زيادة رسوم دمغة العطاءات .. التضييق على الحراك الاقتصادي.. !
التحالف الاقتصادي : زيادة رسوم دمغة العطاءات شكل من أشكال الضرائب الجديدة
المحلل الاقتصادي د.عادل: تعديل رسوم الدمغة لمقابلة التضخم وانخفاض قيمة الجنيه
الخبير الاقتصادي د.الفاتح: لا يتضرر مقدمو العطاءات من رسم الدمغة لسببين
الاقتصادي د. وائل: زيادة رسوم على دمغة العطاءات نوع من الإيرادات لخزينة الدولة
الباحث الاقتصادي د. هيثم: الإجراءات الخاصة بالعطاءات لا زالت تتسم أحيانًا بالتعقيد وضياع فرصة المستثمر
في سابقة هي الأولى من نوعها، زيادة رسوم دمغة العطاءات ، حيث إنها امتداد لذات النهج الذي تسير به خطى الحكومة لجهة اعتمادها على إيراداتها من مواردها الذاتية، لكن هذا اتجاه نحو مرحلة ضبابية؛ خاصة أن من يدفع الثمن المواطن في نهاية المطاف، وكانت إدارة الضرائب أصدرت مرسوماً حوت من خلال تعديل قائمة الرسوم على دمغة الدخول في العطاءات بأرقام عالية، ويبدو أن الحكومة ماضية في تضييق الخناق على الأنشطة والاستثمارات الاقتصادية عبر فرض الرسوم على الدمغة التي كانت رمزية في سابق العهود، وللاستفسار أكثر عن هذا الأمر طرحت “اليوم التالي” بعض التساؤلات على محللين اقتصاديين، ما هي الأسباب الرئيسية التي دعت الجهات المختصة لزيادة دمغة العطاءات..؟ و ستكون عائقاً أمام من..؟ و ما هي تأثيراتها على الوضع الاقتصادي ..؟ إذا كيف فسروا ذلك؟ .
في وقت أجمع فيه خبراء في الاقتصاد على أن رسوم دمغة العطاءات شكل من أشكال الضرائب الجديدة، والبعض يرى أن تعديل جدول رسوم الدمغة لمقابلة ومواكبة التضخم وانخفاض قيمة الجنيه، وآخرون يعتبرون زيادة رسوم على دمغة العطاءات نوع من الإيرادات لخزينة الدولة، مقللين من حجم تأثيراتها على رجال الأعمال مقارنة بمقدرتهم وكسبهم المالي، ويضيف اقتصاديون أن زيادة رسوم دمغة العطاءات ممكن أن تؤدي إلى إحجام المستثمرين عن التعامل فى السوق المحلي وأيضاً الإحجام عن البيع والشراء بالعطاءات بسبب ارتفاع تكلفة دمغة العطاءات.
أمس الأول أصدرت إدارة الضرائب مرسوماً بزيادة دمغة الدخول في العطاءات بمعدلات عالية جداً، وبحسب قائمة الدمغة، نقلاً عن الزميلة :التيار” بلغت دمغة أي عطاء لا تقل عن 100 ألف جنيه 500 جنيه، فيما فرضت دمغة العطاءات بمبلغ 15 مليون على العطاءات التي تزيد عن 300 مليون، فيما بلغت دمغة العطاءات التي تدفع بالدولار 100 دولار لأي عطاء أقل من 100 ألف دولار، وبلغت دمغة العطاءات الدولارية 500 دولار لأي عطاء تزيد جملته عن مليون دولار.
شكل للتضييق
عضو التحالف الاقتصادي، حسام الدين حسن، يعتبر أن زيادة رسوم دمغة العطاءات شكل من أشكال الضرائب الجديدة التي تفرضها الحكومة، وهذا امتداد لنهج النظام السابق ونظام الفترة الانتقالية ما بعد الثورة وحتى تاريخه، وقال ل(اليوم التالي) إن الزيادات تمثل شكلاً آخر للتضيق على النشاط الاقتصادي، ونوه إلى بروز عدة أشكال لفرض الجبايات، متمثلة في الشكل السياسي وهو ما يعنيه رفع الدعم على السلع الاستراتيجية، بجانب أشكال غير مباشرة، مثل دمغة العطاءات، ويرى أنها لا تساوي شيئاً إذا ما قورنت بسابقتها، مشيراً إلى زيادات الرسوم على الإجراءات في التعاملات الحكومية، وعزا ذلك إلى عجز الحكومة عن تحريك الموارد المتاحة لتبحث عن تمويل ذاتها من جيب المواطن.
