“افضح متحرش” ترند سوداني يناقش قضية التحرش
انتشرت بوسائط التواصل الاجتماعي السوداني، حملة “افضح متحرش” والتي تعني باللغة الدراجية، دعوة الفتيات لتصوير وفضح المتحرش، في حال تعذر على الفتاة سلك الطرق القانونية الأخرى.
قضية التحرش واحدة من القضايا التي تعيشها النساء يوميًا، في مناطق التجمعات العامة والأسواق. فهل تنجح هذه الحملة في رفع مستوى الوعي بالتحرش وكسر حاجز الخوف لدى الفتيات؟
ناشطة نسوية: الحملة كانت ذات قيمة لرفع مستوى الوعي بقضايا التحرش
حملات مناصرة
الجدير بالذكر، إن الرأي العام السوداني انقسم حول حملة افضح متحرش، فمن جانب يرى فريق إن الحملة تزامنت مع أحداث ثورية في الساحة السياسية، وظهرت في توقيت محدد لخلق بلبلة في الفضاء العام، بينما دافع فريق آخر عن الحملة وعدها من أولويات القضايا النسوية.
وفي هذا الصدد تقول الناشطة النسوية علا خالد، إن الحملة كانت ذات قيمة لرفع مستوى الوعي بقضايا التحرش، وتشجيع الشابات للحديث عن القضية، وتعلم فن الرد على المتحرش وإن اقتصر الرد بينهما.
وطالبت علا بأخذ الحملة على محمل الجد، وعللت بقولها: “يجب أن نأخذ الأمر على محمل الجد، لأن تكذيبها يمكن أن يفقد حملات مشابهة في المستقبل المصداقية”. وجددت دعوتها لمواصلة حملات المناصرة في قضايا التحرش، وتشجيع الفتيات للحديث عن المسكوت عنه فيما يختص بالتحرش تجاه النساء.
ودعت علا المنظمات والكيانات النسوية لتضمين موضوع التحرش، ضمن الأجندة النسوية، بالتزامن مع انطلاق حملات توعية -والحديث لعلا خالد- للرجال. قالت: “على المجتمع بمختلف الفئات أن يقف خطًا واحدًا لمحاربة التحرش، وتكثيف الجهود لدعم قضية المرأة”.
بينما وصفت إعلانات التوظيف التي تطالب بحسن المظهر للمرأة، كشرط أساسي للوظيفة بالأمر المحزن. كما تطرقت في حديثها لـ”الترا سودان” للإعلانات التلفزيونية، التي تظهر معاييرًا للجمال الأنثوي مخالفة لما هو سائد في المجتمع، ووضعها قوالب معينة للجمال.
متلازمة التحرش النفسية
تمتد آثار التحرش سواء كان جنسيًا أو لفظيًا وتسبب الأذى الجسيم للفتاة، ويترجم الجسد في حالات متعددة المشاعر إلى أعراض جسدية يصعب التعامل معها، فالحزن يترجم إلى العزلة والبعد عن التجمعات والمناسبات، بجانب الأعراض الجسدية الأخرى مثل فقدان الرغبة في الطعام وتأنيب الضمير.
ويتوقف حجم الأذى وشدة المعاناة على تعامل الناجية من التحرش مع الأعراض، حيث نجد إنه في المجتمعات المغلقة تحاول الناجية التعايش مع آثار التحرش، في حين تلجأ أخريات للفضفضة مع الدوائر المقربة أو النشر على وسائط التواصل الاجتماعي للتخفيف من أثر التحرش الذي تعرضن له.
وفي المساحة التالية نستعرض الجوانب الجسدية والنفسية للتحرش، مع الناشطة النسوية هند جمعة.
ووصفت هند التحرش بأنه يصنف كاعتداء على الفتاة، بالإضافة إلى إثارة الهلع والرعب في نفس الناجية.
