عادل عسوم يكتب: تعليق على كلام الدقير
استمعت للباشمهندس عمر الدقير الذي سبق لي ان رشحته رئيسا للوزراء في البدايات عندما حاد القحاتة عن مسألة الاختيار للكفاءات وجعلوها اختيارات (عضود) غير مؤسسة على تأهيل ولا خبرة، ولم ازل عند رأيي بأن الرجل من اكثر القحاتة تأهيلا وكاريزما، ولعله اكثرهم قدرة على التعاطي مع فسيسفساء الوجود السياسي السوداني على اتساعه برحابة صدر دون العديد من الصارخين، لكنني احبطت حقا عندما استمعت لحديثه الأخير.
للأسف (صديقي) الدقير رجل سفسطائي ومتناقض أحايين، وقد لاينتبه لذلك خاصة عندما (ينشغل) بتخير الالفاظ والسياقات الأدبية البراقة خلال حديثه، مما يجعل لحمة السبك السياسي تتميع وتنفلت، وتنفرط سبحة الضبط للمرادات عنده.
احيلكم إلى كلامه عن القيادات السياسية القديمة التي ذكرها (ايجابا) وقارنوا ذلك بالذي اعتاد قوله -باسم حزبه- توصيفا للمتظاهرين من الشباب،
وبالمناسبة لعل من اول الذين ذكروا مسمى (الجيل الراكب الراس) هو الدقير، وكل من يتابعه يتذكر كلامه وتغزله في المتاريس ثم تلعثمه عندما سئل عن تتريس أهلنا في الشرق خلال ابتدارات الناظر ترك.
ولعل اكثر النقاط حوجة للملاحظة
حديثه عن الجيش، وحديث الدقير وسواه من أهل قحت (المركزي) دوما عن الجيش تجده منبت ومؤسس على عاطفة التمترس السياسي دون أي جهد منهم لمقارنة حال الجيش عندنا – من حيث التراتبية والتماسك العسكري ووحدة الرؤية – مع سواه من الجيوش. للدول المحيطة بنا، اذ يعد الجيش السوداني بناء على العديد من شهادات أهل الشأن العسكري احد اكثر الجيوس تماسكا وتدريبا وتسليحا (ذاتيا) في افريقيا والعالم العربي حاليا، وليس فيه نشاذ في اتخاذ قرار كما هو الحال في المؤسسة العسكرية في لبنان أوالعراق أوليبيا أوالصومال مثلا.
وامثال الدقير وغيره ممن يتحدثون عن الجيش سلبا اجدهم اشبه بمشجعي كرة القدم في المساطب الجانبية حيث يرى بعضهم بأنه أعرف وأصوب في احكامه من الحكم ورجال الخط. للأسف ان قياداتنا السياسية الحالية تعيش في ابراج عاجية للهالة التي يحيطه بها اعضاء الحزب وكسير التلج، ولان ذهب أحدهم إلى السوق العربي فلن تجده يكلف نفسه التدقيق في وجوه (بل ولغة) الفراشة الجدد الذين انتشروا في ردهات السوق وماحول عمارة الدهب وبجوار الجامع الكبير!.
ألم يفكر الدقير وسواه مرة بأن هذا المشهد وتلك الصورة التي يراها؛ أعمق من ظاهرها؟!
ألم يفكر بأنها قد تكون نتاج تخطيط واملاء من مستشارين رأينا بعضهم بأم أعيننا خلال زيارة رئيس الوزراء حمدوك إلى عبدالعزيز الحلو في كاودا؟!
ومعلوم لمن هو اسبر للغور وأكثر حرصا على هذا الوطن أن التخطيط من هؤلاء ليس ارتجالا ولا خبط عشواء، انما مؤسس على خطط معدة سلفا من مؤسسات وجهات مصروف عليها ومتعوب عليها ومجمع عليها من دول وجمعيات شغلها الشاغل الاضرار بهذا السودان وعدد آخر من الدول، والأمر ليس سرا، ولاهو بنظرية مؤامرة تعتلج في اذهان طوباوية، انما حقائق مبذولة يمكن للباحث عنها ايجادها بكل يسر.
ثم هل -أصلاً- قرأ الدقير وسواه ممن يتحدثون عن الجيش وتفكيكه وتفاصيل تغيير عقيدته القتالية، هل قرأوا عن قسم الجندية السوداني وأحاطوا بتفاصيل كلماته ومراداته؟!
نسأل الله ان يحفظ هذا الوطن من كيد اعدائه وسذاجة بعض بنيه من غفل منهم ومن يخونه كذلك.
صحيفة الانتباهة