إيرادات عالية
يرى المحلل الاقتصادي الدكتور، عادل منعم، أن جداول تعديل الدمغة عادة ما يتم تعديله ما بين 4 و 5 سنوات، وبالتالي رسوم الدمغة تحقق إيرادات عالية جداً ، ويبرر تعديل رسوم الدمغة لمقابلة التضخم وانخفاض قيمة الجنيه، وأشار إلى أن كثيراً من القطاعات ورجال الأعمال والشركات يهربون من الضرائب التي تمثل أقل دمغة ضريبية في العالم أي بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وقال إن الزيادات الأخيرة في رسوم الدمغة غير مبالغ فيها، ونوه في حديثه ل(اليوم التالي) إلى اعتماد الدولة على الضرائب غير المباشرة، هذا نتيجة للتهرب الكبير، وكذلك عدم وجود أو تفعيل القوانين للتحصيل الضريبي، وقلل د. عادل من وجود خارطة طريق لرجال الأعمال باعتبار أنهم لا يعتمدون في حساباتهم أي موازنات، ولفت إلى أن الاعتراض من قبل أصحاب الأعمال سلوك عام في المجتمع، وبالتالي يحتاج لمزيد من الوعي وفرض القوانين، ويشير إلى أن البلاد تشهد أكبر عملية انهيار للعملة مقارنة بدول العالم، ووجه صوت لوم للحكومة ولرجال الأعمال بأنهم جزء من الإنهيار في العملة الوطنية وذلك نتيجة للتمويل بالعجز والاعتماد على طباعة العملة، كما استبعد أن تكون الإيرادات حقيقية جراء ما هم ماضون في معارضة الإصلاحات الاقتصادية.
مواكبة التضخم
يقول الخبير الاقتصادي د. الفاتح عثمان محجوب، زيادة رسوم الدمغات إجراء طبيعي لمواكبة التضخم، واصفا الزيادة بالبسيطة جدا ولا تؤثر بأي حال على العطاءات، وذكر في حديثه ل(اليوم التالي) إن معظم هذه الدمغات طفيفة جدا في قيمتها وليست ذات أثر يذكر على العائد من العطاءات بالنسبة لرجال الأعمال، د. الفاتح يعتبر أن زيادة رسوم الدمغة شكل من أشكال الضرائب غير المباشرة على قطاع من المواطنين قلما يدفعوا ضرائب مباشرة حقيقية لأن المعلومات حول طبيعة أباح هذه العطاءات يصعب دوما تقديرها بشكل حقيقي، وحدد بشكل عام لا يتضرر مقدموا العطاءات من رسم الدمغة لسببين أولهما أن الرسم ضئيل جدا والثاني هو أنهم يضعون دوما قيمة الرسم ضمن تكلفة العطاء.
الفجوة المتفاقمة
المحلل الاقتصادي الدكتور، وائل فهمي بدوي، يقول إن زيادة رسوم على دمغة العطاءات نوع من الإيرادات لخزينة الدولة، وقلل من حجم تأثيراتها على رجال الأعمال مقارنة بمقدرتهم وكسبهم المالي، إلا أنه أرجع انعكاساتها على أسعار التكلفة للمشروعات والسلع، فضلاً عن تعويضها أصحاب الأعمال أنفسهم على ذلك النحو، ويعتبر أن الزيادة المعلنة لدمغة العطاءات من قبل ديوان الضرائب غير مؤثرة، ولكونها لا تتعدى 05%، وأكد في تصريح ل (اليوم التالي) أن العطاءات على أرض الواقع ليست كثيرة مقارنة بالسابق، وتابع قائلاً : تعاني الموازنة العامة من فجوة مالية، وذلك بفرضية تمويل أجنبي صفري، وأرجع الزيادات المالية عبر زيادة رسوم الضرائب والجمارك ورفع الدعومات عن مختلف الخدمات التي تقوم بها حالياً هو لسد هذه الفجوة المتفاقمة، بسبب تواصل الحفاظ على بنيتها الموروثة منذ نهاية السبعينيات، وذلك لجمود أو تكرار ذات السياسات الاقتصادية وخاصة المالية بشكل سنوي، مشيراً إلى أن موازنة العام الحالي تعاني في بنيتها الهيكلية (كعظام الجسم) من الهشاشة، ومضى قائلاً : لهذا ستلجأ الحكومة كثيراً للضرائب ورسوم الدمغة وزيادة أسعار خدمات حكومية) حتى لا تتكسر عظامها على أيديهم أمامهم وتموت، أكبر من هذا الانهيار أمام أصغر الصدمات السياسية والاقتصادية والحروب لا قدر الله.