ناشطة نسوية: يصنف التحرش كإعتداء على الفتاة
وأردفت هند: “يمكن أن تتطور آثار التحرش، لمشاعر كرة الناجية لجسدها، وفي حال كان من أشخاص مقربين يمكن أن يسبب عدم الشعور بالأمان”. وتكمل بقولها: “يترجم أثر التحرش عند بعض الناجيات بتقليل مساحة التعامل مع الآخرين، وعدم تكوين معارف جدد، ويمتد شعور عدم الأمان لسنواتٍ طويلة، إلى جانب التخوف من الخروج من المنزل وتجنب الشارع والتجمعات العامة”.
وتستعيد هند تجارب لناجيات يستعدن ذكرى حوادث تحرش حدثت في سن الطفولة المبكرة، تقول: “عندما تستعيد الناجية الذكرى تصاب بالرعب، أو البكاء، أو مشاعر الكراهية تجاه المعتدي، وفي حالات تقليل التعامل معه أو تجاهله، في حال كان المعتدي من المقربين”، وهو ما أسمته هند بالمتلازمة النفسية للتحرش.
وقالت إن بعض الأسر لا تعلم بحوادث التحرش، والبعض الآخر يتكتم على حادثة التحرش وربما يلوم الناجية، ما يضطر الناجية للبوح للصديقات أو نشر الحادثة في الميديا.
أدوات التغيير
بات من المألوف في ميديا وسائط التواصل الاجتماعي، ظهور حملات للكشف عن حادثة تحرش. فما الذي يدفع الفتيات والنساء للجوء إلى الميديا لرواية حوادث التحرش؟
تجيب المدافعة عن حقوق الإنسان رانيا محمد أحمد بالقول،ذلك لأن وسائل التواصل تعد متنفسًا للشابات اللواتي يمكن لهن الدخول بأسماء مستعارة من ناحية، ومن نواحي أخرى يمكن أن يكون المتحرش معروف وله سوابق في قضايا التحرش. مؤكدة أن ظهور مثل هذه الحملات تشجع الفتيات على الحديث، وكسر حاجز الخوف. على حد تعبيرها.
وتمضي رانيا قائلة، إن جسد المرأة تعرض للتسليع، وضربت مثالًا بإعلانات الوظائف التي تطالب بفتيات ذات مظهر حسن. كما تشير إلى التحرش في المركبات العامة الذي اتخذ عدة صور بالآونة الأخيرة. وطالبت المجتمع بالتوازن والبعد عن البحث عن المثاليات.
وفيما يتعلق بقضية التحرش، ترى رانيا إنه من القضايا المسكوت عنها، حيث تواجه الناجية بعبارات مجتمعية على شاكلة “هو شال منك حته” في إشارة إلى القاء اللوم على الناجية، أو عبارة “السكوت علامة الرضا” بينما يمكن أن يفسر السكوت كعلامة للرفض أو الخوف. وتشير رانيا إلى دور المجتمع الهام في التغيير.
حملة “افضح متحرش” كشفت جانب من معاناة المرأة السودانية اليومية ومهدت الطريق للنساء للحديث عما يتعرضن له من حوادث مشابهة
حملة “افضح متحرش” كشفت جانب من معاناة المرأة السودانية اليومية، ومهدت الطريق للنساء للحديث عما يتعرضن له من حوادث مشابهة، وبالرغم من حملات النفي والإنكار، إلا أن الحملة وجدت صدى جيد واستحسان من جانب النسويات السودانيات.
صحيفة سبق
الفضح هو تحرش آخر بالمجتمع ككل وتشويها لصورته العامة بدلا عن تشويه المقصود لنفسه، هذه مشاكل تحل في إطارها الضيق جدا وليس في الإعلام لأن المتحرش به أيضا يعتبر مجرما في عموم العقل السوداني المتلهف للقضاء على الطرفين اجتماعيا وأخلاقيا بتلفيق وإثبات وإكمال التهم خيالا، والتشهير قد يدخل في الأمر أزمات وصدامات وردود أفعال تفوق التحرش بكثير.