رأي ومقالات

مؤانسة أثيرية مع المشير عمر البشير ورفاقه في ذكرى ليلة الخيانة العظمى ليلة سقوط الأقنعة في 11 أبريل 2019

مؤانسة أثيرية مع المشير عمر البشير ورفاقه في ذكرى ليلة الخيانة العظمى ليلة سقوط الأقنعة في 11 أبريل 2019
******
1
في ليلة الخيانة العظمى
أخبروك بأن حلقات التآمر قد اكتملت وأنهم ، وهم أبناؤك ، قد عزلوك ، وكانت الوجوه التي تنظر إليك هي ذات الوجوه التي سقطت أقنعتها ولم ترد اسقاطها ، وأن الرجال هم ذات الرجال الذين أعددتهم ليوم كريهة وسداد ثغر قلبوا لك ظهر المِجَن. جاءوك فجراً
فلم يجدوك مستلقٍ على فراشكَ أو لاهياً في جلسة أنس في إحدى مزارع المترفين تدار فيها الكؤوس وتتعاطى ما لذ وطاب من الشهوات الحرام ، بل وجدوك في المسجد قائما تصلي خاشعاً مطمئناً بين يدي الرحمن .. قالوا لك إن الجماعة قد قضوا بعزلك وأن دولتك قد دالت لغيرك ، لم تسأل ، لمن؟ وكنت تعلم أن الملك لله مالك الملك ، فحمدته حمدا كثيرا واوصيتهم بالبلاد خيراً ولم تزد . أذهلهم ثباتك وكنت كالليث رابضاً في عرينه بين أشباله.
ولظنك أن أبناءك سيتسوصون بالبلاد خيراً ويحسنون معاملتك وبينك بينهم عهد وبيعة ورفقة سلاح وسكنى أحراش وخنادق ومعارك حامية الوطيس خَبَروكَ فيها جندياً هماماً وقائداً شجاعاً وأخاً كريماً وصديقاً حميماً تتفقدهم في السراء والضراء، وبعضهم وصلته نُعْمَى يديك ، فقبلت أن تُسْلِمَ نفسك لهم ، لأنهم قالوا لك اطمئن فالبلاد في أيدي الرجال الذين استأمنتهم عليها والذين كانوا طوع بنانك والذين خاضوا كل المعارك التي لم يهزم فيها جيشٌ كنت قائده الأعلى ، وكان ذلك ظنك لأنك نقيُّ السريرة لذلك لم يداخلها شكٌ في خيانة ولا ارتابت في قادة جيشٍ صنعت رجاله وسلاحه وعتاده بعد وهنٍ وضعف ألم به بعد أن أشاحت عنه الأحزاب ولم تهتم به وهم في شقاقٍ وصراعٍ حول مناصب اللا دولة وهم في غفلتهم يعمهون . كان يقينك أن الذين يصرخون ويهتفون أمام القيادة العامة هم أبناؤك وأهلك الذين أصابتهم دائرة الفقر والغلاء وليس بينهم عملاء أو دخلاء ولا خونة ولا سفراء يتربصون بك ريب المنون ، ولم تكن تعلم أنهم ماثلون أمامك بأقنعتهم بل هم أقرب إليك من حبل الوريد ، ولم تكن تعلم أن أقرب الرجال إليك هو الذي كان يدير سيناريو السقوط ومشهد الخيانة العظمى .
2
عندما أسفر الصبح وانزاحت سدوف الظلام ، ورفع الستار عن مشهد جديد من مسرحية الهبوط الناعم رقصت الثعالب وعلا ضُباحها واختلط غناء بنات آوى مع عواء الذئاب وهدير القطيع وثغاء الشياه وصيحات الرعاة من الدجالين وهم يصرفونه يمنة ويسرة ، يمنونه الأماني ليغبّشوا بها وعيه ويرمون أمامه أشكالاً وألواناً من علف الأكاذيب والإفك ليصرفوا أبصارهم عما في بلادهم من نعمة وما في دينهم من عزة وكرامة ، وجاءتهم شياطين الغرب تخوفهم بالمجاعة وتعدهم الفقر وتأمرهم بالفحشاء . كانت تلك حاضنة السوء التي أرضعتهم لبان الكراهية للدين والوطن وصنعت منهم وقودا للفتنة وضحايا لمشروعهم الذي يجعل منهم معاول لتدمير بلادهم وتتخذهم جيشاً لغزوها ذاتيا .
حدث كل ذلك عندما أخرجوك من عرينك وبشرهم أحد رؤوس الخيانة والفتنة من ذوي القربى ، بأنهم اقتلعوا رأس النظام ، الذي كان هو نائبه وساعده الأيمن ، واحتفظوا به في مكان آمن …. ولكنهم ما دَرَوا أنهم بفغلهم الخؤون هذا قد وضعوا البلاد في مكان غير آمن ، ثم ولَّوا الدبر ليأرزوا كالحيَّات إلى مخادعهم في قصورهم التي أعدت لهم ثمناّ للعمالة والخيانة
3
وبعدها جاءك خفافيش الظلام حلفاء الأمس من الأعراب الذين ناصرتهم حين عزَّ النصير وأجرتهم حين استجاروا بك حيث لا مجير فدفعت لهم رجالا أشاوس من عرينة جيشك

لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهانا

جاءوا يذودون عن حياض بلادهم بنيِّة حماية ديار الإسلام ومقدساته . جاءك المعذِّرون من الأعراب عشاءً يسترضونك وقد أعدوا لك طائرة خاصة ومهربا آمنا إلى مكان مترفٍ أُعِد للخونة من الرؤساء والملوك وأرقائهم الذين شروهم بثمن بخس من الرشا والأعطيات وضحايا خياناتهم ومؤامراتهم وقد جعلوا منهم متحفاً وموقعا للسياحة السياسية ومرتعاً للجواسيس ورجال المخابرات ليفشوا لهم أسرار أوطانهم والمحظور منها وخاصة في نظام استمر ثلاثين عاما خضت فيها عشرات المعارك العسكرية والسياسية والدبلوماسية ، وواجهت فيها اقسى أنواع العقوبات والحصار الاقتصادي ودعاوى كذوب بالإبادة الجماعية في دارفور وقد جيشوا لك أكثر من ٦٥ حركة مسلحة وعشرات العملاء في أوروبا وأمريكا كانوا يلفِّقون التهمَ ويزوِّرون الوثائق ويبثون الأراجيف والأكاذيب عبر دوائر الاستخبارات العالمية ولجان الكونغرس الأمريكي والاتحاد الأوروبي ومجلس حقوق الإنسان وآلاتهم الإعلامية الضخمة وكل آلات البطش العالمية . جاءوك من فوقك ومن تحتك في صيف العبور ونورك في قلبك يقين وعن يمينك وعن شمالك وليس في آخر النفق إلا نور الله المبين ، ذلك لأن من كان في معية الله لا يسير في الظلام ، جاءوك من كل دول الجوار بما كان يسمى خطة الأمطار الغزيرة فهطلت عليك ولم تزدك إلا قوة وازدهارا ونماء فانتصرت عليهم عسكرياً واقتصاديا وسياسيا وكسرت حلقات الحصار باستنهاض قيم العزة القعساء والكرامة الشماء التي تأبى الإنكسار لقوى الاستكبار مقابل المنح والقروض المشروطة وسفائن القمح المسمومة ووراءك شعب صبور وجيش باسل جسور وعلماء وخبراء دقوا الصخر بفكرهم وعزمهم وليس بالأماني والأغاني فأخرجوا لوطنهم بترولا وقمحا ووعداً صادقاً وأمنيات تحققت بالتوكل والعزم الأكيد لا بالغناء والشعارات والأناشيد التي قالت “سنبنيه” وعندما سرقوا السلطة في ثلاث سنوات دمروه وأوردوه موارد الهلاك . أما أنت فقلت لهم في صمت بلسان حال العمل .
وما نيلُ المطالبِ بالتمنِّي
ولكنْ تُؤخذُ الدنيا غَلابَا
4
أرادوا أن يلوِّثوا صحائفك البيضاء ويطمسوا تاريخك الناصع الزاخر بالمنجزات والملاحم أرادوا لك بمكرهم أن تختم أيامك بالهروب من وطنك الملتهب بثورتهم المصنوعة بليل ويكتمل مشهد السقوط بتصويرك هارباً تشيّعك هتافات ولعنات الجماهير المغرَّر بها والمخدوعة بشعارات الثورة المصنوعة والأماني الكذوب ، لتسجل بذلك إدانة على نفسك ورفاقك بأنك لص وجبان وخائن بدليل هروبك من بلادك خوفاً من العدالة ولكنك أبيت وقلت (ربِ السجنُ أحبُ إليَّ مما يدعونني إليه)
كان خيارك هذا محرجاً لصنائعك من الرجال ، فأبيتَ الهروب إعزازاً لجيشك الباسل الذي لا يحب أن يرى قائده صاحب أعلى رتبة في الجيش ذليلاً يولِّي الدُبر وفي أعناقهم وأيمانهم بيعة له في المنشط والمكره ، قبلت التخلي عن منصبك السياسي ولكنك لم تقبل التخلي عن أخلاق وقيم العسكرية فالواحد في ميدان الحرب لا يولي الدبر أمام جيش لم يهزم ، وكنت قبلُ كماقال المتنبي لسيف الدولة الحمداني :

