البراري وما هو بقارئ !!
كانت البراري ومازالت تمثل القلعة والبقعة الثورية التي تحكي عن أ رض الكرامة والصمود ، معقل الاشاوس والبواسل الذين هزموا نظام المخلوع من قبل بأمنه وجيشه وشرطته ، فعندما تذكر بري لابد ان تذكر الثورة، بكل مواقفها المشرفة، وصمودها وعنفوانها في المعارك ومشاهد وسيناريوهات المواجهات بين اهل بري والبوليس، فبري ان وعدت أوفت وان تحدثت صدقت، وان واجهت صمدت وان راهنت كسبت، لذلك ظلت تمثل نبض الثورة الحي.
وكانت لجان مقاومة البراري قد حذرت قائد الدعم السريع نائب المجلس الانقلابي الفريق محمد حمدان دقلو حميدتي في بيان يوم الأربعاء من الحضور لمنطقة بري وقالت في بيان عاصف لها: إنه وبعد كل هذه التضحيات، نقول للقاتل محمد حمدان دقلو أنه لا أهلاً ولا سهلاً بك في أرض البراري الثورية، وإن تجرأت على القدوم فأعلم أن لكل حادث حديث وأنتم تعلمون تماماً اللغة التي يتحدثها ثوار وثائرات البراري ،وبعد البيان الناري، اختلطت حسابات السلطات الأمنية التي تتحسس سلاحها وافرادها كلما قرأت بياناً للمقاومة، واستعدت الشرطة كعادتها للدفاع عن الانقلابيين ودفعت بعدد من سيارات الشرطة لمواجهة ثوار البراري وكثفت انتشار قواتها ولجأت دون تردد لاطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت والرصاص المطاطي على المتظاهرين الرافضين لحضور حميدتي ، ونجحت بالفعل عندما حالت دون وصوله الى أرض المعارض وبعدما منع ثوار بري، قائد المليشيات المسلحة محمد حمدان دقلو حميدتي، من الوصول إلى حي بري لافتتاح معرض الخرطوم الدولي، استبدلت ادارة المعرض محمد حمدان بآمال صالح سعد وزير التجارة المكلفة من حكومة الانقلابيين لإفتتاح معرض الخرطوم الدولي في دورته الـ(٣٩) الذي نظمته الشركة السودانية للمناطق والأسواق الحرة، وليس بغريب على ثوار بري هذا التوقيع المشرف على دفتر الثورة ، لكن الغريب ان يكون قائد الدعم السريع هو الشخصية التي اختارتها ادارة المعرض لإفتتاح فعالية دولية وثقافية تشتمل على عدد من البرامج التوعوية والعلمية والثقافية ، فمن المفارقات ان يفتتح رجل لا علاقة له بالتعليم ولا بالثقافة وماهو بقارئ ، معرض الخرطوم الدولي ، و تجعله ادارة المعرض في مقدمة الاشخاص الذين يخاطبون الجلسة الإفتتاحية التي حضر اليها عدد من الممثلين أكثر من ٢٠ دولة ، فكيف لمعرض له تاريخه الكبير أن يفشل في اختيار الشخصية المناسبة لمخاطبة هذه الفعالية
لكن وفي خضم هذه الأحداث التي تكشف عن سوء الخطة والوعي يطرأ سؤال مُلِح عن ماهو سر العلاقة والرابط القوي الذي يجمع بين محمد حمدان دقلو بأرض المعارض ببري وهل آل دقلو قاموا بشراء ارض المعارض وضمها الى ممتلكاتهم فما بين حميدتي وارض المعارض علاقة أكبر من كونه قيادي بالنظام الانقلابي يسر ويشرف ادارة المعرض ان تقدم له الدعوة لمخاطبة الجلس الافتتاحية ، فمن قبل اختار حميدتي ارض المعارض في اللقاء الذي جمع بينه وبين الادارة الأهلية عندما حاول أن يطرح نفسه رئيساً منقذاً للبلاد.
وبالعودة لأسود البراري فالتحية لكل الذين علا صوتهم بالرفض لهذه الزبارة التي كان سيخاطب عبرها دقلو عدداً من الدول ليقدم نفسه نائباً للمجلس السيادي ، وكأنه رئيس البلاد الشرعي متناسياً انه صعد على صهوة جواد الانقلاب الأعرج الذي تسبب في اقعاد البلاد واصابتها بعدد من الجروح الغائرة والسطحية وأدخلها في أزمات طويلة الأجل، فقطع ثوار البراري عليه الطريق ليذكروا هذه الدول المشاركة بحقيقة الرجل الذي ينتظرون سماعه ، انه ليس إلا قائد مليشيات جاءت به الصدفة للخرطوم فوجد نفسه أمام فرصة ذهبية جلس بها على مقعد سيادي ، فقرار الثوار ومنعهم لحميدتي مخاطبة هذه الفعالية هو انتصار للثورة واعلاء لكلمتها ووفاء للذين حصدت أرواحهم طلقات الدعم السريع والسلطات الانقلابية ، وأكدوا أن كلمة وإرادة الشعب تعلو ولا يعلى عليها.
طيف أخير
قمة النضوج العقلي ، أيقانك بأن كل شيء له نهاية مهما كان سيئاً بحياتك.
صباح محمد الحسن
صحيفة الجريدة