو… أو يسرح… أو حتى يتشهد..
وكان ضحية هذه السرعة يمامة حاولت العبور من أمام البص..
فإذا بجنوبي يتألم لذلك… ويستغفر… وكأنه صدم إنساناً..
ولكن صديق صفحتنا الذي يحمل الاسم ذاته يقود تعليقاته بسرعة دون أن يصدم..
لا يصدم إلا نفسه… وبعض مسؤولينا الذين يصدمون الناس..
يصدمون مشاعرهم… ومعيشتهم… وإنسانيتهم… وجميل صبرهم على البلاء..
ثم – و يا للغرابة – يحبون دوماً أن يُحمدوا… بما لم يفعلوا..
يحبون الشكر حباً جما؛ مثل حبهم الكراسي… والأسفار… والظهور الإعلامي..
كان هذا قبل سقوطهم الحتمي… والمتوقع..
أما الآن – ومن منطلق عاطفةٍ كعاطفة سميِّه عز الدين جنوبي – بات يعطف عليهم..
ويعيب علينا مهاجمتهم دونما عطف..
وذات مرة صدم جنوبي نفسه صدمةً أضحكت المنبر كله..
صدمة كصدمة عز الدين جنوبي لليمامة..
فقد قص علينا قصة عن أمه… و(ما حكاها ليه زول) بما أن بطلها هو نفسه..
ويبدو أن أمه هذه ذاتها – عليها الرحمة – كانت ظريفة مثله..
فيوم حنَّته طفقت المغنية تغني… وتكذب..
ومما قالته في حبيبنا جنوبي هذا تملقاً (ما شرب السيجار… وما لعب القمار)..
وهو تملقٌ يستهدف (النقطة) بالطبع..
ثم قرَّبت المايك من فم والدته هذه لكي تزغرد… تأميناً..
فما كان منها إلا أن همست همساً غدا صياحاً مجلجلاً عبر مكبر الصوت..
وسمع كل من في الحفل عبارة (عاد كضب الجبال يا بتي)..
ويقول جنوبي بسخريته النوبية: وتم قذف العريس بنجاح… قذف من (أمه)..
ونحن كي نسترضي أخانا جنوبي فليس أمامنا سوى سبيلٍ واحد..
أن نشكر قحت هذه شكراً كبيراً… أكبر من الجبال..
نشكرها على أنها لم تقفز بالدولار من (70) جنيهاً إلى (450) في غمضة عين..
ونشكرها على تنفيذ وعودها كلها للشعب… وللثوار..
نشكرها على البرلمان… وعلى مفوضية الانتخابات… وعلى المحكمة الدستورية..
ونشكرها على إلغاء الدعم الذي كانت تهاجم الإنقاذ بسببه..
ونشكرها على زهدها في شهوات السلطة؛ وقد جسدته في رمزية حافلة القسم..
ونشكرها على عدم استهداف الصحافة… والصحافيين..
نشكرها على ذلكم كله – وأكثر – حتى يرجع جنوبي عن اعتزاله لمنبرنا هذا..
ولكنا نكون قد كذبنا – حينها – كذباً كبيراً..
كذب الجبال !!.
صحيفة الصيحة