تَمُرّ بكَ الأبطالُ كَلْمَى هَزيمَةً
وَوَجْهُكَ وَضّاحٌ وَثَغْرُكَ باسِمُ

فآثرت أن ترعى عهدك معهم وأنت رمزهم ، وأن تضرب لهم المثل في الشجاعة والإقدام وصون شرف الجندية ولا تقبل إذلالاً ومهانة لجيشك وشعبك . آثرت أن تثبت في أرض روتها دماء ثلاثين ألف شهيدا بايعوك على الموت في سبيل الله والوطن ، ولا زالت ملاحمهم ترمي بحممها في قلوب أعدائك كالقصر ولا زالت بطولات فرسانك منقوشة في الوجدان وصورها مرسومة في جداريات التاريخ ولازالت أمهات الشهداء يزغردن لشهادات أولادهن وما زال آباؤهم يهللون ويكبرون ولا زالت أعراس الشهداء تنتظم البلاد. أتذكر ذات نفرةٍ وكنت واقفاً تخاطب الجيوش وكتائب الدفاع الشعبي الزاحفة للقتال ، إذ جاءتك أمٌ شقت طريقها إلى المنصة بإصرارٍ لتقدم لك ولدها الوحيد ذا الستة عشرة عاماً ليذهب مع أحد الألوية للجهاد في سبيل الله والوطن ، فطلبت منها برفق أن تتركه حتى يبلغ أشده فانصرفت وعيناها تغرورق بالدمع ، أي روح تلك التي بعثتها في شعب كان من قبلُ محبطاً يئوساً قنوطاً . في تلك الليلة كانت أرواح الشهداء وأطيافهم تَحاومُ أمام عينيك ، وكنت تحدِّقُ في من يقف أمامك من الخونة بازدراء لأنك كنت تلك اللحظة ترى ما لا يرون وكان بصرك حديدا . فقلت السجن أحب إليّ من هذا العار والشنار . تركت وراءك كل الدنيا ومافيها وذهبت خالي الذمة واليدين من عرض الدنيا
وكأني بك كنت تردد قول علي بن الجهم عندما تآمر عليه حساده مع الخليفة المتوكل وأدخلوه السجن:-

قالَت حُبِستَ فَقُلتُ لَيسَ بِضائِرٍ
حَبسي وَأَيُّ مُهَنَّدٍ لا يُغمَدُ
أَوَما رَأَيتِ اللَيثَ يَألَفُ غَيْلَهُ
كِبراً وَأَوباشُ السِباعِ تَرَدَّدُ
وَالشَمسُ لَولا أَنَّها مَحجوبَةٌ
عَن ناظِرَيكِ لَما أَضاءَ الفَرقَدُ
وَالبَدرُ يُدرِكُهُ السِّرارُ فَتَنجَلي
أَيّامُهُ وَكَأَنَّهُ مُتَجَدِّدُ

ستعود منتصراً وستدور عليهم الدوائر وسيذوقون وبال ما كانوا يأفكون
5
صدق جبران خليل جبران حين قال

وَالحَقّ لِلعَزم وَالأَرواحُ إِن قويت
سادت وَإِن ضعفت حَلَّت بِها الغِيَرُ
فَفي العَرينَةِ ريحٌ لَيسَ يقربُهُ
بَنو الثَّعالبِ غابَ الأُسدُ أَم حَضرُوا
وَفي الزَّرازيرِ جُبنٌ وَهيَ طائِرَةٌ
وَفي البزاةِ شُموخٌ وَهيَ تحتَضرُ
وَالعَزمُ في الرُّوحِ حَقٌّ لَيسَ يُنكرُهُ
عَزمُ السَّواعدِ شاءَ النّاسُ أَم نكرُوا
فَإِن رَأَيتَ ضَعيفاً سائِداً فَعَلى
قَومٍ إِذا ما رَأوا أَشباهَهم نَفَرُوا

