مكي المغربي يكتب صباح مشرق ونقاش جميل
هو عنوان الرسالة التي جائتني من الأخ خالد حسن استمرارا في مناقشات حول مقالي “تجربة من الهند” والذي تحدثت فيه عن تطور الممارسة الدستورية والفيدرالية في الهند لتشمل ما يسمى بالأحزاب الولائية والمحلية والقومية.
خالد يتحدث مباشرة عن النقطة التي ذكرتها وكررتها أن الغرض ليس هو (نسخ – لصق) تجربة الهند إنما الإستفادة منها في تطوير الممارسة الحزبية والانتخابية في السودان.
وخالد يدلف مباشرة إلى الإقتباس من هذه التجربة واختصار الطريق وتأسيس نظام أهلي دستوري مشابه للملكية الدستورية في بريطانيا.
فيكون منصب ناظر القبيلة مثل الملك وهو من الأسرة التي تحتفظ ببيت النظارة تاريخيا، لكن يوجد منصب آخر بالإنتخاب أشبه برئيس الوزراء وهو منصب “وكيل القبيلة” و ليس “وكيل الناظر” ويتم الترشيح له واختياره بالتصويت الحر والمباشر من داخل النظام الأهلي وبدون سيطرة من الناظر ولا أسرته التاريخية فيتقدم الصفوف شخص من غمار الناس في القبيلة، من قرية بعيدة وصغيرة.
عودة للتجربة الفيدرالية الهندية في الممارسة الحزبية، تخيلوا لو كان هنالك إذن قانوني واضح للأحزاب السياسية الجهوية على أن تنحصر مشاركاتها في انتخابات المحلية أو رئيس المحلية، أو برلمان الولاية ووالي الولاية، ويجوز للحزب أو الحركة الجهوية بالتحول إلى حزب قومي بشروط ستلزمهم في النهاية بالتحالف مع كل الأحزاب الجهوية في كل الولايات وتوقيع ميثاق وتأسيس حزب قومي واسع وعريض لأنه لو لم يفز الحزب بنسبة 5% على الأقل بالأصوات في كل ولاية عليه أن يبقى في مستواه الولائي ولا يدعي القومية.
المهم، ننتظر زيارة الوفد من خبراء الدستور الهندي للشرح، أو نأمل مع القطاع الخاص السوداني والهندي دعم وتنظيم زيارة لرؤساء الأحزاب السودانية والناشطين وقادة الرأي العام للهند للتعرف اكثر على تجربة الأحزاب الفيدرالية.
وأكرر – في تونس مثلا – يتعاملون مع مصطلح جهة وجهوية مثلما نتعامل مع مصطلح ولاية أو منطقة. إذن المشكلة ليست في المصطلح إنما في التعامل.
أنا شخصيا من منطلقاتي “الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية”، أو ما يسميه الرئيس كاغامي “حلول ناشئة من داخل البيت”، ولكن هذا لا يلغي الإنفتاح على العالم، ومقصود هنا العالم كله وليس العالم الغربي.
الهند دولة تشبه السودان في كثير من الأشياء وعلاقتها بالسوان محمودة للغاية وتخلو من شبهة “فخ الديون” أو الأجندة الغربية.
الجدير بالذكر أن القوات الهندية حاربت مع الجيش السوداني (قوة دفاع السودان في ذلك الزمان) وحققت معه الإنتصار في الجبهة الشرقية في كرن.
ومما لا ينسى تاريخ البلدين الحديث في حقبة التحرير والسعي للإستقلال عندما كان وفد السودان بقيادة السيد اسماعيل الازهري في الهند وهم في طريقهم الى مؤتمر باندونغ ولم يكن السودان قد حاز إستقلاله بعد وهنالك رغبة من الرئيس عبد الناصر بقيادة ووفدي مصر والسودان وأن يكون السودان تحت العلم المصري.
رفض الأزهري ذلك، وتقدم الزعيم الأسطوري جواهر لال نهرو بالحل ورسم كلمة SUDAN على منديل وكانت أول علم مؤقت للسودان.
أقولها ولا أخفيها نحن في أفريقيا نحتاج إلى شركاء استراتيجيين وحسب معرفتي بما يدور في هذه القارة والإستعمار الجديد الغربي وفخ الديون الصيني والسيطرة الإستخبارية الروسية وغير ذلك، لا بد للسودان إستثمار علاقته المستقرة بالهند وألا يكون دولة مستوردة فقط، ولكن شريك تجاري واقتصادي وسياسي.
وفي انتظار رأي جمعية الصداقة السودانية الهندية حول الإستفادة من التجربة الهندية.
صحيفة الانتباهة