حيدر المكاشفي

حيدر المكاشفي يكتب: مبادرة عبد الفتاح الخال

وتسألني مين عبد الفتاح دا، أقولك هو أنا عارف ما ضروري، في واحد اسمه عبد الفتاح الخال بيفكر في طرح مبادرة جديدة بعد مبادرة الطيب الجد، وربما أيضاً يكون عبد الجبار العم، يعكف هذه الايام على اعداد مبادرة تحمل اسمه، طالما ان مزاد المبادرات ما زال مفتوحا، وبين فينة وأخرى تسمع بمبادرة جديدة، فتدافع سيل المبادرات حتى فاضت البلاد بها وكادت ان تغرقها، واحسب عندك..مبادرة يونيتامس التي اعلنها رئيسها فولكر بيرتس..مبادرة الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا المعروفة اختصارا ب(إيغاد) التي قالت انها معنية بتسهيل الحوار بين كل الأطراف لإيجاد حل جذري للأزمة السودانية.. مبادرة الاتحاد الافريقي التي قدمها عبر مبعوثه بانكولي اديوي، مفوض السلم والامن بالاتحاد الافريقي وقال انها تتعلق برؤية الاتحاد الإفريقي حول التطورات السياسية وسبل الخروج من الأزمة السودانية..كانت كل جهة من تلك الجهات الثلاث تطرح مبادرة تخصها، قبل ان تندمج لاحقا في مبادرة واحدة عرفت باسم مبادرة الآلية الثلاثية..مبادرة دولة جنوب السودان..مبادرة مدراء الجامعات السودانية..مبادرة اساتذة جامعة الخرطوم..خارطة طريق حزب الأمة لاسترداد الشرعية وإكمال المسار الانتقالي..مبادرة الجبهة الثورية التي اعلنتها في بيانها الختامي لمؤتمرها التداولي الأول الذي عقدته في مدينة الروصيرص باقليم النيل الأزرق..مبادرة مالك عقار التي طرحها بعد مبادرة الجبهة الثورية رغم انه عضو مؤسس وقيادي بالجبهة الثورية ولكن يبدو انه آثر ان يستقل بمبادرته الخاصة على نهج (مافيش مبادر احسن من مبادر).. واخيرا وليس آخرا مبادرة الطيب الجد.. هذا اذا لم تسقط من الذاكرة احدى المبادرات..وبعد كل هذه الهلمة والزيطة والزمبريطة من المبادرات التي نافست قرع ود العباس الذي يقول عنه المثل (عشرة بي قرش ومية هوادة)، فهل يستبعد احدكم أو يستنكر ان يطرح عبد الفتاح الخال مبادرة جديدة.. هذا الكم الكبير من المبادرات المطروحة لانتشال البلاد من جحر الضب الخرب الذي ادخلها فيه الانقلاب، يعيد للذاكرة السيل العرمرم من المبادرات التي طرحت داخليا وخارجيا ابان النظام البائد لوضع حد لأزمة حرب الجنوب، حتى سمي السودان ب(سلة مبادرات العالم)، وكانت البلاد وقتها تقف على حافة الهاوية، وكانت تعيش حالة احتقان وانسداد سياسي مع استمرار الوضع الاقتصادي والمعيشي المزري، واشتعال حرب الجنوب التي زادها اشتعالا اضفاء النظام المخلوع عليها صبغة دينية جهادية، الى ان حسمت نيفاشا بما لها وما عليها الأمر..وما أشبه ليلة انقلاب 25 اكتوبر ببارحة النظام المخلوع، فالبلاد الان تعيش أوضاع اللادولة بكل المقاييس، وتعاني من ضائقة معيشية فوق الاحتمال وانهيار كامل وشيك للاقتصاد، وانفراط عقد الامن وفوضى ضاربة في كل شئ، وعزيمة الثوار المتظاهرين لا تكل ولا تمل لاسقاط الانقلاب وأصبحوا لا يكترثون للعنف الذي تواجههم به سلطات الانقلاب. وخطورة ذلك على البلاد أن يؤدي هذا إلى المزيد من العنف وتوسع المظاهرات والمزيد من الاحتقان السياسي الذي يؤثر حتما على مناخ الاستثمار في البلاد، والمزيد من التردي الاقتصادي والمعيشي وربما يؤدي إلى تدخل خارجي غير محمود، والسؤال المطروح الان بقوة ما هو الحل المناسب لما يجري في البلاد التي تقف الآن على حافة الهاوية أو لنقل في مفترق طرق، أحدها يسير بها في طريق السلامة والسلام والأمن والاستقرار والعدالة والحرية والديمقراطية والدولة المدنية، بما يمكنها من تجاوز هذه الحالة الاقتصادية المزرية الراهنة، والطريق الآخر يسير بنا نحو الفوضى والمزيد من الصراعات والشتات وانفراط الأمن، والمزيد من المعاناة المعيشية والانهيار الكامل لاقتصادنا..والحل ببساطة لابد ان يستهدف أولا جذر الأزمة، وجذر الأزمة هو الانقلاب وايما مبادرة لا تستهدف ذلك تبقى بلا معنى ولا قيمة ولا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به..

صحيفة الجريدة