هؤلاء وجدوا عرينك خالياً فهجموا تلك الليلة على بيتك ومكتبك ملهوفين دون حسيب ولا رقيب ولا لجنة قانونية لإحصاء ما فيه وتسليمه للجهات العدلية . فوجدوا حفنة من الدولارات ادخرتها لتكون سنداً للبلاد وقت الحاجة ، فملأوا الدنيا زعيقا وصياحاً أمام قطعيهم ، ولم يشيروا إلى المستندات التي تبين مصدرها وأوجه صرفها التي عددها مدير مكتبك أمام المحكمة التي قضت بسجنك حقدا وتنكيلاً عامين بتهمة حيازة حفنة من الدولارات أنت كنت تنفق أضعافها للفقراء والمساكين وأصحاب الحاجات وأنت تزجي وفودك ورسلك ليلاً ليتحسسوا الفقراء في كل أصقاع البلاد لتدخل على نفوسهم الفرحة في العشر الأواخر من العيدين في برنامج الراعي والرعية . أما الآن فقد أصبح إفقار الرعية مشروعا تبنته الدولة وفرضته عليها سياسات البنك الدولي والمانحين اللئام الذين إن منحوك دولارا استردوه منك بفائدة تربو أضعافاً مضاعفة على أصل الدين
تذكر أنني وصفت ذلك المشهد شعرا وكنت مرافقاً للشهيد الزبير في إحدى زياراته الليلية للفقراء في أحياء نائية منسية في العشر الأواخر من رمضان فقلت:-

وقلبُكَ ملجأٌ فيه يتامى
وكفُّكَ عندهم حبلُ الوريدِ
وعُرْفُ يديكَ عَرْفٌ عبقريٌّ
سَرَى للحِبِ والخصم اللَّدود
صحبتك تحت جُنْحِ الليلِ تُزجي
مواكب للعطاء بلا حدودِ
تزور منازلاً فتزيلُ عنها
همومَ العيشِ والفقر الشديد
تَلَطَّفُ حين تدخلُها وشيكاً
وتخشى من.أذى يدِكَ الرًفودِ
وتخشى حين تُعطي من رياءٍ
فتُحسبَ صائدَ الشُكرِ العتيدِ
كأنّكَ طالبٌ سؤلاً لديهم
وهم أعطوك من زادٍ زهيدِ

