ويسألونك : لماذا يخشون الانتخابات ؟
( وطلعوا هسي، لاحظتوا طلَّعوا ليهم زي مائة قبلي مرتشي كده، يعني فولكر، وكروس عليهو، وتهديد بالقتل، فاكرنو بكرة بجري خلاص، هو طبعاً لو فولكر جرى ما بتجيك التانيات، وأحسن ليك فولكر ، بجيك الفصل السااابع ) – الحاج وراق
كان من المعلوم بالضرورة أن هؤلاء الأقلية من الغرباء عن وجدان الشعب، بمواقفكم وأفكارهم وارتباطاتهم، سيحتاجون بشدة إلى التلاعب بوعي الشعب الذي ظل على الدوام يعاقبهم بالصفر الانتخابي، وأنه ستحدث عمليات إعادة تعريف لكل المعاني انطلاقاً من قحط الوعي لدى هؤلاء الغرباء، وهو قحط بنيوي تكويني، ووصولاً إلى وعي القحط لدى المتلقين، وهو الوعي الذي يسعى الغرباء إلى تشكيله عبر سلسلة من عمليات التجريف وقلب المفاهيم، وعبر حالة القحط المعرفي والوجداني الشامل الذي يتجندون بالكامل لبلوغه ..
لكن أسوأ الناس ظناً بهم ما كان يتوقع أن يأتي التلاعب بهذه الصورة الفجة التي تقلب المعايير كلها رأساً على عقب، لتأخذ كلها الشكل الذي أخذه معيار الحكم على التدخلات الخارجية، ليفترضوا بأنهم لا يحتاجون إلى الدفاع عن موقفهم المؤيد لها، لأن صحته بدهية، ولا يحتاجون إلى بيان العوار في مواقف المعارضين للتدخلات، لأن خطأها من المسلمات، ليصلوا، مباشرة وفي خطوة واحدة، إلى تصوير مناهضة التدخلات الأجنبية كخيانة وطنية لن يقع فيها إلا الأقلية، وحتى هذه الأقلية لن تتورط في مثل هذه الخيانة إلا إذا كانت محرَّضة مرشية وقابضة للثمن !!
إذا أردنا أن نلخص تجربة اليسار ( وتابعيه من أحزاب التيه وتجار المواقف) في الحكم من زاوية المآخذ الأساسية القديمة، سنجد أن أفضل تلخيص هو الذي يقول : إنهم لم يفعلوا شيئاً سوى إنفاق كل رأسمالهم الرمزي على السلطة، وهو رأسمال كان قليلاً أصلاً ويقوم على شعارات لم يخونوها بإنحراف هنا وهناك فحسب، وإنما داسوها مباشرة بالتبني المتطرف لنقائضها، ومراكمة أكبر عدد من مسببات قزامتهم وعزلتهم، فالتجربة أعطت لكل مأخذ قديم أبعاداً جوهرية إضافية تزيدهم قبحاً، وأثبتت مآخذ جديدة لا تقل خطورةً عن تلك المعلومة. وأثبتت أن القليل الجيد من مواقفهم القديمة، كمناهضة الإمبريالية مثلاً، إنما كان مجرد غطاء لأسوأ أنواع التبعية .
ما الذي بقي لهم من شعاراتهم القديمة ليخوضوا به الانتخابات ويتوقعوا أن يلامس وجدان غالبية الشعب ؟
إبراهيم عثمان