تمددت بالعاصمة المثلثة والولايات .. الاعتصامات الميدانية .. تحصين ضد حملات الاعتقال أم إلتقاط للأنفاس
لم يكن هنالك طريق ثالث أمام الثوار عقب عمليات الترصد والرصد التي طالت أعداد منهم غير اللجوء الى وسيلة جديدة لمواصلة سعيهم نحو إسقاط النظام الإنقلابي غير إتخاذ وسيلة الإعتصام ،حيث دعت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم عقب مليونية 30 يونيو،دعت كافة الثوار للدخول في اعتصامات بمدن الخرطوم الثلاث والولايات في خطوة منها لتوحيد الصفوف وإلتقاط الإنفاس ومن ثم الدخول في معركة باساليب جديدة ترى أن من شأنها أن تربك الانقلابيين وتقلل من عمليات حصاد الأرواح وموجة الاعتقالات التي ظلت تمارسها الحكومة الإنقلابية في مواجهة المواكب السلمية التي لطالما أربكت النظام القمعي وزلزلة أركانه.
* تكتيك ووسائل بديلة
في خطوة وصفها مراقبون بالمربكة دعت تنسيقية لجان مدينة الخرطوم الثوار والثائرات السلميين لدعم اعتصام مستشفى الجودة ،وكان ثوار مدينة أم درمان قد اعتصموا نهار الجمعة أمام مستشفى الجودة، بعد تمكنهم من إزاحة (الكونتينرات) من على كبري النيل الازرق ودخول الخرطوم، حتى وصلوا مستشفى الجودة بعد محاولات كر وفر لدخول محيط القصر الجمهوري، بعدها انسحب الثوار الى محطة باشدار بشارع الصحافة زلط والتحفوا الارض رافضين دعوات ثوار الخرطوم للمبيت بالمنازل التي تمت تهيئتها بالكامل لاقامتهم.
* فعاليات ثورية
فعاليات وأجواء ثورية لا تخلو من الحذر، تشهدها الاعتصامات المقامة بمدينة الخرطوم التي تنظمها تنسيقيات لجان المقاومة في إطار التصعيد الثوري المفتوح منذ (الخميس) الماضي، الداعي إلى إسقاط الانقلاب وتأسيس الحكم المدني والقصاص لشهداء الثورة.
وكان قد أعلن متظاهرون، (الجمعة)، تنفيذ اعتصام أمام مستشفى “الجودة” احتجاجاً على القمع المفرط الذي صاحب مليونية الثلاثين من يونيو، وأدى إلى مقتل (9) من المتظاهرين وأكثر من (600) مصاب.. وبالتوالي نفذت تنسيقيات مقاومة أحياء مدينة أم درمان، مساء (السبت)، اعتصاماً آخر في صينية الأزهري وشارع الشهيد عبد العظيم “الأربعين سابقاً”، كما نفذت بحري اعتصاماً بمحطة المؤسسة، ليتم بعد ذلك تباعاً إعلان اعتصامات وإغلاق شوارع في عدد من أحياء العاصمة.
ويحتشد آلاف من المحتجين باعتصام “الجودة” في الديوم الشرقية، بعد أن قاموا بإغلاق شارع “الصحافة زلط” من محطة “حجازي” جنوباً وحتى محطة “الغالي” شمالاً، ورفع بعضهم لافتات تتبع للجان المقاومة بالأحياء والكتل الثورية مثل “غاضبون بلا حدود”.
* اجتماعات ومباحثات
وحسب المصادر كونت تنسيقيات لجان المقاومة في اجتماع مشترك مع مجموعة “غاضبون بلا حدود” لجنة تنظيمية للاعتصام، تكونت من عدد من المكاتب (التنظيم، التأمين، الرصد والمتابعة، الإعلام، التنسيق والاتصال)، على أن تنتهي مهام هذه اللجنة بنهاية الاعتصام، كما تنوعت فعاليات اعتصام “الجودة” بين الهتافات والاحتفالات الحماسية، والمخاطبات المتعلقة بالأوضاع السياسية وإعادة ترتيب الانتقال الانتقالي الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة، كما نشط بعضهم في توفير الخدمات للمعتصمين- المياه والطعام والتأمين- وكانت لافتة حملات النظافة المستمرة التي غالباً ما تتبعها هتافات حملت أحلامهم في التغيير وشكل الوطن القادم ،ولعل ذات المشهد انسحب على الاعتصامات الأخرى المضروبة في مدن العاصمة الثلاث.