6
اتهموك زوراً وبهتانا بالاتجار بتلك الحفنة من الدولارات في السوق السوداء وكان لأحد الضباط الذين كانوا من حاشيتك نصيبٌ منها لأداء واجب وطني لكنه سكت ولم تستطع المحكمة استجوابه لأنه صار من أصحاب السلطة والبأس. بينما غضُّوا الطرفَ عن فساد رئيس الوزراء الذي كان يتقاضى راتبه ومستشاريه من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بالدولار وقد حرَّر مكتبه خطاباً بذلك.وأنه اشترى من السوق السوداء ما يعادل 405 مليون دولارا دفعت كتعويضات لضحايا عمليات إرهابية لم يكن السودان طرفاً فيها وقد برأت المحكمة العليا السودان من المشاركة في عملية ضرب المدمرة الأمريكية يو أس كول بتاريخ ٢٦/مارس ٢٠١٨ م وأنت على سدة الحكم تقارع المحاكم الأمريكية الحجة بالحجة ولم توافق على إذلال السودان وابتزازه ، فكان لك ذلك بجهود وزير خارجيتك القدير السجين البروفسور إبراهيم غندور فك الله أسره . والسؤال الذي يلح على كل شريف ومنصف ……
من هو الذي يستحق المحاكمة والسجن ،
الذي أخذ المال العام وانتزعه من أفواه الجياع ودفعه في صفقة خنوع وإذعان لمن لا يستحقونه وداس على حكم المحكمة العليا الأمريكية ، ولجنة التقصي حول تفجير السفارتين الامريكيتين والتي برأت السودان لاحقاً من المشاركة في هذه العملية ؟ أم الذي حرَّر للسودان شهادة براءة من تهمة الإرهاب وحقق نصراً مبيناً لوطنه وأبى أن يذعن ويستجيب لابتزاز الكاوبوي الأمريكي الذي يمتطي فريسته إذا أذعنت له كما يمتطي فرسه ؟ . وخشية الملاحقة القضائية كافأوا عميلهم اللا منتمي لوطنه ذات ليلة مدلهمةٍ كالحة بأن هيأوا له مهرباً وخروجاً آمناً دون مساءلة عن فساد وأخطاء تاريخية ارتكبها في حق السودان وقد ذكر محافظ بنك السودان السابق أن حمدوك بدُد خمسة مليار دولار لا يدري أحدٌ أين ذهبت . بينما أُخِذْتَ أنت ورفاقك إلى السجن بعد محاكمة سياسية تنكيلا وتشهيرا ، ما لهم كيف يحكمون ؟ ولا يزالون يحاكمونك على انقلاب انقذ البلاد من إنهيار وشيك وهزيمة نكراء وكانوا هم شركاء في كل حكوماته وكان كثير منهم مستوزراَ فيها ولم يكُ قبلُ شيئاً مذكورا . وقد عاهدتك الحركات المسلحة ونكصت وأصبحت من صناع الثورة بعد حروب أهلكت فيها الحرث والنّسل ولا زالت الأرواح تزهق والدمار تسيل في دارفور . الآن صارت تلك الحركات تسمى تدليلاً “حركات الكفاح المسلح” رغم أنها كانت تقاتل الجيش الوطني ولا زالت ملاحقة في قضايا ثأرات في دارفور ولا يستطيع شركاؤها في الحكم يتوجسون خيفة أن يخرجوا للقاء أهل دار الفور اتقاءً لأصحاب الثأرات من القرى والقبائل التي اعتدوا عليها ونهبوها وانتهكوا حرماتها بينما كنت تلتقيهم وحشودهم على مد البصر بصدر مفتوح مكشوف وتحدثهم بلسان صدق وأنت تفتتح المستشفيات ومحطات المياه والكهرباء والجامعات والمدارس ومراكز الشرطة والطرق والجسور وهم يغنًون وأنت تَحْجِلُ أمامهم فخراً وعزاً حيث يكون الفخر والخيلاء مباحاً
7
الآن أنت ورفاقك أصبتم بداء الكرونا نسأل الله لكم الشفاء ، رغم أنكم معزولون قسراً في سجن عليه أحراس شداد غلاظ فليت شعري كيف تسلّل إليكم هذا الداء اللعين رغم هذا العزل القسري وهو خير واقٍ من الإصابة بسبب الإختلاط ، ولذلك سارعت إدارة السجن بإصدار بيانٍ أوضحت فيه أن بعض الضباط والحرس والمساجين قد أصيبوا بداء الكرونة ليدرأوا عن أنفسهم شبهة القصد على خلفية سوابق حدثت عندما مات سجناء من إخوانك غيلة بحرمانهم من العلاج والرعاية الصحية كما نقلت ذلك الصحف وضجت الأسافير ، والفضيحة الكبرى أن القضاء حكم ببراءتهم ، بعد أن حكمت قحت بإعدامهم غيلة لأن الهدف من السجن كان التخلص منهم وليس تحقيق العدالة .
فرح أعداؤك بمرضك ودعوا عليك بالموت الزُؤام ، لكن الملايين من الأوفياء ظلوا يدعون لك بالشفاء . لأنك ينيت لهم عشرات المستشفيات ومئات المراكز الصحية في المدن والقرى والبطاح النائية وعبّدت لهم الطرق فأنفذت العديد من الأرواح التي كانت تقطع الفيافي بحثا عن مشفى في المدن النائية وكان جلها يُزهق في الطريق . ولأن عهدك شهد نهضة غير مسبوقة في هذا القطاع الصحي ، فكان علاج الأطفال مجاناً في كل الولايات وكذلك علاج السرطان وغسيل الكلى وعمليات القلب المفتوح ومشروع التأمين الصحي شمل أكثر من ٧٠% من المواطنين وأطلقت مشروع توطين العلاج بالداخل فكان مستشفى يونيفيرسال العالمي تحفة من الروعة والجمال والحداثة عندما دخلوها تكاد قلوبهم تميز من الغيظ ولولا بقية حياء وخوفٍ من الإعلام لدمروها جهاراً نهاراً . كما دمروا الكثير من المنجزات في القطاع الصحي فتردت الخدمات وأعلن مدير وزارة الصحة أن ميزانية وزارة الصحة في العام ٢٠٢١ قد تدنت إلى ٢% من ١٢% من الموازنة العامة للدولة إن كانت هنالك موازنة .
المكان الذي ترقد فيه الآن مريضاً كان أرضاً خراب والآن صار صرحاً شامخاً من صروح القطاع الصحي مفتوحاً للجمهور ، لذلك مَنَّ الله عليكم بالشفاء والحمد لله .
8
كنت تزور المرضى في مرافدهم تحمل عصاك وتعتمر عمامتك وتتلفع ملفحتك وجلبابك الأبيض الخلاب وليس متلاوذا من عدو ولا خائفاً من متربص وحولك رجال قليل تكسوك هيبة القائد المنصور وتعلووجهك ابتسامة الرجل الجسور وتواضع الإنسان البسيط المطمئن الآمن في سربه . واليوم جاءوا بك عليلا إلى المستشفى في حرس شديد ، فإن كان خوفاً منك فقد استيقنوا أنك أعزل ولكن الله لم ينزع مهابتك من صدورهم وقد استيقنوا أنك لن تهرب أبداً ، ولو كنت تود الهرب لفعلت ليلة أن هيأوا لك مهرباّ ملوكياً تروح فيه وتغدو بين بَخٍ ويا مرحى به . هل كان ذلك حرصا عليك من الأعداء يا تُرى ؟ ولو كان الأمر كذلك فقد عهدوك تخاطب شعبك كفاحاً بلا دروع ولا سترات واقية من الرصاص وأنت تَحْجِلُ بعصاك بارزاً في منصتك أمامهم بلا خوف ولا وجل حتى في قرى ومدن دارفور التي اتهمت فيها بارتكاب جرائم تطهير عرقي ملفَّقة ومزعومة ، بينما لا يستطيع أي من قادة الحركات المسلحة أن يخرج من نطاق قبيلته إلى القبائل الأخرى وقد طرد رئيس الوزراء من مسقط رأسه كما طُرِدَ هو ووزراؤه من جميع الولايات ، بل طردوا حتى من مظاهراتهم التي ظنوا أنهم قادتها ففر أحدهم هرباً من الثوار فأدخلوه مخزنا وضرب أحدهم في مسيرة أسموها جرد الحساب كما تعرض آخر للضرب والسباب فصاروا كما قال تعالى :-
