استشارات و فتاوي

فضل يوم عرفة والأعمال المستحبة فيه

يوم عرفة، هو التاسع من شهر ذي الحجة، ورد في صيامه العديد من الأحاديث النبوية ويستحب صومه لغير الحاج باتفاق الفقهاء. وهو أحد أهم مناسك الحج لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه «الحج عرفة»، ويتنافس المسلمون فيما بينهم في الطاعات من أجل الظفر برضى الله، عز وجل.

حكم صيام “يوم عرفة”

صيام يوم عرفة سنة، حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم العشر من ذي الحجة ولا يدع صيامه، وقالت عائشة: (ما من السَنة يوم أحب إليّ أن أصومه من يوم عرفة)، أمّا عن سبب تسمية يوم عرفة بهذا الاسم فتعود لما يلي:

لتعارف الناس على بعضهم عند الوقوف بعرفة.

لأنّ آدم وحواء تقابلا في ذلك المكان لمّا هبطا من الجنة، فعرف بعضهم الآخر.

لأنّ إبراهيم -عليه السلام- قال لجبريل -عليه السلام- عندما سأله وهو يريه المناسك: (أعرفت؟ فقال: نعم، عرفت).

فضل “يوم عرفة”

لو لم يكن إلا يوم عرفة في العشر من ذي الحجة لكفى بذلك نعمة؛ لأنّه: أحد أشهر الحرم وأشهر الحج، ويكون ذلك في ذي الحجة.

أحد الأيام المعلومات التي أثنى الله عليها، وهي العشر من ذي الحجة.

أحد الأيام العشر المفضلة عن أيام السنة في عملها، والتي أقسم الله بها في كتابه العزيز: (وليال عشر).

أتمّ الله فيه نعمته على عباده بإكمال دين الإسلام.

عيد الحجاج لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب).

أعظم ركن في الحج، فالحج عرفة.

الوتر، حيث أقسم الله به: (والشفع والوتر).

أفضل الأيام في السنة، وهو اليوم المشهود.

يوم تجتمع فيه جميع أنواع العبادة.

يوم المباهاة ومغفرة الذنوب والعتق من النار، لقوله -صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم ملائكته)، فدل ذلك أن الله غفر لهم حيث لا يباهي بأصحاب الذنوب إلّا بعد توبتهم، وقال ابن رجب: (إنّ العتقَ من النار يكون لكافة المسلمين).

كيف نستقبل “يوم عرفة”

يجب على كل مسلم الحرص على العمل الصالح في الأيام العشر من ذي الحجة، وخاصة في يوم عرفة؛ لأنّها أحب وأفضل عند الله من غيرها، بحيث يكون أجر العمل مضاعفاً عمّا في غيره من أيام السنة، وكذلك أجر صاحب العمل في هذه الأيام أفضل عند الله من المجاهد في سبيله، وذلك من خلال:

صدق التوبة والرجوع إلى الله.

الحرص على الطاعات، والبعد عن أسباب عدم القبول والمغفرة من الله، مثل: المعاصي، والذنوب.

الإصرار والعزيمة على اغتنامه، والحرص على نيل أجره

أفضل الأعمال في يوم عرفة

الصلاة من أكثر الأعمال فضلاً، وذلك بالحرص على أدائها في وقتها ومع الجماعة والتبكير إليها، والإكثار من السنن مع كثرة السجود، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (عليك بكثرة السجود، فإنّك لن تسجد لله سجدة إلّا رفعك الله بها درجة، وحط عنك خطيئة).

التكبير: حيث يستحب الجهر بالتكبير مع رفع الصوت، ومن السنة التكبير بشكل فردي، فلم يرد التكبير بشكل جماعي عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أو أحد من السلف الصالح، حيث قسّم العلماء التكبير إلى قسمين:

التكبير المقيد: ويكون بعد الصلوات الخمس المفروضة، حيث يبدأ بعد صلاة فجر يوم عرفة.

التكبير المطلق: يكون في أي وقت بشكل فردي، حيث يبدأ في الأول من ذي الحجة.

الصيام

هو من أفضل الأعمال، وفضل الصيام فيه له أجر عظيم، خاصة أن أجر الصيام على الله، حيث يكفر فيه ذنوب سنتين، فعلى المسلم إذا لم يستطع صيام التسعة أيام من ذي الحجة، أن ينوي على الأقل صيام هذا اليوم، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده)، وقال: (ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلّا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً)، وقال النووي: (صيام الأيام العشر مستحب بشدة)، ومن السنة عدم صيام الحاج ليوم عرفة؛ لأنه عيد لهم؛ حيث نهى -عليه الصلاة والسلام- عن صومه، وقال الشافعي: (ترك صوم عرفة للحاج أحبّ إليّ من صوم يوم عرفة).

الدعاء رجاء الإجابة، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)، والإكثار من دعاء العتق من النار، حيث كان على بن أبي طالب يقول: (اللهم اعتق رقبتي من النار)، وقال النووي: (أفضل أيام السنة للدعاء هو يوم عرفة)، والراجح أنّ الدعاء يوم عرفة عام وليس خاص بمن كان في عرفة؛ لأن الفضل خاص باليوم وليس بالمكان، ويميز من كان في عرفة أنه قد جمع بين فضل المكان والزمان. المداومة على الأذكار، خاصة الباقيات الصالحات: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر).

حفظ الحواس عن الحرام، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (يوم عرفة، هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غُفر له).

التلبية وإفراد الله بالعبودية، وطلب العون والاستغاثة منه. الخشية من الله، والندم على التقصير في طاعته.

أعظم الذكر بعد تلاوة القرآن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار. الصلاة على النبي، وصلة الرحم وبر الوالدين. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. البعد عن المشاكل والكراهية، وإصلاح النفوس.

الحجاج في “يوم عرفة”

يكون الحجاج في منى التي تبعد عن مكة 7 كم، فبعد طلوع شمس اليوم التاسع من ذي الحجة يتوجهوا إلى عرفة، ويقضون النهار كله حتى غروب الشمس.

يستحب التلبية والتكبير من منًى إلى عرفات: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).

تعجيل الذهاب إلى الوقوف بعرفة، فهو ركن أساسي لا يصح الحج بدونه.

من السنة للحاج استقبال الحاج للكعبة في الوقوف بعرفة.

يستحب الوضوء للحاج حتى يشهد المناسكَ، خاصة في الوقوف بعرفة، وإذا كان غير طاهر فلا حرج، لقول ابن قدامة: (لا يشترط الطهارة ولا استقبال القبلة ولا نية للوقوف بعرفة ولا نعلم لذلك خلافاً). يُسنّ للحاج الصلاة في مسجد نمرة.

يقوم الحاج في هذا اليوم بأداء المناسك والطواف والأضحية وذبح الهدي والذكر والدعاء.

الاستعداد لصوم يوم عرفة استحضار النية ابتغاء رضا الله. النوم مبكراً ليلة عرفة؛ للاستيقاظ قبل الفجر للسحور.

الصيام عن الشهوات وأعراض الناس. الحفاظ على أداء الصلوات الخمس في المسجد جماعة، مع التبكير إليها. قراءة أذكار الصباح بعد صلاة الفجر، ثم تلاوة القرآن، مع تجديد النية والعزم على ختمه.

البقاء في المسجد بعيداً عن مشاغل الدنيا وشهواتها؛ بُغية التقرب إلى الله وطاعته. قراءة أذكار المساء، والدعاء قبل أذان المغرب وعند الفطور.

صحيفة البيان