فتيات في السودان “يطلبن” الزواج “المبكر” إرضاء للمجتمع
عليها “أرغب في الزواج، أقبل التعدد”. ودونت رقم هاتفها على اللافتة.
وتداول رواد التواصل الاجتماعي الصورة بين مؤيد وناقد، لكن الأغلبية أجمعوا على أنهم لا يعرفون الظروف التي دفعت الفتاة إلى طلب الزواج بهذه الطريقة.
وفيما اعتبرها البعض طريقة غير مقبولة، قدم كثيرون عروضاً لإقامة حفل زواج للفتاة في حال وجدت عريساً لا يستطيع إكمال مراسم الزفاف بسبب الحال الاقتصادية في البلاد.
وفي هذا الصدد، قالت الناشطة النسوية ميادة مصطفى إن “ما قامت به الفتاة يدل على أنها تواجه ضغوطاً مجتمعية أو مادية أو أسرية، فهي تبدو في عمر مبكر ولا يجب أن تقوم بهذا الأمر ما لم تجد ضغطاً من قبل أطراف عدة”.
FB_IMG_1652279960026.jpg
فتاة سودانية تطلب عريساً في الشارع العام (وسائل التواصل الاجتماعي)
وعن دور المجتمع في مثل هذه الظواهر، أكدت مصطفى أن “الفتيات يعانين ضغوطات كثيرة، خصوصاً إذا تخرجن من الجامعة ولم يجدن زوجاً مناسباً. هذه التشديدات جعلت كثيراً من الفتيات يقبلن بزيجات من الواضح أنها فاشلة منذ البداية، ولكن يلجأن إليها لإسكات أفواه كثيرين، وهذه الزيجات التي تتم تحت الإكراه أنتجت لنا نسباً عالية من الطلاق، فالمجتمع أصبح يتقبل فكرة الطلاق ولكن لا يقبل تأخر الزواج”.
وعن الضغوط التي تتعرض لها الفتيات في المجتمع، قالت الناشطة إنه “حتى مع التطور والانطلاق نحو الأمام ما زالت كلمة (بايرة) منتشرة في السودان، وتنعت بها الفتاة التي تأخرت في الزواج، وقد دفع الخوف من التنمر والتعيير بالعنوسة فتيات كثيرات إلى الزواج هرباً من ملامة المجتمع، وقبول التعدد أياً كان شكله”.
اقرأ المزيد
دراما “الزواج العرفي” تستفز التونسيين… حقوق المرأة أولا
ضجة حول “منحة الزواج” تعلو على أحاديث السياسة الليبية
المغرب يدرس بجدية إلغاء زواج القاصرات
زواج الأطفال في إثيوبيا يزداد وسط أسوأ موجة جفاف منذ عقود
ظروف اقتصادية قاهرة
الظروف الاقتصادية الصعبة جعلت ملايين الشباب يتأخرون في الزواج، ولهذا السبب انتشرت نسبة العنوسة للجنسين، ولكن الرجال لا يتعرضون لأي نوع من التضييق، في الوقت تتعرض فيه الفتاة لشتى أنواع العنف اللفظي إذا وصلت لسن معينة.
وفي هذا الصدد اعتبر المحلل الاقتصادي عبدالمجيد صالح أن “الأزمة الاقتصادية جعلت أعداداً كبيرة من الشباب يهربون من فكرة بناء مؤسسة الزواج، فالسودان من المجتمعات التي تحرص على إقامة حفلات أعراس ذات كلف عالية تتخطى أحياناً الـ 20 ألف دولار، في وقت تعاني فيه البلاد تضخماً اقتصادياً وضعفاً في الرواتب”.
وعن الحلول التي يمكن أن تنتشل الشباب من الأزمة، قال صالح إنه “في الماضي كانت تقدم الحكومة سنوياً مشاريع لزيجات جماعية تتكفل بها الحكومة، ولكن الآن الأمر ليس مقتصراً على إتمام الزواج فقط، بل في ما بعد الزواج وتكوين أسرة، ما يحتاج على الأقل لـ 1000 دولار شهرياً لتلبية الحاجات كافة، لذلك يجب على الدولة تخصيص كفالة شهرية لمساعدة الأسر للحفاظ على استقرارها أو توفير مواد تموينية”.
وفي وقت تعاني فيه فتيات من إرغامات لإتمام الزواج، ترى الاختصاصية الاجتماعية نجوى موسى أن “الفتيات دخلن سوق العمل بقوة وأصبحن يسهمن في توفير أساسات الحياة، بل إن هناك زوجات يقمن بتوفير حاجات المنزل كلها مراعاة للحال الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد، ومع ذلك مازالت نسب الطلاق في زيادة مخيفة”.
وقالت موسى إن “المجتمع سبب أساس في فشل الزواج أو تأخر الفتيات في الزواج، فهناك ضغوطات كبيرة تتعرض لها الفتاة ويتم إلزامها بالحصول على زوج مقتدر مالياً، فيما ترفض بعض الأسر تزويج فتياتها بسبب العنصرية ولأسباب مادية”.
إندبندنت