* أداة ضغط جديدة
ويرى متابعون أن الاعتصامات ستكون أداة ضغط جديدة على السلطة القائمة وستتسبب في تعطيل وشلل دولاب العمل في الدولة، كما أنها ستكون بمثابة الدعاية الجيدة للمواطنين باعتبار أنها قائمة في مناطق حيوية وسط أحياء ذات كثافة سكانية كبيرة ومؤثرة، أيضاً يشير بعضهم إلى أن الاعتصامات ستكون مساحات جيدة لتنسيق عمل المقاومة،ويقول عضو لجنة مقاومة فضل حجب إسمه إن الإعتصامات تنوعت في أدوات الفعل المقاوم والنضال السلمي، وستقلل الخسائر وستكون مربكة لحسابات الأجهزة، وقد تبقى فعلاً مؤثراً يمتد لأيام وأسابيع وربما لشهور، ثم يمتد أثرها على النظام القائم الذي سيدخل في وضع الاستعداد التام، بالتالي سيرهق خزينته بالصرف بالمقابل يتخوف البعض من إقدام السلطات على فض هذه الاعتصامات ووقوع المزيد من الخسائر.. وصبيحة أمس(الأحد) تداول ناشطون أنباء عن تحركات لقوات شرطية شمال اعتصام “الجودة” لكنها سرعان ما انسحبت، واكتُشف لاحقاً أنها قوة عسكرية تتبع لقسم شرطة قريب بالمكان.
* نقاط القوة والضعف
تتمثل نقاط قوة الاعتصامات على كونها تقلل خسائر المواجهة المباشرة اليومية في المواكب، كما أنها تجذب المزيد من شرائح المجتمع خاصة تلك التي كانت لا تستطيع المشاركة في المواكب بسبب تحركها في مسارات طويلة وقمعها المفرط، بالإضافة إلى أنها تخلق مساحة نقاش عميق بين القوى الثورية المختلفة سواء كانت سياسية أو نقابية أو لجان مقاومة، وصولاً إلى ميثاق سياسي أو مركز موحد، بالمقابل تتمثل نقاط الضعف حسب مراقبين في توفير الدعم اللازم لاحتياجات الاعتصام (الطعام والشراب)، فضلاً عن طبيعة المكان الذي يتوسط أحياء سكنية قد تتأثر به من نواحي صحية، وقد يكون ذلك ما دفع المتحدث باسم لجان المقاومة هيثم علي، إلى إرسال رسالة للثوار في اعتصام “الجودة” قائلاً: “الديم منطقة سكنية نحن جينا للناس ديل وقعدنا وسط بيوتهم وأسرهم، استضافونا بروحهم الثورية العالية وبكرمهم السوداني الأصيل، نحن ضيوف خفيفين ما نثقل عليهم، ننضبط في سلوكنا ونبادلهم الاحترام والمحبة ونراعي للناس الكبار ونحترم الصغار، ونراعي إنه هنا في أسر وبيوت فيها أخواتنا وأمهاتنا والناس الكبار”، وأضاف: “دي فرصة نعكس ليهم أخلاق الثورة”.
