وحدة قوى الثورة .. خطوة على الطريق
على نحو غير متوقع أعلنت ثلاثة أجسام (تجمع المهنيين ــ لجان المقاومة ــ الحرية والتغيير) في محلية الدويم عن تكوين مكتب تنفيذي ذي قيادة موحدة بهدف إسقاط انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، بُعيد وضعها لميثاق سياسي لإدارة ما بعد الإسقاط، الأمر الذي اعتبره الكثيرون خطوة في طريق الإسقاط، فهل من الممكن أن تنتقل هذه الخطوة لمناطق أخرى، وكيف استقبلت بقية المناطق هذه الخطوة، وما هو رأي الأحزاب ولجان المقاومة وتجمع المهنيين بالخرطوم فيها؟..
في بيان مشترك ممهور بتوقيع كتلة المدنية لدعم الإنتقال المدني الديمقراطي ــ محلية الدويم، قالت لجان المقاومة، وقوى إعلان الحرية والتغيير، وتجمع المهنيين بالمحلية، إنهم استشعروا المسؤولية التاريخية، وتساموا فوق اختلافاتهم لتوحيد الرؤى، بعد مناقشات شفافة استمرت طويلاً داخل الأجسام الوطنية الشريفة التي تؤمن بالانتقال المدني الديمقراطي بالدويم.
معلنين تكوين مكتب تنفيذي ذو قيادة موحدة بهدف إسقاط إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي الجاثم على أنفاسهم حتى اللحظة، مؤكدين مضيهم قُدماً في تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة.
وتابع البيان: “سوف نعمل جاهدين على محاسبة كل من أجرمَ في حق هذا الشعب الكريم، ولن يهدأ لنا بال أو نستكين حتى نجتث الفساد من جسد هذا الوطن العظيم، وكذلك لن نقبل بأي حال من الأحوال الذين شاركوا الانقلاب وشرعنوا له وشكلوا له حاضنة سياسية واجتماعية، بل سنعمل بجد وخُطى ثابتة من أجل صناعة الديمقراطية المنشودة وتأسيس أرضية مشتركة لها ”
وكشفت الأجسام الثلاثة عن وضعها ميثاقاً سياسياً متكاملاً لإدارة ما بعد إسقاط هذا الانقلاب. وأردفت: “سنعمل على تطويره كلما دعت الضرورة، فهذا هو الطريق الذي سنسلكه لبناء مشروع وطني يرضي جميع الشرفاء ويلامس أحلام سودان المستقبل”
وأكدت الأجسام على عملها المستمر لوضع دعائم العدالة الانتقالية وضمان استقلالية الأجهزة العدلية لتقديم كل من سفك دماء الشعب للعدالة، داعين كل الأجسام الثورية في مدن وقرى السودان إلى وحدة الصف لإسقاط الانقلاب، مشددين على أنه لا خيار غير وحدة الصف لإنهاء الوضع الإنقلابي ونبذ الخلافات، ممتنين للمجتمع المحلي في التفاعل مع ميثاق لجان المقاومة وكُلٌ من ساهم في إنجاح هذا العمل.
مبعث تفاؤل
وتعد وحدة قوى الثورة المقاومة للانقلاب من أبرز التحديات التي تواجه الإسقاط، فبرغم مرور زهاء السبعة أشهر على الحراك المقاوم، وصدور عدد من المواثيق السياسية، إلا أن الوحدة ما زالت محاطة بالكثير من التحديات وكثر حولها الجدل، السبب الذي دفع البعض للترحيب والاحتفاء بوحدة الدويم
واعتبر القيادي بالحرية والتغيير (المجلس المركزي)، وحزب المؤتمر السوداني، نور الدين صلاح الدين، وحدة الدويم خطوة أكثر من رائعة، وتجد منهم كل الدعم، مؤكداً أن أن هذه الخطوة هي المسار الذي يجب أن تمضي فيه كل قوى الثورة في سائر أصقاع السودان
ويرى صلاح الدين، في معرض حديثه لـ(السوداني)، أن هذا التكوين للقيادة الموحدة في الدويم يشكل مبعث تفاؤل، خصوصاً بعد نهوض أجسام مشابهة في أوقات سابقة مثل الغرفة المشتركة لمقاومة الانقلاب في ولاية كسلا والكتلة المدنية لدعم التحول المدني الديمقراطي في الولاية الشمالية وكلها أجسام تحمل ذات السمات والأهداف لكتلة الانتقال المدني الديمقراطي في محلية الدويم.
