برهان مابين مسجد السنهوري والمسجد الكبير
الخطوة التي أقدم عليها السيد الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة أمس بتناوله وجبة الإفطار الرمضاني مع الجموع الغفيرة في المسجد الكبير بالخرطوم، من جانب اصابت الجميع بالذهول ومن جانب آخر كانت تحمل رسالة مهمة للخارج..و أنا على يقين أن فولكر نفسه بعد هذا المشهد يحتاج إلى إعادة حسابانه بما يتماشى مع هذا المستجد العظيم..
*فلم يدر بخلد أحد من أعتى المحللين السياسيين ولم تكشف لنا قارئات الكف والفنجان ولا المنجمين ولو صدقوا أن يخرج البرهان من الطوق والطور الأمني إلى رحاب الفضاء الفسيح والجماهير العريضة..
*وذلك لأن الظرف الذي تمر به البلاد والمتمثل في الحياة الضنكة التي يعيشها الشعب السوداني من فقدان لكثير من مقوماتها بما فيها غلاء المعيشة الطاحن والخبز الذي عز على معظم الأسر.. عطفاً على قطوعات الكهرباء وإنعدم مياه الشرب في بعض المناطق وفقدان الأمن بسبب إنتشار عصابات 9طويلة التي روعت المواطن..كل ذلك يجعل الخطوة التي أقدم عليها (حاكم البلد) والحفاوة التي استقبلته بها الجموع..ضرباً من ضروب المعجزات.. إذ أنه لم يكن أمام هذه الحشود سوى حمله على الأكف والأعناق وإذا أضفنا إلى ذلك التزاحم والتسابق نحو مصافحته فليس لنا إلا القول أننا أمام شيخ عارف عاد إلى حوارييه بعد طول غياب وإنتظار..
*والتفسير المتاح لنا مقارنة بالوضع المزري الماثل والمعيشة الصعبة أن المواطن السوداني يتفهم جيداً أن هذه الأوضاع ليست إلا تركة ثقيلة ورثها العسكر من العهد القحاتي الذي أوصل البلاد إلى هذا الدرك الأسفل من الفوضى والسوء حيث إنشغلوا بالتمكين الأيديولوجي والتسابق نحو نهب الأموال.. فضلاً عن الخلخلة التي كانت تجري في بنية الشخصية السودانية القائمة على الدين..
*ولو تدرون أن ما حدث في مسجد السنهوري قبل أيام قلائل لعناصر منظومة قحت عندما حاولوا تعبئة المصلين للمشاركة في موكب 6 أبريل من طرد وهتافات معادية وهادرة هو البروفة العملية لما أقدم عليه البرهان بزيارته للمسجد الكبير في قلب الخرطوم.. أو أنه اقتبس هذه من تلك،ومهما يكن من أمر فإن المحصلة التي يمكن أن نصل إليها أننا أمام رجل في غاية الدهاء يعرف متى وكيف يهتبل الفرص ويعرف كيف يوظفها..
*وفي تقديري ما حدث في مسجد السنهوري والمسجد الكبير لا يخرج من سياق ما يمكن وصفه بالدعاية الإنتخابية المبكرة،ولا بأس طالما هو يجد هذا القبول..والذي يريده الشعب الآن من السيد البرهان أن يقدم نموذجاً راشد للحكم يجعله- أي الشعب يلمس الفريق بين ماكان قبل 25 إكتوبر وما بعدها …
مراد بلة
في البدء الشعب السوداني متسامح إلى أبعد مدى ولم يعرف في تاريخه الطويل الاغتيالات السياسية وبالأخص في المساجد ما عدا الفئة الضالة عن سياق هذا المجتمع، ويا أسفي عليك أن ترمي معاناة هذا الشعب على ثلاثة سنوات وتتعامى وتتغابى عن بحر متلاطم من التركة العبثية لمدة ثلاثة عقود، لعن الله الوعي والإدراك الذي جعلكما تتغابون عن الحقائق وتغبشون فهم الناس أن السبب قحاته ديل قحاته قال.