﴿مَّلۡعُونِینَۖ أَیۡنَمَا ثُقِفُوۤا۟ أُخِذُوا۟ وَقُتِّلُوا۟ تَقۡتِیلࣰا﴾ [الأحزاب ٦١] ٩
نشهد ويشهد لك أعداؤك إنك لم تكن فاجراً في خصومتك مع أعدائك وخصومك السياسيين ، لقد كنت تزورهم في مخابئهم لتعودهم وهم مرضى وترسل بعضهم للعلاج بالخارج . وقد وجهت ببناء بيوت لمن لا يملكون بيوتاً ووجهت بحراسة ورعاية وتوظيف أسر من كانوا يقاتلونك في الأحراش وكان بينك وبينهم صلح واتفاقية نكصوا عنها ، لقد حاورتهم ببسالة وقاتلتهم ببسالة . ولقد أرسلت لهم نائبك الشجاع الجسور الزبير محمد صالح أعزل مسالماً إلى الأحراش ليحاورهم ويأتي بهم إليك مسالمين آمنين ففعل . لقد استقبلت الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم وهي أحد ألدِّ الخصوم بعد أن تخلى عنها حزبها وقد بلغت من الكبر عتيا واودعوها دار العجزة فوجهت بعلاجها وأعدتها إلى وطنها عزيزة مكرمة فقط كرمز من رموزنا الوطنية بعيدا عن الخلاف الآيدولوجي والخصام السياسي فقط لأنكم سودانيون . وفي لقائك بها لأول مرة في مدينة القطينة هرولت نحوها لتسلم عليها فعانقتك عناق الأم الرءوم وبكت وقالت بملءِ فيها ” والله نحن أعظم شعب وأنت أعظم رئيس”
وتأتي شهادات خصومك تترى من أهل اليسار وغيرهم
تذكر أن أخاها الشاعر الكبير صلاح أحمد إبراهيم قد زارك معجبا ومبهورا بثبات جنودك الاشاوس في الأحراش وجلد والدة الشهيد وداعة الله وكتب قصيدة في موقف ابنها الشاب الشاعر المقاتل وتبرع دعماٍ للقوات المسلحة . وذهل لما وجدك تحفظ قصيدته الشهيرة “نحن والردى” عن ظهر قلب وأعجب ببساطتك وحفاوتك به وأنت تقود بلاداً تخوض معارك في كل الاتجاهات .
هل تذكر أنك وجهت بتكريم الروائي العالمي الطيب صالح وافتتحت مهرجان الجائزة بنفسك وقابلته حفياً به ومبجلاً إياه . رغم أنه هو الذي أطلق قولته الشهيرة “من أين جاء هؤلاء” فسارت بها الركبان وصارت عنواناً لكل معارض ومثلا يضربه كل خصم لرهطك . لقد نسخ قوله ذلك بشهادة شهيرة عنك قال فيها إنه لمس فيك طيبة الأهل وبساطة السودانيين وأنك الرئيس المناسب لهذا السودان ، وقد أدرك وقتها بمشاعر الأديب النبيل وحسه الرفيع الأجابة على سؤاله وهي أنك جئت من ضمائرهم وخرجت من سرائرهم التقية النقية (يمكن مشاهدة اللقاء مع الروائي العالمي الطيب صالح في اليوتيوب) . كانت الصور المغلوطة عنك كمجرم وسفاح والبروبغاندا التي أطلقها العملاء وملأوا بها الدنيا تتبدد كلما زارك خصومك وتعرَّفوا عليك عن قرب .
10
كانت الحملة عليك وعلى نظامك شديدة بأعلى درجات رختر ولو وجهت إلى جبل لانهار من عظم الكيد والبهتان .
أضاع أعداؤك وقتا ثميناً في هذه اللحظة الحرجة بعد ثورة ديسمبر المصنوعة ، فلم ينجزوا شيئا ولم يفوا بما وعدوا به قطعيهم . فانصرفوا للبحث عن وثائق وبيِّناتٍ قانونية يدينونك ورفاقك بها وتدعم ما قالوا لقطيعهم جزافاً ذات ليلٍ بهيمٍ ورؤية غائمة في ساحة الاعتصام ونشروا قائمة لأعضاء الحركة الإسلامية الذين سجلوا أمام كل منهم مليارات وملايين الدولارات في بنوك غربية وفي مخابئ وهمية وأنها لو استردت سيحيلون السودان إلى جنة نعيم . فلم يجدوا سنتاً واحداً من تلك الأموال المنهوبة في قصص الخيال الإسفيري . فازدادوا فقراً على فقر وبؤساً على بؤس . أنشأوا لجنة لتفكيك نظام الثلاثين من يونيو وهي لجنة فوق دستورية منحت كل صلاحيات النظام العدلي في البلاد فصارت هي الخصم والحكم . خصصت اللجنة لنفسها برنامجا اسبوعياً تعلن فيه ما فتحته من بلاغات ضد من نهبوا أموال الدولة وما استردته من أموال وعقارات وشركات ومزارع وفنادق ومنظمات لا يُعرَفُ حتى اللحظة أين ذهبت تلك الأموال التي بلغت ملايين الدولارات وتريليونات الجنيهات السودانية . وقد قال البدوي وزير مالية قحت الخبير الأممي بعد أن انطلى عليه الوهم والبهتان إنه سيحل الأزمة الاقتصادية من تلك الأموال وكان ذلك هو برنامجه الاقتصادي ، فيا للبؤس ويا للغباء ، ثم أعلن لاحقاً أنه لم يتسلم فلساً واحداً منها . وكذلك قال الوزراء الثلاث الذين تعاقبوا على وزارة المالية .والقضية معلومة للجميع.
لكن ما يهمنا هنا أن الدائرة قد دارت عليهم وأن فسادهم الذي اتهموك به قد ارتد عليهم وهاهم الآن في غياهب السجون .
11
سيدي الرئيس ، أبيت اللعن ، لقد أكرمك الله ألَّا ترى بلادك يجوس في ربوعها المثليون والمخنثون والسحاقيون والسحاقيات ، وقد عُينت إحدى العاهرات الفاجرات مستشارة لرئيس الوزراء لشئون قوم لوط وخصصت مباني جمعية القرآن الكريم مقراً لهم إمعاناً في الكفر والفجور فصارت مكاناً لممارسة الرذيلة ولسان حالهم يقول كما جاء على لسان قوم لوط في حق آل لوط في الذكر الحكيم :-
﴿۞ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن قَالُوۤا۟ أَخۡرِجُوۤا۟ ءَالَ لُوطࣲ مِّن قَرۡیَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسࣱ یَتَطَهَّرُونَ﴾ [النمل ٥٦] ولذلك أخرجت حكومة أولئك السفلة أهل القرآن من ديارهم ، ولكن الله سريع الحساب أخذهم أخذ عزيز مقتدر فكانت قرارات ٢٥ أكتوبر وبالا عليهم ففرّوا كالجرذان إلى أوليائهم في الغرب بعضهم لا بسفارات البلاد التي منحته جنسيتها فساء ما كانوا يمكرون
١٢
أخي الرئيس لقد قال لسان حال ما آلت إليه البلاد عن عهدك أبلغ مما كان سيقوله الخطباء والبلغاء ويكتبه الكتاب في صحف التاريخ عبرة للأجيال القادمة وعظة لكل من أسلم ذمار وطنه وزمام أمره للشيطان ليعدَه الفقر ويأمره بالفحشاء
﴿ٱلشَّیۡطَـٰنُ یَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡرَ وَیَأۡمُرُكُم بِٱلۡفَحۡشَاۤءِۖ وَٱللَّهُ یَعِدُكُم مَّغۡفِرَةࣰ مِّنۡهُ وَفَضۡلࣰاۗ وَٱللَّهُ وَ ٰ⁠سِعٌ عَلِیمࣱ﴾ [البقرة ٢٦٨] وسيدركون معنى الآية
﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا قَرۡیَةࣰ كَانَتۡ ءَامِنَةࣰ مُّطۡمَئنَّةࣰ یَأۡتِیهَا رِزۡقُهَا رَغَدࣰا مِّن كُلِّ مَكَانࣲ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَ ٰ⁠قَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ﴾ [النحل ١١٢] صدق الله العظيم