* دعوات للإعتصام
يشار إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تشهد حملة نشطة للدعوة إلى الاعتصام تحت وسم “مدن السودان تعتصم”، ومؤخراً انخرطت مقاومة لجان مدينة مدني في هذا السياق، إذ أعلنت قبل ساعات اعتصاماً جزئياً من أمام برج العمال يوم (الثلاثاء) المقبل، داعية سكان الولاية إلى الدعم والمساندة،
* حماية الجرحى والمصابين
وأكد المتحدث الرسمي باسم لجان المقاومة، طه عواض على إستمرارية الثورة المجيدة وتحقيق الأهداف المنشودة لقيام مدنية الدولة التي تم طرحها على الساحة السياسية ، منوهاً إلى أن الاعتصام أمام الجودة لتثبيت ركائز المصابين الذين يتواجدون داخل المستشفى، وأشار الى أن القوات الانقلابية استهدفت المصابين الذين يأتون إلى تلك المؤسسات العلاجية ،واضاف القوات تجردت من الحس الانساني بمداهمتها للمستشفيات واعتقالها للجرحى والمصابين ،وقال إن اعتصام الجودة من أجل ارسال الرسائل الثورية وتثبيت قوة الثورة واعادة ملحمة ٦ أبريل والاعتصام المشهود في القيادة عام ٢٠١٩ والذي كان السبب الاساسي في ازاحة البشير ، وقال إن الاعتصام سوف يعطي نتائج إيجابية لانجاح الثورة، وأضاف: نحن في المقاومة السودانية ندعم هذه الاعتصام والاعتصامات الأخرى بكل الوسائل والأدوات، داعياً المواطنين الى مساندة التحول الديمقراطي بالدعم المالي والمعينات لانجاح الإعتصام.
* تمدد الاعتصامات
ومن جانبه قال عضو لجنة المقاومة جبرة، مدثر خليفة إننا وفي إطار تنويع وسائل النضال المتبعة من لجان المقاومة تم تنظيم اعتصام الجودة كرد فعل لما حدث يوم ٣٠ يونيو من قمع وقتل وتصفية للثوار من قبل الجيش والجنحويد والشرطة وأضاف الاعتصام لن يكون في مناطق محدودة فلابد من للفعل الثوري من أن يتمدد ليشمل أكبر عدد من المناطق.
* اعتصامان بأم درمان
في الوقت الذي دخل فيه الإعتصام الجماهيري أمام مستشفى الجودة بوسط الخرطوم صباح مساء امس الأحد يومه الثالث ،شرعت لجان مقاومة أم درمان في تنظيم اعتصام آخر عند (صينية) الزعيم الأزهري، في وقت تتسع رقعة الاعتصامات الجماهيرية في عدة مناطق بالعاصمة السودانية ،والسبت أعلنت لجان المقاومة بكل من أمدرمان والخرطوم بحري، تنظيم اعتصاماتها الداعية لإسقاط الانقلاب العسكري في البلاد،واختارت لجان المقاومة بأمدرمان المنطقة من “صينية الأزهري” وحتى تقاطع “ود درو” ارضاً للاعتصام، بجانب اعتصام آخر بشارع الشهيد عبدالعظيم المعروف بشارع (الأربعين) فيما اختارت لجان مقاومة الخرطوم بحري تقاطع “المؤسسة” لتنظيم اعتصامها، ومنذ فجر السبت توافد المئات للساحات الجديدة في أمدرمان والخرطوم بحري، فيما استمر المعتصمون أمام مستشفى الجودة بمنطقة الديم بالخرطوم في تنظيم بعض الفعاليات الثورية.
* طوق أمني
وتفرض سلطات الانقلاب منذ الخميس الماضي، طوقاً امنياً على وسط العاصمة الذي يضم المرافق الحكومية السيادية مثل القصر الرئاسي ومجلس الوزراء وقيادة الجيش ،وتسبب إغلاق الجسور يومي (الجمعة والسبت) في شلل تام بين مدن العاصمة الثلاث التي تربط الخرطوم بين مختلف المناطق، فيما لا تزال الحياة تسير بصورة غير معتادة في المناطق الطرفية، وسيطر الهدوء الحذر على الشوراع الأحد، بعدما سحبت السلطات الأمنية التعزيزات العسكرية ونقاط التفتيش، بالرغم من دعوات لجان المقاومة، السبت أعضائها في جميع مدن ولاية الخرطوم بإقامة اعتصامات والتواجد في الشوارع ضمن الجدول التصعيدي للمقاومة الشعبية.
عبدالرحمن حنين
صحيفة الجريدة