د. أحمد عيسى محمود: حرمة الدماء
تواصلت مع الكثير من أهلي بالجنينة. وخلصت بأن هناك رغبة صادقة من الجميع لوقف نزيف الدم فورا. ولكن من يقنع تجار الدم داخل وخارج دارفور والسودان بذلك. منهم من تفنن في حبك الدسائس منذ أمد بعيد. ويظن المسكين أن حصاد غرسه قد حان وقته. فتلك الفرصة التي لا تعوض. ومنهم من برع في لي عنق الحقيقة. هاربا من تحمل مسؤولية ما يجرى الآن. محملها الغير. وثالث من تجرد من الرحمة. ومازال يؤجج في الصراع تلبية لرغبة شيطانية تملكت عقله. وكثير من لاذ بالصمت غضا للطرف عما يحدث الآن من مجازر. ونسي هؤلاء الحمقى بأن زوال الكعبة أهون عند الله من قتل نفس مؤمنة. فما بالك بمن قتل الآلاف؟. يا هؤلاء لقد بلغ سيل المأساة زبى الواقع الأليم. ها هي حرب الشوارع في الجنينة قد بدأت. وخوفا من انتقال نار الفتنة لبقية عواصم الإقليم. ليختلط حابلها بنابلها. ألم تسمعوا بتحذير الحبيب عليه السلام: (إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ). ألم تعوا وصيته (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ). أيها القاتل أين أنت من قوله تعالى: (وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا). ماذا يضيركم إذا تجاوز بعضكم عن هفوات البعض. امتثالا لقوله: (وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا). أليس بتلك الأخوة تكونوا قادرين على إعادة دارفور (لسيرتها الأولى). أرض قرآن وتعايش مجتمعي آمن؟. ورسالتنا للساسة وعقلاء المجتمع بدارفور وبقية السودان. أن دعوا التلاوم. هلموا لإيقاف النزيف (لَّا خَيۡرَ فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰحِۢ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا). أيها القابضون على الزناد تقاتلا (فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ). وخلاصة الأمر نناشد البرهان بأن يسارع الخطى لوقف المحرقة. وباعتباره سلطان زمانه فهو مسؤول أمام الواحد الديان عن كل قطرة دم سالت غدرا وخيانة من أناس أمنوا العقاب وأساءوا الأدب. ونحن في أخريات الشهر العظيم نبتهل أن يلهم أهلنا بدارفور الحكمة والصواب. وأن يحكموا صوت العقل. وأن يخافوا الله في أهلهم البسطاء المتواجدين بين الدوشكات والمدافع الثقيلة.
د. أحمد عيسى محمود
عيساوي
الأربعاء ٢٠٢٢/٤/٢٧