سراج الدين مصطفى يكتب :نقر الأصابع
لا على طريقة الرسم بالكلمات!!
(1)
قبل أيام كتبت عن مصطفى سيد أحمد .. وقلت بأنه مشروع غنائي ملهم ويستند على رؤية جمالية هي خلاصة المنتوج العقلي والوجداني لفنان يمثل ظاهرة كونية يصعب تكرارها .. وهو فنان يجبرك على التوقف عنده بكل الحواس .. ولعلي خرجت ببعض الخلاصات التي طبقتها على تعاملاتي الحياتية .. وجعلت منها شعاراً .. وأبرز تلك الخلاصات ألخّصها في هذه المقاطع الشعرية (أعرف متين اصبح حريق وافهم متين ابقى المطر) هكذا كتب هاشم صديق تلك المخطوطة الفكرية.
(2)
ومن بين المقاطع التي توقفت عندها في اغنية (يا مطر عز الحريق)، التي صاغها الراحل حمّيد وقال في جزئية من تلك القصيدة (لا تطأ الوردة الصبية) وهذه الجزئية أتوقف عندها كثيراً حينما أكتب منتقداً الأصوات الشبابية الجديدة حيث لا أثقل عليها بالنقد والتقريع .. وذلك من زاوية أن تجاربهم ما زالت في طور البدايات ولا يمكن إسقاط الأحكام القطعية.
(3)
ثمة أصوات غنائية جديدة ظهرت في الوسط الفني .. وجدت الكثير من النقد القاسي والعنف اللفظي .. وذات الكتابة المُنتقدة تفتقد المنهج التحليلي السليم (لا أعفي نفسي) .. حيث تنظر تلك الكتابات للجزء الفارغ من الكوب .. تتوقّف عند السلبيات وتغفل الإيجابيات .. وأحياناً نمارس الكتابة على مهاجمة الناجح حتى يفشل .. ولا ندعم الفاشل حتى ينجح.
(4)
علينا ان ندعم تلك الاصوات الجديدة .. مثل التي ظهرت في اغاني واغاني لهذا العام وغيرها من البرامج .. وذلك تطبيقاً لمبدأ (لا تطأ الوردة الصبية) .. يجب أن نغير في نظرتنا للأشياء ولكل ما حاولنا .. وهذا الكلام ليس معني به بالطبع كُتّاب الصحافة الفنية فقط في الصحف .. هو موجه لكل الذين جعل منهم الفيسبوك كتاباً.. لأنّ الكتابة أصبحت للجميع ولا تحتاج لقيد صحفي سوى قيود الضمير والأخلاق.
(5)
برعي محمد دفع الله … اسمٌ كبيرٌ وفنانٌ ملتزمٌ له وزنه ومكانته العالية، لعب دوراً عظيماً في تطوير وتأسيس واستنباط ملامح المقطوعة الموسيقية وطوّر قالب القصيدة وأمسك بيد جيل كامل من المطربين أمثال: عبد العزيز محمد داؤود، سيد خليفة، عثمان الشفيع، عبد الدافع عثمان، محمد الحويج وغيرهم.
(6)
تميّزت شخصيته الفنية بتدفق العاطفة الرقيقة وأفكاره الموسيقية سبقت عصره … كان يسعى دائماً الى احترام فكر المستمع من حيث قيمة العمل ومضمونه .. لا يحب أن يقدم عملاً لا يضيف إلى رصيده الفني لأنه وعلى مستوى سنوات طويلة قدم أكثر من 350 عملاً غنائياً وموسيقياً كلها وبدون استثناء تركت بصماتها على وجدان الجماهير ومازالت تعيش بيننا الآن.
(7)
قال عنه البروفيسور الفاتح الطاهر(أحببته واحترمته وصادقته واستمع دائماً إلى نصائحه واعتبره في الأساس رمزاً لي .. يعجبني فيه كبرياؤه الفني الشخصي وهما نابعان بلا جدال من كبريائه الأسري .. فقد عاش حياة متوازنة وناجحة بين الفن وحياته الخاصة كزوج وأب، يعرف قدر نفسه ويدرك تماماً أين ومتى يتكلم وأين يصمت وهو فنان يصون بوعي واحترام تاريخه وأخلاقه وفنه ويسطر بوعي على دفة مسيرته.
صحيفة الصيحة