أبرز العناوينرأي ومقالات

الرئيس البرهان.. كيف يتخذ قراراته

الرئيس البرهان.. كيف يتخذ قراراته.؟.(1)
1
هل يعرف أحدكم كيف يصنع البرهان قراراته.؟لا أظن أن أحداً من العالمين يعرف كيف يتم ذلك، لا أود أن أكون مبالغاً لأقول “ولا حتى البرهان نفسه يعرف كيف يصنع القرار في دولته.!!.”
سؤال كيف يصنع القرار فى مؤسسة الرئاسة البرهانيه ألح علي في أكثر من منعطف وطفقت أسأل المقربين من دوائر القرار وبعض المتنفذين عن كيف يتخذ الرئيس البرهان قراراته، وعن ماهية المطبخ الذي يعد السياسات ثم ما هي الآليات التي يتخذ عبرها القرار. بمن وكيف يتخذ القرار؟. للحقيقة لم أجد جواباً شافياً لأسئلتي كلها همهمات ومعلومات مبعثرة لا تأكيد لها من أي طرف.
حاولت النظر لدور المؤسسات التي تساعد في اتخاذ القرار، تتبعت ثلاث دوائر. دائرة الأجهزة الأمنية ( الاستخبارات، جهاز المخابرات العامة)، دائرة دواوين الدولة الرسمية ووزاراتها ومؤسساتها. حاولت أيضاً أن أعرف من هم الرجال (حول الرئيس) ماذا يفعلون وما دورهم في اتخاذ القرارات التي يصدرها الرئيس البرهان. لنبدأ بالدوائر الأمنية.
2
تصل المعلومات لمكتب الرئيس من عدة مؤسسات أمنية أهمها الاستخبارات العسكرية والمخابرات العامة ولكن هذه التقارير والمعلومات بحكم المصادر التي تستقى منها قد تأتي متضاربة وتقديراتها غير شاملة للأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وهنا تطل المعضلة إذ انه حين تطلب تلك الجهات قراراً ما بحسب المعلومات التي قدمتها للرئيس ليس هنالك مؤسسة موحدة تصب عندها كل المعلومات لتتخذ القرار بناء على نظرة شاملة وليس بناء على التقارير والتقديرات الأمنية فقط. إذ أن القرار المفترض اتخاذه غالباً ما يكون له تأثيرات وتداعيات سياسية واقتصادية وعليه لا ينبغي للرئيس وحده اتخاذ قرار ما دون مشورة الجهات الأخرى التي لها صلة بذلك القرار. ولكن تصوروا أن ذلك لا يحدث!!. أسطع مثال على ذلك هو أخطر قرار أمني سياسي واستراتيجي وهو قرار لقاء الرئيس البرهان برئيس دولة الكيان الصهيونى نتنياهو في كمبالا. بعض الأجهزة الأمنية ليس لها صلة بذلك القرار ولم تعلم به إلا في اللحظات الأخيرة. أما وزارة الخارجية المعنية بالعلاقات الخارجية والدبلوماسية فلقد سمعت به من أجهزة الإعلام بعد أن تم، وشاهدت الصور في التلفزيونات. لهذا القرار أثار خطيرة سياسية واقتصادية وأمنية اتخذه الرئيس وحدة دون المؤسسات الأخرى وبعلم دول خارجية فقط. هذا يعني أن الرئيس يتخذ قراراته الخطيرة منفرداً دون أن يحسب ويتحسب لتداعياتها.!!. هذا قرار خطير ومفصلي، وللسودان ادعاءات عريضة وتاريخ في لاءاته الثلاثة يتخذ بهذه الأحادية والعشوائية فما بالك بالقرارات الأخرى الأقل شأناً؟!.
