هاجر سليمان تكتب: قعدة جبنة
فى بيت (فلانة) وهى احدى حريم التهريب، اقيمت قعدة جبنة ساخنة فرحاً باجراءات رئاسة الشرطة التى اتخذتها بوضع العقيد الهام الملقبة بـ (ملكة جانسي) وطاقم ورديتها فى الايقاف.
طبعا هنالك شبكات نسوية تفوق اعدادها العشرات من النسوة اللائي تخصصن فى تهريب الذهب بطرق مختلفة ونقله اما عن طريق ارتداء بعضه او عن طريق اخفائه في المناطق الحساسة بالجسد والسفر الى الامارات او الهند، ولما كانت اولئك النسوة متخصصات فى تهريب الذهب الذى يدر عليهن عائداً مالياً جيداً، صرن لا يشعرن بالمعاناة الا حينما يغادرن فى يوم تكون فيه ملكة جانسي وورديتها فى الخدمة، فكان ذلك اليوم بالنسبة لهن يوم التعاسة والنحس، لأن العقيد الهام تخضعهن لكشف دقيق ولا تتركهن حتى تجردهن من كل شيء وتكتشف امرهن وتضبطهن.
وحينما تم ايقاف ملكة جانسي على خلفية قضية تهريب (١١) كيلوجرام ذهب تورط فيها شرطى وانتشر خبرها بالاسافير وشاع وعم القرى والحضر، تداولت نساء التهريب الخبر ووقع على مسامعهن كوقع النبأ السعيد، وفرحن بايقاف ملكة جانسي كما تفرح احداهن بنبأ سعيد يخصها، فقررن الاحتفال على طريقتهن، وقمن بعمل (قعدة جبنة) دعون لها الرفيقات وزميلات التهريب، واعددن فيها ما لذ وطاب من الاطعمة والمشروبات والقهوة الساخنة والابخرة، والجاولى والعدنى والمسبع شغالين شغل نضيف، والعجاجة قايمة ووجبة الزغنى بالشطة الحبشية ما تديك الدرب، والفواكه ترقد بسلام على أطقم الصحون الفارهة، والازياء حاجة كده ولا فى بار ملكى، واصوات الاغانى السودانية ودقة الزار المهيجة للمشاعر والجالبة لـ (اللولية) عمت المكان، وحكاية عجيبة واجواء غريبة. بالله كللللل ده عشان اوقفوا ملكة جانسي الكانت واقفة ليهم فى حلاقيمهم؟ سبحان الله !!
قعدات جبنات زمان كان ست (الودع) بتزينها وترمى الودع وتكشكشو وتجيبو ليك شتات خالى محطات.. تقول لى دى ابقى عشرة على راجلك فى واحدة جارية وراهو.. وتقول لديك تومات الودع حلفن عليك تجيبي التيمان.. وتقول لاخرى انتى حتسافرى.. وواحدة فتاة تقول ليها انا ما شفتى لى ليه؟ تقوم تقول ليها انتى جاييك العريس من مقطع البحر ده.. ثم تدوى القفشات والضحكات، اما قعدة الجبنة الآن فقد اختلفت تماماً.
وباتت الشمارات السياسية تتصدر وتحلى قعدات الجبنة، والعجب شمارات التنقلات وكشوفات الاحالات واخبار القبض و (تسعة طويلة) وسلفا كير ونيتو يبيع نفطو للسودان لخمس سنوات، وارهاصات بأزمة رغيف وصفوف الوقود وزيادة اسعار المواصلات وسيد اللبن وبتاع الخضار.. ثم ما تلبث الونسة تنقسم الى كيمان كل مرتين او ثلاث نسوان مع بعض يحكوا شماراتهن ويسألن بعض عن اخبار (الشوقر داد) و(الشوقر مام)، وشوية شوية الشغلة بتبقى كلام مرتين وشمار الراجل ومرتو السكنو الحلة جداد يا ربي اشتروا وبقوا اصحاب ملك عشان نزورهم، ولا مؤجرين عشان نشخت ليهم ما جايبين حقهم، وتخوض الشمارات وتعرج على القوالات وفلانة عاملة علاقة وفلانة راجلها دقاها.. وبعداك الساعة تبقى تلاتة ظهر وكلهن يقومن زى التيران جاريات لاحقات يسون الغداء عشان زمن الرجال كبس، لا وكمان معاهن بنات صغار يسمعن ويضحكن ويتدربن عشان بمجرد يتزوجن يكونن عارفات حيعملن شنو.
الطريف ان الصناديق البتكون مدورة على مدار العام دى ما بتنتهى كلو كلو، وتبقى القروش من الصراف لإيد الزوجة ومنها للصندوق.. يعملن ليكم العدس وسلطة الاسود والفاصوليا ويدخرن القروش للصناديق، وبعد الصرفة عينك ما تشوف الا النور.. شىء جديد واحد ما بيجى داخل البيت.. وبعض النسوان يشترن الذهب والفالحات يعمرن، اما السجمانات قروشهن موزعة بين (الفقرا) والدجالين بحجة يمسكن رجالهن بالله ده كلام ده؟!
صحيفة الانتباهة