ما بعد العصيان المدني .. خيارات قوى الثورة في تحقيق أهدافها
أعلن أعضاء النيابة في السودان التوقف عن العمل اليوم الخميس احتجاجا على الأوضاع والانتهاكات التي خلفتها إجراءات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي.
واتخذ قرار تعليق العمل ليوم واحد مع وضع كافة الخيارات قيد الدراسة حال لم يتم الاستجابة لوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كما قرروا تقييد دعاوى جنائية تحت المادة 186 – الجرائم ضد الإنسانية.
وكان أعضاء النيابة دفعوا بمذكرة إلى النائب العام حول الأحداث التي وقعت في 17 يناير الجاري والتي قتل فيها 7 متظاهرين كما جرح ما لا يقل عن 100 آخرين بيد القوات الأمنية، مطالبين بتشكيل لجنة تحقيق عليا حول كافة الانتهاكات التي وقعت أثناء فض التجمعات السلمية منذ 25 أكتوبر.
وأشاروا إلى التعدي غير القانوني من القوات التي فضت التجمعات السلمية برغم أن على رأس هذه القوات وكلاء نيابة دورهم الأساسي حماية الأرواح والممتلكات وفق سلطاتهم الممنوحة لهم في القانون وفقا للمذكرة.
وأوضحوا أن سلطة تفريق التجمع غير المشروع باستخدام السلاح الناري منحت للضابط المسؤول بإذن من وكيل النيابة كما نصت المادة 129 (أ) من ذات القانون على أنه في حالة غياب وكيل النيابة أو القاضي يكون للضابط المسؤول سلطة الأمر باستخدام السلاح الناري أو أي قوة أخرى.
ولفتوا إلى أن تلك السلطة تمنح فقط في حالات المواجهات المسلحة بقصد النهب أو السطو أو تهريب البضائع أو المخدرات والمؤثرات العقلية أو تفريق تجمهر غير مشروع استخدم فيه السلاح الناري كلما اقتضى الحال ذلك بغرض ضبط الجناة أو منع وقوع أي جريمة.
وأضافت المذكرة التي نقلتها “سودان تربيون” أنه”برغم من ذلك النص الصريح وقع العديد من الضحايا قتلى ومصابين بالرصاص الحي إثر تفريق التجمهرات السلمية بواسطة القوات النظامية “.
وقال وكلاء النيابة إن ذلك يعد مبدئيا جرائم ضد الإنسانية تحت أحكام المادة (186) من القانون الجنائي السوداني والاتفاقيات والمواثيق الدولية، وفي ظل مصاحبة وكلاء النيابة لهذه القوات مما يعد خرقاً صريحا للقانون.
ورأوا أن قرار مجلس السيادة الانتقالي والخاص بمنح تفويض سلطات القبض ومنح حصانات للقوات النظامية من بينها جهاز المخابرات العامة ومنح أفراد القوات النظامية الحصانة المطلقة من المساءلة القانونية أدى إلى ارتكاب هذه المخالفات الجسيمة وسلب النيابة العامة سلطاتها الأصلية المنصوص عليها في القانون.
وأضافوا في مذكرتهم للنائب العام ” أنتم تعلمون بأن مثل هذه الأوامر لا يمكن أن تسود على القانون وهو الأمر الذي أطلق لهم العنان لارتكاب هذه المخالفات والجرائم وغل يد النيابة العامة مما يؤدي للإفلات من العقاب”.
وفي بيان منفصل أعلن أعضاء النيابة قيد دعاوى بموجب المادة 186 المعرفة بالجرائم ضد الإنسانية التي نص عليها القانون الجنائي لسنة 1991 استنادا إلي العلم بوقوع الجريمة والتحري فيها من خلال بعض الفيديوهات المنتشرة في وسائل الإعلام والتي وثقت أقوال بعض الشهود.
وحثوا قيادات السلطات الأمنية التوقف فورا عن هذه الممارسات الجسيمة بالمخالفة للقانون الجنائي والبعد عن استعداء الشعب، كما طالبوا السلطات برفع حالة الطوارئ فورا وإلغاء أمر الطوارئ رقم 3 لسنة 2021 حتى تتمكن النيابة العامة من القيام بواجبها القانوني والأخلاقي في التحقيق مع الجناة وتقديمهم لمحاكمات عادلة.
ودخلت العاصمة الخرطوم وعدد من الولايات والمحليات في عصيان مدني لمدة يومين، دعت له قوى إعلان الحرية والتغيير بعد أحداث موكب السابع عشر من يناير الدموية، والتي أستخدمت فيها القوات الأمنية القوة المفرطة في تفريق المتظاهرين بالرصاص الحي، وأسفرت عن مقتل سبعة شهداء و مايتجاوز الـ167 مصاباً، ثلاثة منهم حالتهم غير مستقرة وفق تقرير ميداني لِلجنة الأطباء المركزية، وشرعت منذ الأمس لجان المقاومة في تتريس الشوارع الرئيسية والداخلية، وشاركت في العصيان المدني قطاعات وتجمعات كبيرة، منها الأطباء والصيادلة وأساتذة الجامعات والمستشارين القانونيين بوزارة العدل وغيرهم من القطاعات الأخرى، وأعلنت كذلك قطاعات عِدة دخولها في العصيان لاحقاً، كاللجنة التسييرية لعمال السكة حديد التي أعلنت دخولها في العصيان لمدة يومين بكل من رئاسة الهيئة والأقاليم أعتباراً من يوم 19 يناير، كما وطال التتريس طُرق رئيسة مهمة غير طُرق العاصمة، كطريق شريان الشمال الذي أدى الى ارتفاع نسبة اثر العصيان وضغطه اقتصادياً، ورصدت مشاهدات بعض الناشطين المصورة على المواقع الاجتماعية اغلاق نسب كبيرة جداً من المحال التجارية، الأمر الذي تسبب في شلل واضح في دولاب العمل بمناطق حيوية عِدة في العاصمة، وخصوصاً سوق السجانة، كما قامت مجموعة من وكلاء النيابة العامة برفع مذكرة للمطالبة بالتحقيق في الانتهاكات التي وقعت منذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 وحتى السابع عشر من يناير وقعد وقع عليها 107 من وكلاء النيابة حتى اللحظة.