3
بعد أن تضع الأجهزة الأمنية تقاريرها أمام السيد الرئيس، من يعين الرئيس على التقدير السياسي والاقتصادي وعلى كل ما يترتب على قراراته؟. مثلاً حينما قرر الرئيس تصحيح مسار الثورة، أو الانقلاب عليها ماهي تلك الجهات التي وضعت التقديرات السياسية والاقتصادية لما يمكن أن يحدث بعد اتخاذ ذلك القرار.؟ الأجهزة الأمنية يمكن أن تضع تصوراتها لما يمكن أن يحدث في الشارع من ناحية أمنية ولكن التقدير السياسي والاقتصادي وكيف سيتفاعل العالم الخارجي مع ذلك وماهي الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة وكيف يجري التعامل معها، ومن هي تلك الجهات التي ستتولى الملف للتعامل مع كل التداعيات، ذلك شيء آخر فهناك حسابات معقدة بحاجة لمؤسسات راسخة لاتخاذ القرار وترجيح التقديرات. للأسف ليس هناك جهة أو جهات تقوم بتلك الحسابات السياسية الاقتصادية، فقط بناءً على معلومات وتقديرات الأجهزة الأمنية تم اتخاذ القرار الخطير، بل أن الرئيس البرهان وحده كان يعلم ساعة الصفر وهي لحظة إذاعة البيان!!. وليس غريباً أن يقول نائب الرئيس نفسه في لقاء (البي بي سي) الأسبوع الماضي أن التغيير فشل، وهو طبعاً لازم يفشل سعادتك، فلا عمل سياسي قبله ولا بعده ولا حسابات اقتصادية، إن إدارة الدول علم وفن، أعمق بكثير من العشوائية التي تدار بها دولتكم الآن ياسيادة النائب. ولي أن أسأل، هو شنو الاتعمل منذ 11 أبريل 2019 إلى الآن وما فشل.. سوى الإطاحة بالكيزان بقرار من لجنتهم الأمنية.؟!!.

*الرئيس البرهان.. كيف يتخذ قراراته.؟ (2)*
1
في الحلقة الأولى من هذا المقال، كنت أبحث عن المطبخ الذي يعد السياسات والآليات التي يتخذ عبرها القرار. بمَن وكيف؟. حاولت النظر لدور المؤسسات التي تساعد في اتخاذ القرار، تتبعت الدائرة الأولى وهي دائرة الأجهزة الأمنية (الاستخبارات وجهاز المخابرات العامة). اليوم ننظر في دائرة دواوين الدولة الرسمية ووزاراتها ومؤسساتها. لننظر اليوم في مؤسستين من أهم وأخطر المؤسسات بالدولة، هما المالية والخارجية. ولنبدأ بوزارة المالية والمؤسسات التابعة لها. ما هي علاقة مؤسسة الرئاسة بالقرارات التي تتخذ في المجال الإقتصادي. وماذا يجري في وزارة الخارجية.
هل يجري التشاور حولها أو هل هناك قطاع أو مكتب يعمل على دراستها وتقديم الخيارات للرئيس، وخاصة القرارات الكبيرة. أم أن وزارة المالية لها الحق أن تفعل ماتشاء بعيداً عن الرئاسة مهما كان حجم وخطورة القرار.
2
مثلاً، القرارات التي اتخذت في قضية التعامل مع روشتة ومطلوبات صندوق النقد الدولي، معلوم أن تلك القرارات اتخذها السيد حمدوك والبدوي وشلة المزرعة، هذه القرارات لها تداعيات اقتصادية وسياسية، هل كان للرئاسة أي وجهة نظر فيها؟. هل وضعت أي جهة أمامها أي خطط بديلة، مَن الذي أجرى الحساب السياسي لتداعيات تلك القرارات؟. إذا كانت الحرية والتغيير لا تعرف ولا توافق على السياسات التي يتخذها البدوي وحمدوك، فإنه من باب أولى أن الرئاسة بعيدة كل البعد عن القرار الإقتصادي، باعتبار أن الإقتصاد من اختصاص الحكومة المدنية بناءً على الوثيقة الدستورية، والعسكر خارج هذه الدائرة، وأن كل ما يليهم في الجانب الاقتصادي هو حماية مؤسساتهم الإقتصادية من تغوّل المدنيين. في هذا انصب كل جهدهم وانحصرت كل صراعاتهم. ما كان غريباً ولافتاً للنظر أن المدنيين قد تنازلوا من حقهم في القرار الاقتصادي إلى لجنة اقتصادية برئاسة العسكر (لجنة حميدتي).!!.
