محمد عبد الماجد

محمد عبد الماجد يكتب: الانسداد السياسي وإغلاق الأفق بالحاويات

(1)

كتبت كثيراً عن خطاب الفريق اول عبدالفتاح البرهان بعد انقلاب 25 اكتوبر ولن امل تكرار هذه النقاط التي سوف اظل اتحدث عنها واعرض لها كلما تحدثنا عن انقلاب 25 اكتوبر.

 ليس هناك رد افضل من ان نقدم لهم خطاباتهم وما كانوا يرددونه ويبررون به الانقلاب.

مضت اكثر من سبعة اشهر على تاريخ الانقلاب والبيان الرسمي الذي تحدث فيه البرهان عن الانسداد السياسي وانسداد الافق وانزلاق البلاد والفوضى والتفلتات الامنية وإخفاق حكومة حمدوك وفشلها والانشقاقات بين اجسام المكونات المدنية ومعاناة الناس وغلاء الاسعار.

انظروا الى نفس هذه الاشياء الآن وقارنوا بين الماضي والمضارع لهذه الاشياء.

(2)

عن الانسداد السياسي دخلت البلاد في حالة من التشظي والضياع .. وأصبحت الجسور تغلق بواسطة السلطات الامنية بـ(الحاويات) بعد ان كانت نفس السلطات ترى في اغلاق الطرق بالحجارة (المجردة) انسداد وتوقف عام للحياة ومهدد امني للبلاد.

انسداد الافق الذي كان سبباً في انقلاب 25 اكتوبر بلغنا فيه مدى الآن ان عاد السودان الى (عزلته) الدولية بصورة أسوأ مما كان عليها قبل سقوط نظام الانقاذ.

الافق الآن يغطي عليه الغاز المسيل للدموع والعقوبات التي تهدد السودان.. ولا شيء في ذلك الفضاء غير (الرصاص).

اما (الانزلاق) الذي كان يحذروننا منه.. فقد عادت البلاد الى صرف (البركاوي) من جديد بعد ان كان يصرف في العهد البائد على السفراء والمجتمع والدولة من رأس النظام.

نحن الآن في مرحلة من (الانزلاق) لا تمنحنا حتى للفرصة في الحديث عن (الانزلاق) كما كان يحدث في فترة حكومة حمدوك.

بلغنا درجة من الانزلاق ان اصبح جبريل ابراهيم وزيراً للمالية لا يرى حلولاً لازماته المالية غير زيادة تعرفة الكهرباء والوقود.

 عن الفوضى والتفلتات الامنية فحدث ولا حرج، توشك البلاد ان تفتقد استقرارها او هي فقدته حقاً .. البلاد تحكمها الآن تسعة طويلة.

 اما الفشل والإخفاق فهو قد اضحى سمة غالبة وأمراً لا يدعو للاستغراب … ما كان يرمون به حكومة حمدوك اصبح هو العنوان الابرز لحكومتهم.

 كانوا يتحدثون عن الانشقاقات بين اجسام المكون المدني – انظر الى الانشقاقات الآنية بين اجسام المكون المدني.

كشف رئيس الحزب الاتحادي (الموحد)، محمد عصمت يحيى، في مؤتمر صحفي بدار الحزب عن الخلافات الكبيرة بين اجسام المكون العسكري في السلطة وقال : “إن الخلافات داخل المكون العسكري كبيرة ويومياً في ازدياد، مستشهداً بالجدار الاسمنتي الذي يحيط بالقيادة العامة ، والذي قال إنه للتصدي للدوشكات المحمولة على التاتشرات ، وأردف “الجدار الاسمنتي هذا هل قصد منه التصدي للطيران الجوي .. أم للتصدي لذات الدوشكات؟”.

معاناة الناس وغلاء الاسعار وصلت الحد الاقصى، شراء رطل لبن يستوجب ان تدخل جمعية تعاونية وتأخذ الصرفة الاولى، اما تزويد السيارة بالوقود فهذا يحتاج منك الاستعانة بذهب الزوجة ان كان موجوداً حتى الآن او بيع قطعة الارض.

 كل هذه الازمات عندما كانت (اضغاث احلام) وكانت في الطريق للحل، كانت سبباً لتحرك المكون العسكري والانقلاب على السلطة، لماذا عندما اصبحت تلك الاشياء واقعاً الآن سكتوا عنها ولم يعودوا يحدثونا عن الانسداد والانزلاق والفشل الذي وصلنا الى قمته.

(3)

 سوف اكرر بعد سبعة اشهر من الانقلاب الحديث عن الوعود التي اطلقوها في اكمال هياكل ومؤسسات الحكومة في بحر اسبوع وقبل بداية شهر اكتوبر عندما كانوا يتحدثون في 25 اكتوبر بعد الانقلاب.

 كانوا يقولون ان حكومة حمدوك فشلت في تكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وفشلوا في تشكيل مجلس للقضاء ورئيس له ومجلس للنيابة.. كل هذه الاشياء لم تكتمل اليوم، اضف لها الفشل في تشكيل حكومة للبلاد، اذ تبقى ثوابت الحكومة الحالية فقط في المناصب التى تخص الحركات المسلحة في الولايات ومجلس الوزراء، حكومة الانقلاب بدون شرعية وبدون رئيس وزراء ويبدو انها تريد ان تكون بدون شعب.

 لم يتم دمج جيوش الحركات في الجيش القومي ولم يحدث أي تقدم في ملف السلام وأزمة الشرق؟

لا شيء اكملوه – بل انهم انقصوا ما وجدوه مكتملاً، حتى لجنة ازلة التمكين الجسم الوحيد الثوري الذي كان يعمل بعد الثورة اوقفوها.. وادخلوا اعضاء اللجنة للسجون وأعادوا اموال وممتلكات قيادات العهد البائد اليهم من جديد بعد ان استردت منهم بالقانون.

 سبعة اشهر مضت على الانقلاب … نطالب من البرهان ان يخرج للناس ويحدثنا عن الانجازات التى حدثت في تلك الفترة ، فقد توقفت كل الدعومات التى كانت تحظى بها الحكومة ، توقف حتى مشروع (ثمرات) وعادت العقوبات من جديد تلاحق الحكومة وتهدد السودان.

 النور الذي كان في اخر النفق طفوه.

(4)

 بغم /

 كلما نظرت الى الافق وجدت ان هناك (حاوية) ضخمة تسد الفضاء.

 قطعوا خدمة الانترنت اكثر من شهر .. وقطعوا الكهرباء في بلاد تصل درجة الحرارة فيها الى 50 درجة.

 ويتحدثون عن الفشل والإخفاق.

 وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).

صحيفة الانتباهة