جراح الوطن تنزف في النيل الأزرق
ما فتئت جراح الوطن وأحزانه تزداد و تتعمق يوماً بعد يوم و تتسع على الراتق ، فما إن وقف نزيف الدم في غرب دارفور قبل أسابيع قليلة !! حتى سالت شلالاته في المنطقة الشرقية بجنوب كردفان !! و قبل أن تجف هناك ها هي تنزف هذه المرة في النيل الأزرق ، حيث حملت أنباء اليوم أن قتالاً عنيفاً قد وقع بين مجموعتين قبليتين أودى حسب التقارير حتى الآن بحياة 14 شخصاً و إصابة العشرات !!
القاسم المشترك بين كل هذه الصراعات و الإقتتال الذي شهدته أنحاء البلاد المختلفة خلال السنوات الثلاث الأخيرة بدءاً من القضارف و البحر الأحمر و كسلا و مروراً بغرب دارفور و جنوبها و شمال و جنوب كردفان ثم اليوم في النيل الأزرق القاسم المشترك بينها أنها جميعاً وقعت بين مجموعات قبلية متجاورة و متعايشة و متصاهرة منذ عقود طويلة !!
و للأسف مرت جميع الأحداث السابقة دون أن يعرف الرأي العام نتائج تحقيقات اللجان التي يتم تشكيلها في كل مرة !! و لم نسمع بأي إجراءات إستباقية من قبل السلطات رغم توفر المعلومات و الإرهاصات !! بل دائماً تأتي التحركات بعد وقوع ( الفاس في الراس ) !!
وللأسف كادت مثل هذه الأخبار أن تكون عادية يتقبلها الناس دون أن تحرك فيهم ساكناً !!
لا يساورني أدنى شك بأن ما يحدث هو عمل مخطط و مدروس تقف من خلفه جهات داخلية ( عميلة ) و مخابرات أجنبية ( خبيثة ) يهدف لجر البلاد إلى حروب أهلية و تمزيقها و إسقاط الدولة تمهيداً لتقسيمها إلى عدة دويلات على غرار تجربة ( منطقة البلقان ) و ( يوغسلافيا )!!
ما حدث اليوم في منطقة النيل الأزرق و ربما تستمر تداعياته لفترة من الوقت يتزامن مع الموسم الزراعي في منطقة تعتبر أحد صمامات الأمان لإنتاج الغذاء و محصولات الصادر في السودان الأمر الذي يلقي بمزيد من الظلال و الشكوك !!
يا قادة البلاد ( حكام العهد الإنتقالي ) ، و يا ساسة ، و يا أجهزة ( المخابرات العامة – الإستخبارات العسكرية – المباحث الفيدرالية ) لقد أصبحت البلاد مرتعاً خصباً لكل من يريد أن يعبث بأمننا القومي !! فماذا تنتظرون ؟ أفيقوا من سباتكم !!
أخشى أن يأتي علينا يوم قريب نبكي فيه وطناً لن نجده !!
يا أهلنا في جميع أنحاء السودان أصلحوا ذات بينكم و عظموا حرمة الدماء و أتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة .
( ألا هل بلغت اللهم فاشهد )
السفير / حاج ماجد سوار