سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع..
على طريقة الرسم بالكلمات!!
(1)
عثمان محيي الدين.. ساحر الكمان.. فنان شاب صاحب مشروع موسيقي ضخم وفخم وكبير.. يخطط لتقديمه للوجدان السوداني من خلال تفكير مختلف وجديد ومحتشد بالصبر والتأني والقدرة على تجاوز المتاريس والعوائق.. فهو يدرك قبل غيره بأنه (محسود) على نعمة التفكير العميق في طرح مشروعه الفني دونما ابتذال أو تناول عن قيمه الإنسانية والفنية.. ولعل شخصية عثمان محيي الدين (المصادمة) ذات الكاريزما العالية جعلت من (مشروع سحر الكمنجة) في وضعية التربص دونما سبب واضح يبرر ذلك.
توقفت في كلمات قالها لي عثمان محيي الدين حينما أجريت معه حواراً قال فيه في كل لقاءاتي الصحفية ومنذ ان قررت إطلاق مشروع سحر الكمنجة, عّرفت نفسي بأنني (اطرق بأدب للولوج الى قلب المستمع السوداني, من خلال الأعمال التي شكلت هذا الوجدان, وذكرت أنني احتاج الى 15 عاماً للوصول الى 29 مليون وجدان سوداني) فلو صبر (قضاة الوجدان) واجلوا (محاكماتهم) قليلاً لتيقن لهم بأني أسعى لرفد الحراك الثقافي السوداني بمساهمة عبر آلة الكمان وعبر التوثيق للأغنيات والموسيقى السودانية بأحدث الطرق التي تقود الى نشر موسيقانا والتفاخر بها لأنها تحمل ملامح وأدوات المُعاصرة التي تجعل منها موسيقى مميزة على مستوى العالم, وهو حق مكفول للجميع ما لم يبن على أنقاض الآخرين!!.
قلت لعثمان محيي الدين أنت متهم بأنك تتخفى وراء ألحان الغير وليست لك مؤلفات خاصة ناجحة؟
فرد(ضاحكاً).. متهم!!؟ ارى هذا مثال حي (لقضاة الوجدان) الذين ذكرتهم في ردي بعاليه.. يا اخي ليس لديّ الوقت لمجاراة (قليلي او معدومي الإنتاج) وكثيري الكلام.. وأرى أنه من الأفيد للذين يتهمون هذا ويجرمون ذاك أن يرموا بسهمهم في رفد الحراك السوداني بما هو مفيدٌ بدلاً من ذلك.. عموماً لماذا يأتوننا بالتحليل العلمي لهذه المؤلفات وفقاً للأسس والمعايير الأكاديمية حتى يتثنى لنا معرفة ما نصنع.. على فكرة كونهم اشاروا الى نجاحي كعازف او صولويست.. فلهم مني التقدير, فعلى الاقل ما قصروا والله.
(2)
سميرة دنيا من عينة الفنانين الذين جرى عليهم الانطباع السلبي مثل ياسر تمتام الذي اشتهر بترديد أغاني الحقيبة حتى أصبح سجله الغنائي فقيراً من أي أغنية يمكن أن يوصف بها .. وهو في هذا لا يختلف عن (المقلد) أحمد بركات الذي اشتهر أيضاً بترديد أغاني الراحل أحمد المصطفى.. والنماذج كثيرة لا تحصى ولا تعد من النماذج التي تشابه سميرة دنيا من حيث فقرها من الأغنيات الخاصة.
رحم الله الأستاذ الكبير عثمان حسين والذي اتخذ قراراً سليماً حينما رفض أن تردد سميرة دنيا أغنياته.. والرجل كان كبيراً بمثل قراره فهو كان محقاً ومصيباً ، لأن سميرة تغني أغنياته بنوع من البرود القاتل الذي ينتهي من متعتها وجماليتها.. وسميرة دنيا كما معروف عنها لا تنفعل مع الأغنيات وهي في حالة جمود دائم ولا تملك الحيوية.
سميرة دنيا لم يمض عليها (نصف الزمن) بل انها أهدرت (كل الزمن) في ترديد أغاني الراحل عثمان حسين حتى إ نه أوقفها في يوم من الأيام من ترديد أغنياته بعد أن لاحظ (لهثها) غير المبرر لترديد أغنياته وفتورها وبرودها القاتل في أداء الأغنيات .. ولعل الراحل عثمان حسين كان محقاً فيما ذهب إليه .. وهو بذلك أسدى لها نصيحة غالية ولكنها لم تتفهم أبعاد الرسالة وظلت في مكانها لم تتقدم ولا خطوة.
عفواً سادتي هذا ليس زمن سميرة دنيا .. الفنانة التي تجاوزها القطار ولم يترك لها سوى (العجاجة) فلا تزحمونا بها أرجوكم .. يكفينا جداً المعاناة اليومية .. ويكفينا ارتفاع الأسعار الجنوني ولم نعد نتحمّل أكثر وليست لنا قابلية لمواجهة الكثير من الأمراض
(3)
البعض يطلق عليه فنان الاذكياء لأن أحمد شاويش فنان خاص غنائيته عصية على الاذن العادية.. فهو يحتاج لاذن استثنائية لها مقدرات اكثر خصوصية ، أحمد شاويش يخاطب الدواخل بصوته ويلامس شغافها بغناء فيه الكثير الذي لا يتوافر عند غيره.. والرجل له فلسفته في كيفية الغناء.
أحمد شاويش يغني لأجل نفسه لذلك ينتقل ذلك الإحساس للآخرين .. فكانت أغنياته بمثابة وعاء أنيق لشكل غنائي سهل الهضم والتقبل.. وأغنيات مثل بتذكرك – عطر الصندل – العمق العاشر – عادي جداً وعن عيونك كلموني..هي أغنيات لا يملك الانسان حيالها الا ان يصغى ويتأدب .. ولكن رغم مقدرات أحمد شاويش التي يعترف بها الجميع ولكنه ظل بعيداً ورغم انه يعمل في الإذاعة وكان يمكنها ان تكون جسره الذي يربطه بالمستمعين ولكن أحمد شاويش يقف في ذاته المكان والمكانة في حالة تدعو للاستغراب والاستعجاب .. والمؤلم أن أحمد شاويش يساعد في غيابه فهو (كسول) ولا يدري عمق وحجم موهبته التي كادت أن تندثر او اندثرت بالفعل!!