الآن القرار الاقتصادي يتخذه السيد جبريل وحده لاشريك له، والرئيس البرهان لا صلة له بأي قرار اقتصادي صغير أو خطير، إذ لا يوجد في القصر مستشار اقتصادي، والشخص الوحيد الذي له علاقة بالملف الاقتصادي من هو؟، إنه السيد إبراهيم جابر، ولكنه لا يتدخل في السياسات الكلية، طبعاً هذا بافتراض أن هناك سياسات أصلاً.!!. مثلا” إذا قررت وزارة المالية أن يستورد البنك الزراعي سماد من إيران الموسم المقبل، فإن الرئيس البرهان سيكون آخر من يعلم، ليس هناك جهة تدرس تبعات هذا القرار بالقصر الجمهوري. أقصد باختصار، ليس هناك جهة معتمدة وخبيرة في الشئون الاقتصادية تدرس القرارات الكبرى وتقدم للرئيس البرهان المشورة حول القرارات التي يتخذها القطاع الإقتصادي بكل دوائرة.
3
لنرَ ماذا يجري في السياسة الخارجية. بالقصر الآن هناك دبلوماسيون يفيض بهم القصر الجمهوري، وهم يشكّلون قطاعاً دبلوماسياً مكتمل الأركان، بل هم وزارة خارجية. على أن دبلوماسية القصر بعيدة كل البعد عن وزارة الخارجية، والقصر نفسه بعيد عن وزارة الخارجية. فوزيرة الخارجية السابقة دكتورة مريم كانت تفعل ماتشاء بالوزراة، تعين من تعين، وتفصل من تفصل، وتسافر وقتما تسافر، لا أحد يعلم شيئاً عن سياستها ولا سفرياتها.. والسيد الرئيس البرهان يسمع فقط أنها.. وأنها قابلت ورجعت، وقد يقرأ تقريراً دبلوماسياً حول المهمة التي سافرت بصددها.
من جهة أخرى فالرئيس البرهان ذات نفسه وجيش الدبلوماسيين بالقصر لهم سياسات خارجية أيضاً مختلفة. ولحميدتي سياسة مغايرة تماماً، كثيراً ما يسافر الرئيس البرهان لزيارة دولة ما، ووزراة الخارجية لا تعلم عن تلك الزيارة شيئاً، وحين زار نائب الرئيس السيد حميدتي قطر، كانت سفارتنا بالدوحة لا تعلم بوجوده أصلاً.
الدكتورة مريم الصادق شكت من أن العلاقات الخارجية مع دول الجوار الأفريقي لا تزال بيد الأجهزة الأمنية، هي التي تقرر فيها. فوضى تضرب الخارجية والسياسة الخارجية من رأسها لقدميها، نحن مع روسيا ضد أمريكا، أم مع روسيا في القواعد العسكرية والذهب، ومع أمريكا وإسرائيل في المبادرة الإبراهيمية، مع مصر في مياه النيل وضد أثيوبيا في الفشقة ومع الإمارات في تهريب الذهب وضدها في موانيء البحر الأحمر ومع أوروبا في محاربة الهجرة وضدها في سياسات الترويكا، نحن مع فرنسا في تشاد وضدها في أفريقيا الوسطى. هذه الفوضى التي تعم السياسة الخارجية سببها غياب مركز القرار الموحد للسياسة الخارجية، الرئيس يسبح في بحر هذه الفوضى الخارجية لأنه بلا أداة أو جهة لتخطيط وتنفيذ السياسة الخارجية.

الرئيس البرهان.. كيف يتخذ قراراته.؟.(3-3)
1
في الحلقتين السابقتين من هذا المقال حاولت النظر لدور المؤسسات التي تساعد في اتخاذ القرار، تتبعت الدائرة الأولى وهي دائرة الأجهزة الأمنية (الاستخبارات وجهاز المخابرات العامة)، ثم نظرت في وزارتي الخارجية والمالية واليوم ننظر في (رجال حول الرئيس)، من هم وماذا يفعلون وكيف يؤثرون في قرارات الرئيس؟. أقصد برجال حول الرئيس، تلك الشخصيات التي لها علاقات بالرئيس بشكل مستمر ودائم بسبب ارتباطات العمل اليومي، إو عبر التقارير أو اللقاءات المباشرة أو الاجتماعات أو الصداقات الممتدة.
