وسائل التواصل .. منصة لعرض القضايا الاجتماعية
مع انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشتى أشكالها، حيث جعلت العالم أشبه بقرية صغيرة، واتخذ الكثيرون منها منصة لعرض رغباتهم خاصة فيما يتعلق بطلبات الزواج، كما انتشرت مواقع إلكترونية تساعد الشباب والفتيات في الارتباط والتعارف عن طريق الإنترنت.
وقد اعتبر خبراء الظاهرة صحية وتواكب التطورات المجتمعية، في حين أبدى آخرون تحفظهم في الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي.
حكاية الفتاة السودانية
انتشرت في الأيام القليلة الماضية صورة لفتاة سودانية تقف على أحد إشارات المرور بمنطقة الخرطوم وهي تحمل لافتة كتب عليها(عايزة عريس، أرغب في الزواج، أقبل التعدد).
قضية مهمة
وقال عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إن لكل شخص زاوية ينظر عبرها للأحداث وإن هذه الفتاة استخدمت أسلوباً استطاعت عبره طرق قضية أسكتت المجتمع، وأنها مِرآة تعكس واقع مشكلات حقيقية أصبحت تؤرق الجميع، وهو أسلوب شجاع قل ماتجده في هذا الزمان الأغبر “.
جذب للانتباه
يقول البروفسير علي بلدو استشاري الطب النفسي والطبي لـ(الحراك): صورة الفتاة بتلك اللافتة يمكن النظر إليها بأكثر من زاوية، الأولى هي الرغبة في جذب الانتباه وعمل حالة من الإثارة واكتساب الشهرة وعمل في الوسائط المتعددة وقد يكون على سبيل الدعابة، والمجاراة مع الآخرين كما نرى لاحقاً في حالات مشابهة وهذا يعتبر نوعاً من أنواع الخروج عن الأشياء الهيستيرية المتعارفة، وعمل نوع جديد من السوشال ميديا والتنميط الاجتماعي.
أما الزاوية الأخرى فهي محاولة جذب الانتباه لقضية (البورة) والعنوسة وتأخر سن الزواج وانتشار أعداد كبيرة من الشابات غير المتزوجات، في أعمار صغيرة إلى متقدمة وهذا يثير أيضاً عدداً من النقاشات المتعددة و يجذب الانتباه إلى هذه .
أمر شخصي
وأضاف بلدو: الزاوية الثالثة هي اعتبار أن هذا الأمر شخصي ويخص الفتاة صاحبة اللافتة وحدها والتي تشير أيضاً إلى موضوع آخر هو موضوع التعدد أو الارتباط بشخص متزوج، أو لديه زوجة أو أكثر وهذا يكون بمثابة تحريك الساكن في المجتمع السوداني.
وتابع: أصبح لدى الشابات غير المتزوجات في السودان راجل المرأة هو حلم لكل شابة وكل سيدة غير متزوجة، على اعتبار أنه راجل المرأة والتعدد عبره يمثل نوع الأمان والشعور بالطمأنينة والثقة والأمان المالي والمجتمعي، وكذلك اعتبار الشخص ذا خبرة، ويمكن أن يستمر في الحياة الزوجية أكثر دون مشاكل ودون مناكفات إذا كان من الأشخاص في نفس السن أو فئة عمرية مقاربة.
أسباب ودوافع
وحول الخطوة يقول “بلدو” إنها طريقة عرض النفس وإن كانت خارجة عن المألوف ولم يألفها المجتمع السوداني المحافظ وذو التقاليد المحددة، والتي يرى فيها نوعاً من العيب، إلا أنها تمثل نقلة جديدة وتعبير عن التقدم والتلاقح الفكري والثقافي ونوع من أنواع التحرر والتخلص من القيود والوصول للمتلقي بوسائل غير تقليدية وغير مألوفة، من واقع التفكير خارج الصندوق والارتباط عن طريق الصدمة وإحداث نوع من أنواع الصراخ المجتمعي ونكت الجراح الداخلية في المجتمع السوداني، بمثل هذه اللافتات بكل شجاعة في الطرقات ليتم تناولها عبر الوسائط ويكون هنالك نوع من أنواع الحلول الفردية لهذه المشكلة، وفي نفس الوقت تكون نواة لعروض أخرى متنوعة عن طريق اللافتات أو الوسائط أو ماشابه وهذا يفتح الباب واسعاً لما يمكن أن نطلق عليه “سوق العرس أو سوق الزواج”. ومحاولة عرض الشابات لأنفسهن بطرق مختلفة على إشارات المرور أو في المساجد أو الكنائس أو الحدائق أو حتى أماكن العمل أو عن طريق اللافتات والصور في البوستات عبر الوسائط المتعددة، وهذا يمثل نوعاً من أنواع الحل لمشكلة العنوسة بحسب فهم هؤلاء الشابات والسيدات بعد أن نفذت كل الحلول لحل هذه المشكلة في ظل عزوف الشباب عن الزواج، والخوف من الارتباط وتحمل المسؤولية والظروف الاقتصادية والمشاكل الأسرية وعدم الاستقرار في الزواج، وعدم الاستقرار الأمني والسياسي وتقلب الأحوال في مجتمع ذي سلطة ذكورية.
صورة غير مقبولة
وأردف: المجتمع لا يزال يتعامل مع المرأة بصورة غير مقبولة ويمارس العنف ضدها بأشكال مختلفة لفظياً ومعنوياً، وهذا مادفع هؤلاء الشابات إلى رفع هاتيك اللافتات مبتعدين عن روح القهر والغبن الذي يعيشه وكصرخة من أجل الإنقاذ ومن أجل لملمة الدواخل، والخروج من أتون المجتمع كون المشاكل الأسرية في حد ذاتها تمثل أيضاً منحى جديداً من مناحي خروج المرأة السودانية عن القيود المعروفة ومحاولة لم مشاكلها بأنفسها للخروج من الكآبة والملل والضجر والخوف الاجتماعي والشعور بعدم الأمان، وكذلك كمحاولة للشعور بالثقة في النفس واكتساب ماترمي إليه بطريقة مختلفة حتى وإن لم تكن ترضي الأسرة أو المجتمع.
الخرطوم – مريم حسن
صحيفة الحراك السياسي