الآن أذاقهم الله لباس الجوع والخوف لأنهم فسقوا عن أمر ربهم فكانوا حرباً على دين الله وشريعته وحاولوا إلغاء القرآن في مناهج التعليم فألبسهم الله لباس الجوع والخوف وهاهم يتسولون أذلة يتكففون الأمم ولم يعطوهم نقيراً وها هم تطاردهم عصابات النهب المسلح وتسطوا عليهم في بيوتهم وتخرجهم من ديارهم تغتصب نساءهم ويقتلون أولادهم في المسيرات العبثية ليتاجروا بدمائهم وها هم تفتك بشبابهم المخدرات بأنواعها المختلفة وها هو شبابهم يتسكع في الشوارع وقد أغلقت في وجوههم أبواب الجامعات وسدت أبواب الأمل والآن ستدخل أربع دفعات السنة الأولى في عام واحد
وصار السودان مضربا للمثل في الغلاء والفقر والجوع والمرض والموت بعد أن كان مزدهراً في عهدكم كما شهد بذلك رئيس الوزراء العميل حمدوك أنه تسلم سادس أقوى إقتصاد في القارة الإفريقية .
لقد أصبحوا في بيوتهم وحلهم وترحالهم خائفين ذلك بانهم كفروا بأنعم الله وغرّتهم الشياطين ومنتهم الأماني التي وجدوها سراباً بقيعة ووعوداً خلباً وأكاذيب بلقاء أطلقها الدجالون واللصوص الذين هم الآن في السجون وقد ذاقوا وبال أمرهم وما كانوا يمكرون
*(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
صدق الله العظيم
أخوك صديق المجتبى

