الطاهر ساتي يكتب.. (سكة العطش)
إليكم …. الطاهر ساتي
:: ديسمبر العام 2013، عندما افتتح البشير وديسيلين، الخط الناقل للكهرباء بين السودان وإثيوبيا، وفرح البعض بالطاقة القادمة من الخارج، ناشدتهم بألا يسرفوا في الفرح، ثم سردت لهم حكاية مرسي وخليل.. فالشاهد أن عم مرسي كان يبتهل عقب كل صلاة: (اللهم افتح أبواب رحمتك لحاج خليل وأرزقه رزقاً مباركاً)، وعندما سألوه في ذات ابتهال: لماذا تنسى نفسك وتخص خليل بالدعاء؟، برر ذلك بنبرة صادقة: (خليل زول كويس، دائماً يسلفني)..!!
:: ومع الابتهال لإثيوبيا بأن يرزقها الله بالمزيد من الكهرباء لكي (نشتري منها)، فإن قدرنا هو أن ننسى أنفسنا ثم نسأل الله لمصر أيضاً بالمزيد من ذات الطاقة، حتى (نشحد منها).. ومن أخبار الأمس، خروج الربط الكهربائي مع مصر عن الخدمة بالسودان، بسبب أعمال الصيانة، مع أمل استئناف الربط خلال الأيام القادمة.. ولعلكم تذكرون، قبل ثلاث سنوات، أعلنت إثيوبيا عن إيقاف تصدير الكهرباء لبلادنا، ليس بسبب الصيانة، ولكن لنقص في إنتاج الطاقة..!!
:: مثل هذه الأحداث كان يجب أن تنبه من نلقبهم بالمسؤولين بأن حُكم السودان وشعبه ليس (نُزهة)، بل (مشقة)، هذا لو كانوا يشعرون ويعرفون معنى المسؤولية.. فالسادة يعلمون أن الكهرباء في بلادنا هي أم الأزمات.. هي ليست قومية، أو كما نصفها، بل هناك ولايات ومحليات خارج الشبكة المسماة – مجازاً- بالقومية، ثم هي لا تكفي حتى حاجة المناطق التي تمر بها..!!
:: ومن التغيير، ما لم يكن هذا المصطلح محض شعار، السعي لسد هذا العجز العريض.. ولن تسقط حكومة الجوع والفقر – والشحدة – ما لم تبذل حكومات ما بعد الثورة جهدها في إنتاج الكهرباء.. لقد سئم الشعب شعارات الساسة وخطب العسكر، ويريد أن يعيش كما الشعوب (حياة كريمة).. وفي الخاطر، في العام 2002، جاءت هيئة الكهرباء بشركة بريطانية، لتضع خطة شاملة تنهي أزمة الكهرباء.. وبعد خمس سنوات، أكملت الشركة الدراسة والخطة..!!
:: وهي الخطة العلمية التي تستوعب الطلب الكلي – لكل القطاعات – حتى العام (2030)، حيث متوقع بلوغ عدد سكان السودان (60 مليون نسمة).. وتقول دراسة الشركة البريطانية: ليحظى (80%) من سكان السودان بالكهرباء، على الحكومة إنشاء محطات دال.. كجبار.. تعلية الرصيرص.. توسعة سنار.. الشريك.. نهر عطبرة.. دقش.. توليد بالفحم الحجري بالبحر الأحمر.. توليد غرب السودان.. توليد النيل الأبيض.. وتوليد الخرطوم والجزيرة..!!
:: تلك خطة التوليد، وتقدر الطاقة الكلية بـ(23078 ميقاواط).. وعليه، فإن حكومة الجوع والذل (لن تسقط) ما لم يتم بذل الجهد في الإنتاج وليس في التسول.. والكهرباء الواردة من مصر وإثيوبيا لا تختلف كثيراً عن سفن الإغاثة التي تردنا من الغرب والخليج، أي ليست دائمة و(ذات شروط).. وقديماً قالوا: (الشراب من يدين الرجال عطش)، ولن تفارق بلادنا (سكة العطش) ما لم يصبح المسؤول مسؤولاً وليس متسولاً..!!
صحيفة اليوم التالي