جعفر عباس يكتب.. أذكروا محاسني الآن
أراد معلم سعودي معرفة “حقيقة مكانته” في نفوس الأصدقاء فاستخدام هاتفا جوالا وبعث بعشرات الرسائل التي تفيد بأنه “مات”، وانهالت رسائل التعازي على الرقم الذي انطلقت منه رسالة النعي تترحم على الفقيد، وكيف ان موته فقد جلل لأنه كان حلو المعشر وطيبا وكريما وودودا ومهذبا وابن ناس، وتلقى شقيق المدرس الحي/ الميت أطنانا من رسائل التعزية فانهار ولكنه اتصل ب”المرحوم” فرد على اتصاله وأكد له أن رسالة الوفاة غير صحيحة وكان الهدف منها معرفة مكانه في قلوب الآخرين خاصة وأنه كان يحسب نفسه شخصا غير محبوب، وبعد أن أحس صاحبنا ان الحكاية “كبرت ووسعت” بعث برسائل نصية تؤكد أنه “حية تسعى”، واعتذر لما سببته لكم من حزن وأسى؛ هنا انقلبت الآية وقام نفس الأشخاص الذين ذكروا محاسنه بلعن خاشه وخاش اللي خلفوه وأشبعوه شتما ولعنا، “ولما تموت بالجد لن نترحم عليك، لأنك أخذت نصيبك من الترحم مقدما عن غير استحقاق”
قبل سنوات توفى أحد أعز أصدقائي وشاءت الصدف أن هناك تقاربا شديدا بين اسمينا، وسرعان ما امتلأت منتديات الانترنت السودانية بمآثري ومحاسني وكيف أنني كنت من رجال البر والإحسان، ولم يضايقني ذلك لأنني كنت في غاية الحزن لرحيل صديقي العزيز واكتفيت بنشر تنبيه في تلك المنتديات بأن المتوفى ليس شخصي، ولكن ما جعلني ابتسم رغم ما كنت فيه من حزن هو أن نحو خمسة أشخاص بعثوا برسائل نعي يعبرون فيها عن حزنهم العميق لوفاتي على بريدي الالكتروني، وأرسلت لكل واحد من هؤلاء ردا مؤداه: شكر الله سعيك، بس كيف تتوقع مني ان أقرأ رسالتك وأنا ميت؟
أصدرت كلية الطب في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، دراسة مفادها ان ابا الجعافر سيروح فيها قريبا! سألتهم: لماذا يا جماعة تبثون الرعب في نفسي؟ قالوا لأنك ظللت تتناول أقراص فيتامين إي A يوميا لبضع سنوات، بزعم أنها توفر الحماية لشبكة الدورة الدموية وتمنع النوبات القلبية، بينما هي تفعل عكس ذلك تماما، بل قالوا أيضا إن معظم المكمللات الغذائية / dietary supplements تأتي بنتائج عكسية على الصحة، كما ان بعضها يسبب سرطانات المعدة والقولون. وأخوكم – بدون فخر – ظل يتعاطي أقراص فيتامين سي ودي وإف وكيو ودبليو سي بانتظام لعدة سنوات منعا لل”أكسدة”، ولتنشيط الدورة الدموية، خاصة وأنني أعاني من ارتفاع ضغط الدم الذي يلخبط شبكة المجاري الحيوية المتصلة بالقلب
باختصار فإن دوائر استعمارية تزعم إنني شرعت في الانتحار منذ تسع سنوات، وعليه فإنني أناشد القراء ان يكثروا من ذكر محاسني بالطريقة العربية. وهي فبركة حسنات لا علاقة للميت بها، ويكون ذلك عادة عندما يكون الميت من أصحاب الوجاهة السياسية والاجتماعية: توفي…… بعد عمر قضاه في أعمال الخير والبر، وكان حسن المعشر ونصيرا للضعفاء وكرس معظم سنوات عمره لخدمة المواطنين!.. يقال هذا حتى لو كان المتوفي لم يبتسم في وجه شخص طوال حياته، وشوهد أكثر من مرة ينهال ضربا على المتسول المُقعد الذي يجلس جوار الباب الجنوبي للمسجد.. وكان تمساحا يفترس كل شيء ويظلم الناس!
على كل حال صرت مقتنعا بان الأقراص لا يمكن ان تقوم مقام الغذاء الطبيعي، ومن ثم فلن اتناولها بعد اليوم، وسأكثر من أكل تشكيلة من الخضروات والفاكهة حتى أنال نصيبي من الفيتامينات التي يحتاج اليها شاب مثلي يتطلع الى الزواج المبكر… ولكنني أعلنها على رؤوس الأشهاد: لن أتعاطى القرنبيط حتى لو عرضوا على الزواج بمليندا طليقة بيل غيتس التي تملك 65 مليار دولار، وقد أتعاطاه بشرط واحد: اختاروا له اسما لا ينتهي بالحروف “بيط”! كما أنني شرعت في تطبيع العلاقات مع الرياضة، بعد قطيعة دامت لعقود بسبب سوء علاقتي بمادة الرياضيات مما جعلني أعتقد أن الرياضة أخت الرياضيات بالرضاع، وهكذا صرت أمشي يوميا لنصف ساعة لمسافة نصف كيلو 😂
جعفر عباس
دمك م ف أثقل منه ! ! !
وش بيك يا عبد برهان