حيدر المكاشفي يكتب: زيادات الوقود..الشركات تقرر والحكومة تنفذ
فرضت الحكومة الانقلابية زيادة جديدة كانت متوقعة منها على أسعار المحروقات (بنزين وجازولين)، وقضت الزيادة الجديدة التي طبقتها فعليا محطات الوقود منذ السبت برفع سعر جالون البنزين الى (3492) الف جنيه، ورفع سعر جالون الجازولين الى (3366) جنيهاً، ويشار الى ان اجتماعا استبق اعلان هذه الزيادة المفجعة، كان قد انعقد بين جهات الاختصاص الحكومية والشركات المستوردة للوقود، للتداول حول المقترح المقدم من الشركات بزيادة اسعار المحروقات في السوق المحلي، وباقرار الزيادة المذكورة يتأكد استجابة الحكومة لمقترح الشركات الخاصة، واللافت للنظر ان هذه الزيادة التي تعد الرابعة في غضون ثلاثة أشهر، تأتي في ظل انخفاض أسعار النفط عالمياً، وكان المفترض تبعا لذلك ان تنخفض اسعار الوقود بالسوق المحلي أو على الأقل ان تحافظ على سعرها السابق، ولكن لأن الاحوال في السودان انقلبت رأساً على عقب بعد الانقلاب، صار الانقلابيون يفعلون ما يريدون بلا رقيب ولا حسيب، ولهذا عمدوا لزيادة اسعار الوقود ذات العائد السريع والمضمون لمقابلة العجز المالي الكبير الذي تعانيه حكومتهم الانقلابية.. بهذه الزيادة الجديدة لأسعار الوقود، ستتعقد وتتأزم أحوال الناس على ماهي عليه من تعقيد وتأزم، ذلك لأن زيادة أسعار الوقود تنسحب تلقائيا على أسعار كل شئ، وستضاعف من المصاعب الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها البلاد، فهذه الزيادات ستؤدي بالنتيجة الى ارتفاع كبير وجديد في كل السلع وكل الخدمات، وينذر كل هذا الوضع القاتم ايضا بقطوعات للكهرباء لساعات طويلة، بل بدأت بالفعل هذه القطوعات، ويواجه المستهلكون صعوبة كبيرة في التأقلم مع الأسعار بتسارع وتيرة رفع أسعار الوقود بين الفينة والاخرى، في الوقت الذي ما تزال فيه حكومة الانقلاب تفرض رسومها الثلاث على الوقود،17% و3% للجمارك و2% لوزارة الطاقة والنفط، بينما يعاني المواطنون من صعوبات معيشية بالغة بفعل انهيار سعر صرف الجنيه والغلاء المتواصل، ويزيد طين المعاناة بلة أن رفع أسعار الوقود بهذه النسبة العالية وفي أوقات متقاربة ستكون له انعكاسات كارثية على المستهلك العادي، خاصة أن أكثر من 60% من السودانيين يعيشون حاليا تحت خط الفقر، وفق البيانات الرسمية، فزيادة أسعار الوقود تنعكس بشكل مباشر على تكلفة النقل، وبالتالي أسعار السلع والخدمات الأساسية، كما ان هذه الزيادة الضخمة في أسعار الوقود ستضاعف التكاليف الإنتاجية للسلع والخدمات، وستؤدي إلى انهيار كبير في العديد من القطاعات، ومن ثم زيادة معدلات البطالة واتساع قاعدة الفقر بالبلاد وتمزيق الوضع الاجتماعي بشكل أكبر، ويتمثل أثرها الأخطر في رفع معدلات التضخم بسبب ارتفاع التكاليف الإنتاجية والخدمية، وينذر بعض المحللين الاقتصاديين بأن زيادة أسعار الوقود ستتواصل حتى لو تراجعت عالميا، ويعزون ذلك لسماح الحكومة للشركات الخاصة باستيراد الوقود من الخارج، علما بأن هذه الشركات لتمويل عمليات استيرادها الوقود، تشتري العملات الأجنبية من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، بينما يدفع المواطنون في النهاية ثمن هذه الموجات المتصاعدة من الغلاء، حيث باتت أسعار المواد الغذائية كمثال تشهد ارتفاعات كبيرة ومتوالية، وأثرت بشكل سلبي واضح على القوة الشرائية للمواطنين، مما قلل واضعف كثيرا قدرتهم الشرائية خصوصا الشرائح الضعيفة..وليس من متسبب في كل هذا العناء والشقاء المتمدد سوى الانقلاب المشؤوم..
صحيفة الجريدة