وأردف: “بالتأكيد سنعمل وندعم كل ما يوحد قوى الثورة في أي مكان في السودان”
وتابع: “نقول أن الشارع السياسي في السودان موحد اكثر من أي لحظة ما في تاريخ السودان الحديث في رفضه ومقاومته للانقلاب واستئناف مسار التحول المدني الديمقراطي، وأن ما ينقصنا لهزيمة الانقلاب هو التقدم من خانة وحدة الموقف إلى خانة وحدة الفعل”.
فرز الكيمان
ويشدد مراقبون للأوضاع والحراك ما بعد 25 أكتوبر الماضي أن تحركات الشارع بشتى مكوناته الثورية لإسقاط الانقلاب كانت كبيرة وحاشدة، وكادت تسقط الإنقلاب لولا افتقارها لجسم وقيادة موحدة، وعلل ذلك الافتقار المحلل السياسي، د. الحاج حمد، باعتبار أن مرحلة مابعد الانقلاب هي مرحلة صدمة للشارع سيما بعد اتضاح وجود قوى ضخمة متسلقة في الثورة بشكل منفعي.
وأشار حمد من خلال حديثه لـ(السوداني) إلى أن الثورة سلمية، ولم يكن فرز الكيمان بها بالسيف، بل بالإحراج والعزل في الوقت الذي تواجه به قوى مقاومة الانقلاب قوى متمرسة لها 30 عاماً في السلطة، لافتاً إلى أن الإنقاذ جربت كل وسائل الاستمرارية من عنف جسدي بالشارع وعبر بيوت اشباحها ومهادنات تم توظيفها بشكل يتجه نحو التنمية قادت بدورها لفصل الجنوب
وتابع: “لم تدع الإنقاذ وسيلة لاستمرار وإلا واكبتها وجربتها، وهم الآن الأسرع للوحدة بتجماعاتهم وواجهاتهم المختلفة بما فيها قوى حسبت على الثورة قبل الانقلاب العسكري كانت أعينهم تتجه نحو الوظيفة العامة وليس شعارات وقيم الثورة والتغيير”
وأوضح حمد أن عملية الفرز للقوى الثورية بطئية بالتاكيد ولكنها الآن مايزت الصفوف بمساعدة الانقلاب الذي كان بمثابة مغنطيس استطاع جذب كل القوى البراغماتية التي ترغب في الوصول للسلطة والمحافظة عليها كوظيفة عامة بدون مبادئ، و وحدة قوى الثورة ستكون ترياق لهذا.
ونوه حمد إلى أن هنالك خطة إلى إضعاف قوى الثورة وشق وحدتها عبر شركات وميزانية ضخمة في يد الجيش وحركات مسلحة تمثل القوى العالمية والمخابراتية وهي أيضاً كتلة ضخمة تنظر لمصالحها
وأردف: “في الواقع يجب التعلم من تجرية الدويم بحكم أن المدينة مركز إشعاع ثقافي وتعليمي تاريخي وندعهم يقودوا وحدة قوى الثورة”.
ولفت: “هنالك ثلاث كتل رئيسية انتقلت للسلطة، مجموعة الميثاق، مجموعة المبادرات والكيانات.
ويرى حمد أن تجمع المهنييين ولجان المقاومة والحرية والتغيير وبقية المكونات الثورية المقاومة للانقلاب بطيئة بسبب تجربتها الأولى في توقيع الوثيقة الدستورية والانقلاب عليها، قاطعاً بأن مدينة الدويم كسرت الخندقة الأحادية للمقاومة.
واستدرك قائلاً: “البعض ينتظر الدور العالمي لوحدة قوى الثورة كما حدث بالوثيقة الدستورية”.
وقطع حمد بأن الصراع طبيعة الأشياء ولا غرابة في وجوده بين المكونات الثورية والحزبية المقاومة، مشدداً على أن الإشكالية تكمن في مستوى الوعي بين الكتل السياسية والرأي العام، وشدد حمد على ضرورة وجود برنامج حد أدني وطني كتكتيك للوصول إلى الهدف الإستراتيجي عبر مشروع وطني يتخطى الكتلة، ويضم أكبر عدد من الرافضين للانقلاب.
الخرطوم: هبة علي
صحيفة السوداني