محمد عبد الماجد يكتب.. سعدالدين إبراهيم
تمر علينا في هذه الايام الذكرى السادسة لرحيل الشاعر والإعلامي الكبير سعد الدين ابراهيم الذي رحل في يوم الخميس 12 مايو 2016م.
الاستاذ سعدالدين ابراهيم هو احد الذين كان لهم فضل كبير على جيلنا الصحفي حيث كان سعدالدين ابراهيم (قدوتنا) في المجال الاعلامي ، وكان هو رحمة الله عليه (النبراس) الذي نستنير به في مجالنا الاعلامي وهو يقودنا الى (الرشاد) ويدلنا الى (الهدى) بأستاذيته التى كان لا يشعرنا بها . لا ادري هل كان ذلك من تواضعه ؟ ام ان ذلك كان من اساليبه في التعليم ؟ وهو قد بدأ حياته العلمية (معلماً) ثم اصبح (استاذاً) على نطاق السودان كله ، بعد ان كان يدرّس في حدود المدارس والفصول وأصبح بعد ذلك الشعب السوداني كله يتعلم منه.
كان الاستاذ سعدالدين ابراهيم هو (استاذنا) الاول ليس في مجال الصحافة فقط وإنما في مجال الاعلام كله ، وهو الذي حقق النجاح في كافة قوالب الاعلام من صحافة وإذاعة وتلفزيون وأضاف الى ذلك تميزه (الشعري) لتغني له منى الخير وابوعركي البخيت ومحمد وردي ومصطفى سيد احمد. مع هذا فان اغنيته (العزيزة) التى تمنى الفنان محمد وردي ان تكون احدى اغنياته كانت بمثابة (السلم التعليمي) الاول لكل الفنانين الشباب وهم في بدايات مسيرتهم الفنية. وكان لهذه الاغنية الفضل في اجازة صوتهم وفي وشهرتهم ووصولهم الى مراتب النجومية.
(2)
لا ذلت اذكر ان تلفوني تلقى مكالمات كثيرة في اليوم الذي رحل فيه الاستاذ سعد الدين ابراهيم ، اصبت بالريبة من هذه المكالمات ليصدق حدسي بعد ذلك عندما تحققت مخاوفي واحد الاصدقاء المشتركين يخبرني عن رحيل سعدالدين ابراهيم – فاجعة رحيله كانت قوية ، لا سيما واني كنت قد التقيت به قبل ايام محدودة من رحيله وسجلت في حضرة مقامه برنامجاً اذاعياً لإذاعة ام درمان استضافني فيه مع الزميلة هناء ابراهيم قبل 72 ساعة من رحيله.
قبل ذلك كنت قد استضفت الاستاذ سعدالدين ابراهيم في برنامج (الضلع الثالث) في اذاعة هلا – قلت له في ذلك اللقاء انك كنت من القلائل الذين اعزوا (المرأة) وقدروها كل ذلك التقدير حينما اعلنت عن (حبيبتك) جهراً وقلت في فخر عظيم (عن حبيبتي بقول لكم يلا صفقوا كلكم) الاغنية التى قدمها ابوعركي البخيت بعد وفاة والدته وشعر فيها بملامح والدته وهو يغني (ساوّة ليكم.. بايدينا شاي) ، الحبيبة عند سعد الدين ابراهيم بهذا الفخر.
سعد الدين ذهب في تقدير (المرأة) ابعد من ذلك وهو يكتب (العزيزة) ويخصها بذلك التقدير المعلن وهي الاغنية التى نعى فيها سعدالدين نفسه (المواعيد لسه حزنانة بتنادي .. والأماسي بتبكي في أسى ما اعتيادي).
(3)
قبل كل ذلك اذكر اليوم الذي التقيت فيه لأول مرة بالأستاذ سعدالدين ابراهيم في مكتبه بصحيفة الصحافة ، اذكر يومها ان هالنا تواضعه وثقافته والكاريزما والهيبة التى يتمتع بها .. كنا اسماء (مجهولة) نكرات لا يعرفنا احد ..احتضننا سعد الدين ابراهيم واستضافنا وشرب معنا الشاي والقهوة وأصبح (صاحباً) لنا وهو بيننا وبينه سنوات ضوئية من الثقافة والمعرفة والعلوم.
انسانية سعد الدين ابراهيم كانت تجعله مثل (الطفل) الغرير يحمل كل اللطف والود والبراءة بقلبه الكبير وضحكته الخجولة – يتحدث بهمس وهو لا يعرف انه ينطق بالدرر. يكتب بصورة ساحرة ، حروفه تحقن في القراء بالوريد.
تميز في طريقته القصصية الفريدة وبشاعريته العظيمة – مازلت اذكر انه كان عندما يريد ان يصححنا او يوصل لنا معلومة يفعل ذلك وكأنه هو المخطئ وليس نحن الذين تشرفنا بان كنا تلاميذه في دنيا الصحافة.
اني لا املك الآن غير ان ادعو له بالرحمة والمغفرة وان نشهد له بالسماح والعفو واللطف.
ادعو له فهذا اقل ما يمكن ان نقدمه رداً على (ديونه) علينا وحقوقه على كافة الناس.
اللهم ارحمه واغفر له واسكنه فسيح جناتك مع البنيين والشهداء والصديقين وحسن اولئك رفيقاً.
(4)
بغم /
لا شيء بعد سعدالدين ابراهيم.
لا شيء.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).
صحيفة الانتباهة