رأي ومقالات

أفسدت العنكبوتة أغنية الرجل الضبياني قبيلة والبطاني هوية وإنتماء وجعلتها مخصية مجنحة

مدارج الريفيين في الدفاع عن ود دار الزين
(1)
لقد تابعنا نحن الريفيين بصمت عوّتِكما حول (المداح) و (الباشكاتب) وهي في نظرنا عوةٌ في ظلف، فلم نأبه لما تداولتموه حولهما ، أما وقد أتفقتما على إبن حلة دار الزين عبد الله علي قادحان له ومقرظان المدعوة العنكبوتة ، فلتمطر حصواً من صوان حتى يتبين أي الفسطاطين أحق بالحكم على الآخر وأيهما أكثر أصالة ومن الغارق في التقليد ؟ .
(2)
في العشرينات من القرن الماضي حين ترك الشاعر والفنان محمد ود الفكي بابكر خلوة والده وجاء من كبوشية إلى أم درمان حاملا رقه وطاره ، كان يبحث عن مدينة لا تعرف في الغناء عارا ، فأدخل الغناء (غناء ود دار الزين) إلى أم درمان فمكث فيها سنينا حتى سرق صيته ومُحي الأثر الكبوشي بواسطة (عنكبوت) ذلك الزمان ابراهيم العبادي وما (اضراب الطنابرة) إلا مؤامرة أمدرمانية لسرقة هوية السودان الثقافية وحشرها في غرامافونات الأرستقراطية العاصمية التي شكل وجدانها ديمتري نيكولا البازار فيما بعد .
(3)
إن المقاربة بين عبد الله علي ود دار الزين وبين العنكبوتة، هي مقاربة فاسدة بكل المقاييس ، فود دار الزين يغني لمجتمعه ما يمثله ، والعنكبوتة وبقية القونات يهججون بكل ما يجعلهم في مستوى ال (تريند) ، فقد كانت أغنية (شيخ أب حراز) تُغنّى منذ سنوات في حلّال البطانة ولم تدخل بيت إلا واستأذنت أهله ، لكن يوم أن تغير لونها حُرّمت عليها البيوت ، فلم يسعى ود دار الزين نحو التريند يوما ، بل أقتحم التريند خلوته الآمنة وعكر رائق حاله وذائق مقاله .
(4)
لقد أفسدت العنكبوتة أغنية الرجل الضبياني قبيلة والبطاني هوية وإنتماء وجعلتها مخصية مجنحة ، فود دار الزين الذي يغني أغاني الحب بضوضاء تخلع لب الحب نفسه هو متسق مع طبيعة مجتمعه الغارق في الشدة والمولع بالإحتفال ، فالأدرينالين الذي يجتاح أجساد أبنائنا حين حفلة يقيمها ود دار الزين لا يمكن أن يحدثه الهدوء ، والفن كما قيل (دوشة منظمة) وغناء العنكبوتة الذي سمعت لا يطرب نفسا ولا يحرك جسدا ولا حتى ينعظ باهاً .
(5)
ثم ما الذي يجعلنا نستسيغ شخصا يضع عشرون وشما في جسده وحلقا في أذنيه ولسانه مغيرا خلقة الله وتقويمه، مسبلا بنطاله إلى أدني عجيزته، يلقي كلمات بذيئة لا هي شعرا ولا حديثا ذي حشمة ونعتبر أن ذلك مذهبا فنيا مستقلا وتفكيرا خارج المسلمات ثم نستهجن فن ود دار الزين ؟؟
(6)
ود دار الزين هو الإختلاف الذي تحتفون به ومنه تهربون .. جاءكم غازياً في عقر داركم، قطرة من الطلس الذي حقنتم به شرايين التاريخ ..

يوسف عمارة أبوسن
يوسف عمارة