النسب الهامشية
ويرى د. وائل أنه رغم زيادة الدمغة لمعدلات نسبية هامشية تتراوح ما بين 0,5% للمائة ألف جنيه الأولى وحتى 5% لما فوق مائة مليون جنيه، وقطع بأن استمرار احتياج الخزينة العامة للإيرادات ما زال كبيراً بعد توقف تدفقات الدعومات الخارجية، وتابع.. رغم هامشية هذه النسب المئوية فإنها قد لا تفي بالاحتياجات المالية للخرينة، كما أنها قد لا تؤثر بالضرورة على أسعار الخدمات المتوقعة من صاحب العطاء الفائز، هذا إذا لم يقم بتحميلها مسبقاً وضمنياً في تكاليف تنفيذ العطاء، وقال: في ظل التضخم الجامح السائد حالياً ، وبافتراض استمرار سعر الصرف في الارتفاع كمكاسب للمستثمرين في العطاءات الدولارية، لكن القيد سيزداد على المستثمر بالعطاء المستخدم للعملة الوطنية بسبب تآكل قوتها الشرائية لرأسمال هذا المستثمر، في حال كان المطلوب هو تنفيذ مشروع طويل الأجل مما قد لا يشجع المستثمرين الجدد في الاستثمار في مثل هذه العطاءات. أما إذا كان العطاء من النوعية قصيرة الأجل فليس هناك ضرر معني حتى يضج رجال الأعمال من مثل هذه النسب الهامشية، مع علم الجميع بمقدرتهم على تعويضها.
إجراءات العطاءات
يرى الباحث الاقتصادي الدكتور، هيثم محمد فتحي، أن زيادة رسوم دمغة العطاءات يمكن أن تؤدي إلى إحجام المستثمرين عن التعامل فى السوق المحلي وأيضا الإحجام عن البيع والشراء بالعطاءات بسبب ارتفاع تكلفة دمعة العطاءات، وقال في تصريح ل(اليوم التالي) على الحكومة أن تضع الترتيبات اللازمة لتحسين بيئة الأعمال في البلاد، إلى الحد الأمثل عبر تبسيط الإجراءات الإدارية ودعم العملية التنظيمية، كما حثها على بذل الجهود من أجل تعزيز المنافسة العادلة، ونادى بجعل طرح العطاءات للمشروعات الحكومية أكثر توجهاً نحو السوق، ودعم الكفاءة الرقابية، مع التبسيط الملائم للبنود الضريبية، ولفت إلى أن هذا ما يعني أن التجار والشركات ستتحمل فرق الرسوم بين القديمة والجديدة على السلع أو الخدمات التي سيتم توريدها إلى الحكومة ضمن العطاءات، وذكر أن هذا ما سيحملها خسائر فادحة؛ لأن من المنطق أن الشركات والتجار يتقدمون بهوامش ربح بسيطة بأسعار قليلة من أجل المنافسة للحصول على تلك العطاءات الحكومية، كما شدد على ضرورة العمل على معالجة جميع المشكلات التي يعاني منها القطاع الصناعي والتي أثرت على تنافسية المنتجات المحلية، وخاصة مع تزايد الأعباء المالية التي طرأت خلال السنوات الماضية، خاصة ارتفاع تكلفة الإنتاج من مدخلات ومستلزمات إنتاج والطاقة وغيرها، وأشار د. فتحي إلى أن الإجراءات الخاصة بالعطاءات لا زالت تتسم أحياناً بالتعقيد وضياع فرصة المستثمر السوداني، وعزا ذلك بسبب التفاصيل وقضايا الشفافية، وأكد أنه ما زال التطبيق للقانون يركز على النص ويستثني الروح دون الانتباه إلى أن استثناء الصناعات الوطنية يعني تراجع دورها الاقتصادي وضعف نموها وتطويرها وبالتالي تراجع الاقتصاد.
الخرطوم : علي وقيع الله
صحيفة اليوم التالي