إعفاء المدنيين من السيادي .. بداية ونهاية مرحلة
مثلما كان قرار الانسحاب من الحوار السياسي الذي تشرف عليه الآلية الثلاثية اتبعه البرهان بإعفاء أعضاء مجلس السيادة المدنيين من مناصبهم والإبقاء على الأعضاء من حركات الكفاح المسلح الذين جاءوا وفق اتفاقية سلام جوبا. ومثلما أحدث القرار ردود فعل واسعة وسط القوى السياسية ما بين مشكك ومؤيد فإن قرار البرهان بإعفاء المدنيين الخمسة في المجلس السيادي يعضد الاتجاه الذي يدعو إلى الحوار بين المكوِّنات السياسية كذلك الاتجاه الذي دعا له البرهان بأن المجلس السيادي سيكون مدنياً وأن الجيش سيكون في المجلس الأعلى للأمن والدفاع.
أمر الإعفاء
القرار أعفى كل من رجاء نيكولا وأبو القاسم برطم وسلمى عبد الجبار وجاد كريم وعبد الباقي عبد القادر، وقالت مصادر: إن الفريق أول البرهان اجتمع مع الأعضاء المقالين قبل إلقائه خطاب الأخير وأخبرهم بأمر الإعفاء، وأضاف المصدر أن البرهان شكر أعضاء مجلس السيادة المقالين على فترتهم التي عملوا بها في القصر الجمهوري وامتدح قبولهم التكليف في هذه الفترة الحرجة, وأخبرهم البرهان أن خطوة الإعفاء تمهيداً لإجراء الحوار للوصول إلى توافق وتراضٍ وطني ويكمِّل مسار الانتقال والتحوُّل الديمقراطي وصولاً لقيام انتخابات .
جدية القرار
وفي أول تعليق له بعد القرار أكد عضو مجلس السيادي أبو القاسم برطم، دعمه للقرار، وقال وفقاً للوطن (تي في): ندعم قرار الإعفاء بشدة والخطوة تعبِّر عن جدية قرار رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ويبدو من حديث برطم أن أعضاء السيادي من المدنيين لم يتفاجأوا بالقرار وربما كانوا على علم به، بل طلبوا من البرهان أن يعفيهم حتى يفسحوا المجال للحوار والاختيار من ينوب عنهم. وأكد مصدر أن أعضاء السيادي من المدنيين شاركوا في الحوارات التي جرت خلال الفترة الماضية وأنهم على علم بخطورة الوضع الحالي وما يتطلبه من تنازلات.
الحيطة القصيرة
تساءل البعض عن خطوة إعفاء أعضاء المجلس السيادي وإلى أي مدى يمكن أن تكون تمهيداً لخطوات أخرى, يرى المحلَّل السياسي إبراهيم آدم إسماعيل أن القرار هو إجراء استبق به البرهان تكهنات القوى السياسية في حديثه, كذلك وإعطاء الفرصة للحوار والاتفاق على أعضاء جدد إذا اتفق الناس على ذلك في الحوار السياسي, وقال لـ(الصيحة): إن الفريق البرهان يريد أن يؤكد جديته في الخطوة التي تحدث عنها بالخروج كلية عن المشهد السياسي, بغية إفساح المجال للقوى السياسية أن تناقش بحرية بعيداً عن المكوِّن العسكري الذي ينتظر نتائج حوارتها في تشكيل حكومة تكنوقراط كفاءات حتى يقوم بحل المجلس السيادي. ولكن إسماعيل، أعاب على القرار بأنه تعجَّل إصداره وكان بالإمكان انتظار نتائج الحوار ويتم حل المجلس السيادي كله بما فيهم الحركات ليتم تشكيله من جديد مع احتفاظ حركات الكفاح المسلحة بنفس حصصهم في المجلس، كذلك يمكنه تسمية نفس الشخوص في المواقع ذاتها. وقال كأنما القرار يرمي بالمكوِّن المدني هو الحيطة المايلة للسياسيين والعسكريين على حدٍ سواء.
مناخ الحوار
وفي السياق قال القيادي بالحزب الشيوعي، د .صدقي كبلو: إن إعفاء مدنيي المجلس السيادي أمس، يؤكد ما ذهب إليه الحزب الشيوعي بأن خطاب البرهان تعبير عن تسوية دارت أثناء وبعد لقاء قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بالمكوِّن العسكري . وأوضح كبلو لـ(سودان لايت) أن حل وإعفاء المدنيين من مجلس السيادة هي إحدى شروط قوى الحرية والتغيير لتهيئة مناخ الحوار عند لقائها بالمكوِّن العسكري. وتوقع صدور عدد من القرارات خلال الأيام المقبلة كجزء من التسوية وتحفيز للجلوس للحوار مجدَّداً، ونوَّه إلى أن تكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة يضع قوى الحرية والتغيير في مطب حقيقي، لأن المجلس يعتبر أعلى سلطة في البلاد وهذا غير متفق عليه أثناء اللقاء. مُشيراً إلى أن مطلب (قحت) هو تكوين مجلس الأمن والدفاع يرأسه رئيس مجلس الوزراء وينوبه وزير الدفاع.
الطريق الصحيح
إلى ذلك أعتبر مراقبون أن إبعاد المكوِّن العسكري والمدني عن عملية الحوار بداية نحو الطريق الصحيح لحل الأزمة التي يمر بها السودان وشدَّدوا على ضرورة أن تستشعر الأحزاب السياسية مسؤوليتها وتنتهز الفرصة بعد أن قدَّم الجيش تنازلات حقيقية بعدم التدُّخل في المشهد السياسي. وقال المحلِّل السياسي عبد الله آدم خاطر: إن ابتعاد القوات المسلحة عن عملية الحوار بداية جيِّدة في الطريق الصحيح بعيداً عن مايمكن أن ينتظر البرهان من مصير. وأضاف خاطر: جيِّد أن تنأى القوات المسلحة بنفسها عن حوار يدخلها في مأزق، خصوصاً وأن القوات المسلحة السودانية معروفة بتاريخها المميَّز. وشدَّد على ضرورة أن تستشعر القوى السياسية والمدنية مسؤوليتها التاريخية وتمضي إلى الأمام وتكون على قدر المسؤولية. بدوره عزا المحلِّل السياسي حسن شايب دنقس، طبقاً لـ(سودان لايت) عدم مشاركة الجيش في الحوار الوطني جاء نتيجة للمتغيِّرات في الساحة السياسية خاصة بعد دعوات لجان المقاومة الاعتصام في العاصمة الخرطوم. وأوضح دنقس، أن ما جاء في خطاب البرهان إيجابي إذ أنه قدَّم تنازلات حقيقية بعدم التدخل في المشهد السياسي نتيجة لضغط الشارع. وقال: التحدي الأكبر يتمثَّل في القوى السياسية لالتقاطها قفاز مبادرة البرهان. مشيراً إلى ذكاء البرهان بتعامله مع المشهد الذي كان يمكن أن يؤدي لمواجهات مباشرة بين الثائرين والقوات النظامية نسبة لانسداد الأفق السياسي.
الخرطوم: صلاح مختار
صحيفة الصيحة