2
لنترك الحديث الآن عن النائب السيد حميدتي لنهاية المقال، لنرى مَن مِن الرجال المؤثرين حول الرئيس الآن. هناك أربع شخصيات تتسنم مركز القرار في دولة البرهان وبينهما علاقات ممتدة ومعارف قديمة وبعضها يعود لرفقة الدفعة 31 وهي الدفعة التي هندست التغيير فى 11 أبريل 2019 ( البرهان /جلال الشيخ/ عمر زين العابدين/ ) .
أولى الشخصيات الجديرة بالاهتمام هو الفريق إبراهيم جابر وهو من الدفعة 34 ( البحرية). يمسك إبراهيم الآن بملف الاقتصاد تقريباً إلى جانب إشرافه على كل شركات واستثمارات الجيش، مايميزه أنه الشخصية الوحيدة التي تتمتع بثقة البرهان، والنائب حميدتي لأسباب معلومة. القرارات الإقتصادية التي تتخذ الآن تكاد تنحصر بينه وبين وزير المالية السيد جبريل إبراهيم. يتلقى الرئيس تنويره حول الإقتصاد من الأجهزة الأمنية وجابر وجبريل. يحدث ذلك في السياسات الكلية، أما السياسات التفصيلية غالباً مايسمع بها الرئيس من الإعلام (مثل قضية زيادة الدولار الجمركي التي تشتعل الآن). ليس هناك جهة مستقلة تدرس القرارات الاقتصادية وتقدم فيها توصيات للرئيس…الوحيد الذي له علاقة بالاقتصاد من رجال حول الرئيس هو السيد جابر وهو الذي يشكل قرار الرئيس.
3
هنالك شخصية لمع نجمها أيام الثورة الأولى وكانت هدفاً للتيارات اليسارية عموماً ولكنه آثر الصمت مؤخراً والعمل في إدارة الدولة دون ضجيج إعلامي. الفريق شمس الدين الكباشى ، هو الذي يباشر العمل التنفيذي الآن مع الوزراء ووكلاء الوزارات ويتخذ القرارات الروتينية المتعلقة بإدارة دولاب الدولة (ربنا ينعم عليه بالصحة والعافية)، بل هو الرئيس التنفيذي للدولة في غياب رئيس الوزراء. السيد كباشي يتمتع بكاريزما خاصة وعسكرية صارمة نال بها الإحترام بين رفقائه بالجيش والدفعة وهو أميرهم أكاديمياً وسياسياً، ولذا يجد دعماً متصلاً من الرئيس البرهان في كل القرارات التي يتخذها والتوصيات التي يرفعها.
4
الشخصية الثالثة هي الفريق ميرغني إدريس الذي يتمتع بعلاقة مميزة مع الرئيس برهان وهو من ذات الدفعة 31، حول ميرغني قصص كثيرة من أديس أبابا في التسعينات حين كان يعمل فى جهاز الأمن إلى قصة الحاويات الغامضة التي ذاعت قصتها ما بعد الثورة. هو الشخص الذي انتدبه البرهان فى 8 أكتوبر 2021 لزيارة لإسرائيل برفقة عبد الرحيم دقلو . يمسك الآن الفريق ميرغني الذي عمل سابقاً في التصنيع الحربى بمنظومة الصناعات الدفاعية وهي أهم مؤسسات الجيش على الإطلاق من حيث الموارد والتأثير. يتمتع ميرغني بعلاقات جيدة مع اليسار واليمين وخاصة بعد أن فارق القوم.!!. ميرغني الآن هو أقرب شخصية لعقل الرئيس وأذنه وقلبه ،أمامه أبواب الرئيس مفتوحة دائماً وهو يلعب أدواراً في تجسير الصلات مع المجتمع المدني وبعض السياسيين والرياضيين.
5
الشخصية الأخيرة هي السيد ياسر العطا، تكاثرت الملاحظات حول أداء السيد العطا وتعرضت شخصيته كمسئول قيادى لاختبارات كثيرة لم يوفق فيها بحيث لم يعد كثيرون ينظرون اليه كرجل دولة لم يعد له تأثير على الرئيس اة فى قرارات الدولة….!!.
