تراجع التضخم .. هل ينسجم مع موجة ارتفاع الأسعار
على نحو سلس جرت معدلات التضخم في البلاد، بمتوالية منخفضة على مدار الأشهر الثلاثة الأخيرة الفائته، وكان الجهاز المركزي للإحصاء أورد في معلوماته حول معدل التضخم لشهر ديسمبر أنه تراجع إلى 318.21 مقارنة بـ339.58 لنوفمبر من العام المنصرم أي بانخفاض قدره 21 نقطة، لكن ما يراه خبراء في الاقتصاد عن تراجع معدلات التضخم التي أعلنها الجهاز المركزي للإحصاء، أن هذا الانخفاض لا ينسجم مع موجة ارتفاع الأسعار بالأسواق.
مرحلة أعمق
وبحسب الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الله الرمادي أن الانخفاض لم يكن دليل عافية، وعزا ذلك لجهة أن الاقتصاد يدخل مرحلة أعمق من الركود، وتوقع عودة معدل التضخم للارتفاع، ونوه عبر تصريح لـ(اليوم التالي) إلى أنه قبل 3 أعوام كان معدل التضخم 70% وهو الآن يقارب لـ400%، وسخر قائلاً: كل شيء ارتفع سعره هذا هو التحسن الذي شهده الاقتصاد.
أداء السوق
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور على الله عبدالرازق إن الناظر والمتابع لحالة الأسواق للشهور الماضية، تستوقفه حقيقة أن ما يعلن عن انخفاض التضخم، ابتساراً غير حقيقي ومجافٍ للواقع، لافتاً إلى أنه يخالف فرضية ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتابع: إن سياسات الإصلاح الاقتصادى والإجراءات الاقتصادية التي تتخذها الحكومة ألقت بظلالها على أداء السوق بوصول سعر الصرف إلى 465 جنيه فى السوق الموازي، مقروناً مع إلغاء نظام الدولار الجمركي منتصف العام الماضي، وقبله تحرير سعر الصرف كاملاً وإلغاء الدعم عن بعض السلع الاستراتيجية، مضيفاً أن كل هذه السياسات والإجراءات انعكست سلباً على السوق وأدت إلى ضعف وتدهور القوة الشرائية للمواطنين، مما أدى إلى عزوف الكثير من المستهلكين عن شراء أبسط وأهم السلع الأساسية.
لا يمثل مؤشراً
وأكد د. على الله عبدالرازق على الله في تصريح صحفي أن ما أعلنه الجهاز المركزي للإحصاء، لا يمثل مؤشراً للتعافي الاقتصادي بالمدلول الاقتصادي الحقيقي، لكن أقل ما يمكن أن يقال عنه، إن أداء الاقتصاد السوداني وصل بالفعل إلى مرحلة الركود التضخمي وما قد يسببه في الوصول بالاقتصاد قريباً إلى مرحلة الكساد الذي بدأت آثاره واضحة متمثلة في تراجع مستويات الطلب الإجمالي عن العرض الإجمالي للسلع والخدمات في الأسواق حالياً، وأوضح أن استمرار حالة الركود التضخمي لفترة طويلة، تفضي إلى شيوع حالة من الكساد في الأسواق وهذا هو الماثل الآن بعد فقدان المستهلكين للقدرة الشرائية نتيجة تآكل دخولهم وثرواتهم، في الظن أن هذا ما تسبب في حالة انخفاض معدلات التضخم المعلنة مؤخراً، وهذا لا يعني أن هناك تحسناً في أداء الاقتصاد، بل مزيد من الخنق.
حالة انكماشية
غير أن الخبير المصرفي د. فتح الرحمن صالح، يرى أن السبب الرئيس لانخفاض معدل التضخم ليس الأسعار، وقال في تصريح له إنه يتعلق بانخفاض الطلب الاستهلاكي العائلي بسبب انخفاض القوة الشرائية للجنيه وعدم مسايرة الدخول لمستويات الأسعار وحدوث حالة انكماشية وليست ركوداً، وتوقع مزيداً من الانخفاض إذا استمرت الظروف الاقتصادية والاجتماعية الماثلة، وقال: إذا واصل معدل التضخم في الانخفاض ووصل إلى خانة واحدة بدلاً عن ثلاث خانات فهذا يعني استقرار ارتفاع الأسعار، ولكن على مستوى أعلى من الطلب الفعلي، ونوه إلى أن ذلك يؤثر على مستويات النمو الاقتصادي المستهدف ولا بد من سياسات محفزة جديدة.
الخرطوم: علي وقيع الله
صحيفة اليوم التالي