نسبة غير متوقعة
كان نجاح اليوم الأول للعصيان المدني “مدهشاً” بحسب الناطق الرسمي لتجمع المهنيين السودانيين الوليد علي، وقال الوليد في تصريح لـ”الجريدة” إن نجاح اليوم الأول كان غير متوقع بسبب الإعلان المتأخر عنه، وأضاف: ” زادت نسبة نجاح العصيان بصورة كبيرة في اليوم التالي، وتحديداً في المؤسسات سواء الخاصة أو الحكومية بالرغم من إزالة المتاريس عن الشوارع الرئيسة” ، وأوضح الوليد أن حركة العمل تعطلت بنسبة عالية جداً، وتوقع أن نسبة المشاركة في العصيانات القادمة ستكون أكبر وأنجح، وأنها قد تصل الى نسبة 100% في جميع المؤسسات بعد إكمال تكوين لجان الاضرابات والعصيان داخل المؤسسات، بقطاعيها العام والخاص، وأردف قائلاً: “يجب على جميع القوى الثورية من لجان مقاومة وأحزاب سياسية وغيرها أن تشرع في العمل بأسرع ما يمكن في تكوين ميثاق سياسي جديد، يضم جميع القوى الثورية ويحدد رؤية واضحة لأستكمال التحول الديمقراطي“.
تقرير وول ستريت جورنال الأمريكية
بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية ورد فيه أن العصيان سيفاقم الصراع بين المحتجين وجنرالات الجيش، وأن العصيان يتزامن مع أزمة اقتصادية تزيد من لهيب الاضطرابات التي اندلعت عقب الانقلاب العسكري، كما وصفت الأشتباك بأنه أحد أعنف الاشتباكات بين المحتجين والقوات منذ الانقلاب، كما أفادت الصحيفة في تقرير لمراسلها نيكولاس باريو، بأن مواجهات أول أمس الاثنين، التي أوقعت 7 قتلى ومئات الجرحى، تمثل تصعيداً كبيراً في حدّة التوترات بين قادة الانقلاب وحركة الاحتجاجات المتزايدة، في حين تعثرت الجهود الدبلوماسية لوضع حد للاضطرابات. كما واتهم قادة الحركة الاحتجاجية الجنرالات العسكريين بسوء إدارة الاقتصاد، وتبديد عائدات البلاد من الذهب والنفط، وينفي الجنرالات تلك التهم. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس كتب في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أن الولايات المتحدة قلقة من تصاعد العنف ضد المحتجين. ومن جانبها، وصفت منظمة الأمم المتحدة -التي أعلنت الأسبوع الماضي مبادرة للتوسط من أجل وقف المواجهات بين جنرالات الجيش والقادة المدنيين- أن قمع مظاهرات الاثنين الماضي غير مقبول، وتنقل الصحيفة عن ماجا بوفكون -محللة الشؤون الأفريقية – القول إن الفشل في تطبيق اتفاق تقاسم السلطة السابق، والانقلاب العسكري في 25 أكتوبر الماضي وما تبعه من “قمع دموي” كان سبباً في تصلب الفرقاء السودانيين في مواقفهم، و”هو ما يجعل التوسط لإبرام اتفاق جديد تحدياً كبيراً وعرضة للفشل”.
والتقى وفد قيادي من قوى الحرية والتغيير بمساعدة وزير الخارجية الامريكي في الخرطوم وطالب الوفد بوقف العنف والقتل الممنهج للثوار بعملية سياسية ذات مصداقية وجدية تنهي الانقلاب، وقالت الحرية والتغيير في بيان صحفي بعد لقاءها المسؤولة الأمريكية السيدة مولي في ومبعوث الولايات المتحدة الامريكية للقرن الافريقي السيد السفير ديفيد سيترفيلد بحضور القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم السيد برايان شوكان أمس الأربعاء، قالت بأن اللقاء تناول العنف الممنهج والقمع الذي شنته السلطات الانقلابية في مواجهة الثوار المدنيين، والذي أدى الى مقتل واستشهاد أكثر من 70 شهيداً وشهيدة وجرح واعتقال المئات من المدنيين سيما في دارفور وجنوب كردفان، وأضاف البيان بأن قوى الحرية والتغيير تناولت في لقاءها مبادرة بعثة الامم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس) وقدمت رؤيتها حول كيفية جعل المبادرة ذات مصداقية وجدية تحُقق مطالب الشعب السوداني، وتُنهي الانقلاب وتفضي لانتقال مدني ديمقراطي فوري وطي صفحة الانقلاب، وأكدت بأنها ستواصل اللقاءات بين الجانبين اثناء تواجد الوفد الأمريكي في الخرطوم .
مروه الأمين
صحيفة الجريدة
الواحد لما يسمع نجاح العصيان يضحك اذ يعلن العصيان مع اعلان تجمع المهنيين ولجان المقاومة اغلاق كل شوارع ولاية الخرطوم ومنع الناس من الذهاب لاعمالهم ومعايشهم ليومين !!!!!! تسقط ديمقراطية الحزب الشيوعي.