6
المشكلة التي تواجه فريق الرجال حول الرئيس أنهم يعملون فرادى، إذ لا مؤسسة واحدة تجمعهم تنهض بالحساب السياسي الكلي للقرارات والسياسات التي تنوي الدولة اتخاذها، فأصبح هم كل واحد منهم هو إقناع الرئيس فقط بأهمية وجدوى قراره بغض النظر عن الآخرين أو تأثير ذلك القرار في مجمل الأوضاع في البلاد. هذا يفسر سر تردد الرئيس البرهان و تأخر قراراته، و تراجعه عن بعضها بعد اتخاذها( سفراء الخارجية مثلا)، ليس هناك عقل جمعي مركزي يحسب الجدوى الاقتصادية والسياسية للقرارات وتأثيرها وماهو متوقع أن ينتج عنها، وإذا غاب العقل المركزي لدولة ستصاب باضطراب عقلي و ارتعاش في الجسد، وقد تجن وتزيد في الجن … ويتعذر علاجها من بعد فلا تنفع فيها وصفة ثورية أو صوفية.!!.
7
لنأتي الآن للرجل الذي هو على صلة مباشرة بالرئيس البرهان أو يفترض كذلك، وهو النائب الفريق حميدتي. معلوم أن الرئيس ونائبه جمعتهما علاقات قديمة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، والصدفة وحدها جمعت بينهما في رئاسة الدولة. هناك إحساس عام بأن الرجلين ليسا منسجمين في إدارة الدولة، وأغلب التصريحات التي تصدر من السيد النائب توحي بتباعد التقديرات في كثير من القضايا، فتصريحات النائب دائماً تشي بأن الدولة فاشلة وأن القيادة (ما كاربة قاشه)، وتكررت كلمة فشلنا هذه قبل الانقلاب وبعده وإلى الأمس القريب في لقاء البي بي سي. يبدو أن غضب النائب ناتج من الطريقة التي يتخذ بها الرئيس البرهان قراراته ولا أحد يعلم بأي قدر يساهم حميدتي في القرار السياسي وكيف.. ما هي الآليات؟.
القرار الاقتصادي من ناحية رسمية (شكلية) لحميدتي فهو رئيس اللجنة الاقتصادية ولكن من ناحية عملية القرار يتخذ من جهات أخرى، خاصة بعد صعود جبريل إلى وزارة المالية إضافة إلى جابر بالقصر.
عدم وجود آلية واضحة ومحددة مؤسسياً لاتخاذ القرار السياسي قبل وبعد اتفاق جوبا هو ما سبب كثيراً من الزعازع والإشاعات، والصورة التي رسمتها الميديا لعلاقات الدعم السريع مع الخارج تشي بأن هنالك دولة داخل دولة أو أن الدولة تدار من مركزين متباينين وبسياسات متضاربة او متباعدة. وهناك ما يشير لصحة هذا الهمس العلني الذي يدور في أروقة المدينة. أنظر لتقديراتهما في السياسة الخارجية.. في معارك الفشقة ابتعد الدعم السريع ولم ير الناس له دعماً للجيش حتى على سبيل التصريحات.. بدا للناس أن للنائب رأي آخر وخاصة بعد أن زار الرئيس البرهان منطقة العمليات في الفشقة أكثر من مرة بينما امتنع النائب عن مثل ذلك الدعم المعنوي. كذلك في موضوع العلاقة مع روسيا، يظهر هنا ان للدعم السريع سياسة تجارية وعسكرية متطورة و متنامية ومنفردة تجاه روسيا لدرجة ان الوفود الروسية تذهب من مطار الخرطوم مباشرة لغرب السودان لمقابلة السيد النائب ، بينما سياسة الرئيس البرهان مترددة تنظر لمصالحها وتخشى للضغوط الدولية والإقليمية. باختصار بدا أن هنالك دولتان داخل دولة البرهان، لكل منهما سياساتها وتحالفاتها الاقتصادية وعلاقاتها الدولية، وفي ظل وجود دولة برأسين لا يمكن السؤال عن مركز قرار موحد أو مؤسسات متناغمة تتخذ القرارات.؟.ويل لدولة هشة برأسين في أزمنة الانتقال المتداعي!.!!.

عادل الباز

عادل الباز
عادل الباز