‫8 تعليقات

  1. جزاك الله خيراً .. والله كلام في الصميم والبشير يستحق هذا وأكثر وإن شاء الله سينصفه التاريخ والمنصفون من أمثالكم يا صديق المجتبى … ورجل بهذا النقاء وهذا الصفاء لن يستطيع الخونة والأفاكين والمرتزقة تلطيخ سمعته أو النيل من شخصيته.. ورجل عرف بالتقوى والتقرب إلى الله والإلتزام بدينه سينتصر بإذن الله تعالى والله مع المتقين.

  2. وهل ورد في التاريخ أبدا .. أن ديكتاتورا مستبد فاسد مجرم قاتل ثار عليه شعبه وخلعه من الحكم .. ثم بعد حين عاد من جديد .. فاستقبله ذات شعبه الذي خلعه من قبل بأهازيج الفرح هاتفا بإسمه ممجدا له !؟
    …..
    ترى ما هو سبب هذه اللوثة العقلية التي تجعل من تصبه مولعا بتبجيل وتفخيم وتعظيم بل تقديس الأشخاص .. مهما رذلت طباعهم وساءت أخلاقهم !؟

  3. والله قلت الا ما يدور في خاطر الكثيرين والله اثلجت صدورنا جزاء الله خير الجزاء
    جمع الله شمل اهل السودان لما فيه خير البلاد والعباد
    وصرف عنا بفضله شر الاشرار والعملاء والمرتزقه
    والله اكير كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة واصيلا

    1. الناس وقت ظاهروا ضد البشير السبب ,هو زيادة سعر الرغيف ,السوال الجوهرى العيشه اليوم بكم ,و كانت ف زمن بشه بكم ,خليكم من الدولار والخ

  4. وهل ورد في التاريخ أبدا .. أن ديكتاتورا مستبد فاسد مجرم قاتل ثار عليه شعبه وخلعه من الحكم .. ثم بعد حين عاد من جديد .. فاستقبله ذات شعبه الذي خلعه من قبل بأهازيج الفرح هاتفا بإسمه ممجدا له !؟
    …..
    ترى ما هو سبب هذه اللوثة العقلية التي تجعل من تصبه مولعا بتبجيل وتفخيم وتعظيم بل تقديس الأشخاص .. مهما رذلت طباعهم وساءت أخلاقهم !؟

  5. جزاك الله خيرا علي ذكر الحقائق التي يخافها معارضو المشروع الاسلامي .يستحق هذا المقال ان يدرسه الصحفيون الجهلاء وان يدون بماء من ذهب وان يتم تدريسه في المناهج