مستقبل الزراعة في السودان في ظل الأوضاع الدولية الراهنة
الحرب الروسية الأوكرانية جعلت العديد من الدول تعيد رسم استراتيجياتها، بالذات فيما يتعلق بأمن الطاقة وأمن الغذاء. انهارت مع الحرب مقولة أن التجارة الحرة بديل عن الاكتفاء الذاتي، حيث كانت نظرية التجارة الحرة قائمة على أساس الاستفادة من الميزات النسبية والتنافسية في إنتاج السلع والخدمات، واحداث التبادل بين دول العالم في هذه السلع والخدمات في ظل مناخ من الشفافية والمنافسة الحرة ورفع القيود التجارية.
رأينا الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي واليابان تصادر 300 مليار دولار من المدخرات الروسية في دولها. ورأيناها تطرد روسيا من نظام التبادل المالي الدولي السويفت. وبالمقابل رأينا روسيا تفرض على من يرغب في الغاز الروسي شراءه بالروبل وليس بسواه. ورأينا مختلف دول العالم تمنع تصدير الحبوب الغذائية منها ولو كانت في حيازة الخواص شركات وأفراد.
لدى السودان فرصة هائلة للاستفادة من هذه الأجواء لتحقيق مكاسب اقتصادية، فهو يملك الموارد الطبيعية المطلوبة لإنتاج الغذاء، وجميع الأسواق سوف تكون مفتوحة أمام منتجاته الزراعية بعيداً عن نظام الحصص المانعة للدخول في بعض الأسواق.
يقول الدكتور عبد الله محمد عثمان وهو متخصص في الإنتاج الزراعي ورئيس سابق لمجلس إدارة مشروع الرهد الزراعي بالسودان: (في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية نحتاج لروشتة ذات بعدين، البعد الاول هو تطوير وزيادة إنتاج السلع الغذائية والنقدية التي نتمتع فيها بمزايا نسبية (إحلال الوارد وتعظيم الصادر)، والبعد الثاني هو تأمين شراكة استراتيجية مع الاقربين ومصر بالتحديد.
في البعد الاول إذا ركزت الدولة علي تطوير قدراتها الإنتاجية، في محاصيل معينة هي الذرة والقمح والدخن والفول السوداني وفول الصويا والسمسم والصمغ العربي والقطن، فمن المؤكد ان اقتصادنا سيقطع مشواراً كبيراً نحو الاستقرار والنمو، وتزداد قدرته على الثبات وامتصاص الصدمات.
بنظرة سريعة للسوق العالمي سنجد ان محصول الذرة ينمو سوقه بمعدل 6% سنوياً، ونجد ان تنافسية السمسم السوداني تتفوق على السمسم الإثيوبي والهندي في كثير من الأحيان. كما نجد أن الطلب العالمي علي دقيق الدخن في زيادة مستمرة، وهناك اسواق ضخمة مضطردة النمو للصويا والفول السوداني. فإذا تدخلت الدولة ورعت إنتاج هذه المحاصيل، من خلال إنشاء مجلس سلعي لكل محصول، فمن المؤكد ان اختراقاً كبيراً سيحدث في الاقتصاد السوداني وحياة المواطن.
في البعد الثاني المتعلق بالشراكة والتعاون مع الدول الصديقة، كمصر مثلاً، أؤيد التعامل معها في توفير مدخلات الإنتاج سواء عبر الصفقات المتكافئة أو غيرها، فكرة الصفقات المتكافئة والدولار الحسابي فكرة واقعية وموضوعية، فمصر التي كانت تستورد قمحها بالأمس من اوكرانيا وروسيا، أصبحت تستورده اليوم من الهند، ونحن على مرمي حجر منها، فالأولي ان نبني معها شراكة تتجاوز أوهام السياسة والمطايبات الفارغة، إلى تعاون استراتيجي).
تعليق: شكراً د. عبد الله محمد عثمان على هذه الافادات والمعلومات الرائعة التي نتمنى أن يستفيد منها صانع القرار السوداني. والله الموفق.
د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com