مقالات متنوعة

محمد ود قاسم يكتب.. كلنا معكم

محمد ود قاسم
قبل أسبوع اشتريت كيس عيش من البقالة يقال أنه يحتوي على 19 عيشة بستمائة جنيه . وفي نهاية الأسبوع رفعوا السعر ل 800 جنيه ، ثم قالوا لي اليوم أن السعر أصبح 950 جنيه . لم أسألهم عن الزيادة ، لكني سألتهم لماذا 950 وليس ألف جنيه ؟ قالوا لأنه يحتوي على 19 عيشة والعيشة أصبحت بخمسين جنيه . قلت ولماذا هو 19عيشة وليس 20 ؟ قالوا أن العيشة تم خصمها بدلا عن سعر الكيس .
أي منطقٍ هذا ؟ وكيف تبيع جهة ما خبزاً وتحاسبك على سعر الكيس ؟ وقلت في نفسي : نحن لسنا في أزمة اقتصادية ، بل نحن في محنةٍ اقتصادية / أخلاقية .
إلى كل من يشتري خبزا بهذه الشروط ولا يبالي، توقفوا عن شراء هذا الخبز المخلوط بسم الأزمة الأخلاقية . والله إن هذا ذلٌ ما بعده ذل ، وهذا انكسارٌ ما بعده انكسار . من قال أن هذا الخبز لا بديل له ؟ وكلنا نعلم أن الاقتصاد لا يعرف انعدام البدائل . وقد درسنا في أولى /اقتصاد ، والله في أولى ، ما يعرف ب consumer’s sovereignity ولا أعلم أن كانت سيادة المستهلك هي ترجمة صحيحة لها أم لا ، لكنها قد تقرّب الفهم . المهم أن كلا من البائع أو المنتج تنقص سيادتهما في الانفراد بتحديد السعر والجودة أمام سيادة المستهلك . ولابد أن يتم تحديد السعر بما يتناسب مع مقدرة ومصلحة كل طرف . وإلا فسيحدث خلل في السوق، واضطرابٌ في معايير القياس من عرض وطلب ومنفعة .
أوجه الخطاب للذين خرجوا في موكب ( كلنا معكم ) ، والذين لم يخرجوا في أي موكب لكنهم يكتوون يوميا بنيران الانهيار السياسي والاقتصادي والأخلاقي، ولن أدخل في مغالطة هل الذرة ( الكسرة ) والقراصة أرخص من الخبز أم لا ، لكني أزعم أنهما أرخص إذا تم تحضيرهما في البيت . أقول للكل ، كونوا مع الشباب الذين يقدمون أرواحهم لغول السياسة في الشوارع ، كونوا معهم باللجوء للبدائل الممكنة حتى إذا كان البديل للخبز هو الجوع . لنتوقف كلنا عن شراء الخبز ، ولنتفق على أشياء أخرى ، نقاطعها ونستبدلها بالمناسب أو نهجرها كليا ، ونعلن ذلك صراحة وبوضوح تام ، ونقول للشباب ( كلنا معكم ) ، ونقول لربنا أننا سنصوم رمضان نهارا وجزءا من الليل بأقل من نصف بطن ، فانصرنا على أعدائنا ، وأهلكهم يا منتقم يا جبار .

صحيفة التحرير