مقالات متنوعة

عبد الله مسار يكتب : من وحي القرآن الكريم (كهيعص عند المحبين)

قال مالك بن دينار رضي الله عنه إنه خرج حاجاً إلى بيت الله الحرام في عام من الأعوام، وبينما هو في الطريق إذا برجل يمشي بلا زاد ولا راحلة، فسلم عليه مالك فرد السلام، فقال له مالك من أين أنت، فقال من عنده، فقال مالك وإلى أين تريد، قال الى بيته.

فقال مالك وأين الزاد، قال عليه، فقال مالك إن الطريق لا تنقطع إلا بالمأكل والمشرب فهل معك شيء.

قال نعم تزودت عند خروجي من بلدي بخمسة أحرف، فقال مالك ما هي، قال قوله تعالى (كهيعص)، قال مالك وما معنى (كهيعص)، قال كاف فهو الكافي وأما الهاء فهو الهادي وأما الياء فهو المؤوي وأما العين فهو العالم وأما الصاد فهو الصادق.

فمن صحب كافياً وهادياً ومؤوياً وعالماً وصادقاً فلا يضيع ولا يخشى ولا يحتاج الزاد والراحلة، قال مالك لما سمعت منه هذا الكلام نزعت قميصي لألبسه فأبي أن يلبسه، وقال يا شيخ العرب العرى خير من قميصك فالدينا حلالها حساب وحرامها عقاب، وكان إذا جن الليل يرفع رأسه الى السماء ويقول (يا من لا تنفعه الطاعات ولا تضره المعاصي هب لي ما لا ينفعك واغفر لي ما لا يضرك).

فلما أحرم الناس ولبوا، قلت له لم لا تلبِ، قال يا شيخ أخاف أن أقول لبيك، فيقول لي (لا لبيك ولا سعديك لن أسمع كلامك ولا أنظر إليك).

ثم مضى عني وغاب عن بصري فما رأيته إلا بمنى وهو يبكي ويقول شعراً

إن الحبيب الذي يرضيه سفك دمي دمي حلال له في الحل والحرم

والله لو علمت روحي بمن عشقت قامت على رأسها فضلاً عن القدم

يا لائمي لا تلمني في هواء فلو عاينت منه الذي عاينت لم تلم

يطوف بالبيت قوم بجارحة ولو بالله طافوا لأغناهم عن الحرم

للناس حج ولي حج الى سكني

تهدي الأضاحي وأهدي مهجتي ودمي

ثم قال اللهم إن الناس ذبحوا وتقرّبوا إليك بضحاياهم وهداياهم وأنا ليس لي سوى نفسي أتقرّب إليك بها فتقبلها مني. ثم رفع بصره إلى السماء وهو يبكي ثم شهق شهقة وخر ميتاً، رحمه الله تعالى، فجهزته وواريته التراب.

وبت تلك الليلة متفكراً في أمره فرأيته في المنام. فقلت له ما فعل الله بك، قال فعل بي كما فعل بشهداء بدر وزادني، قلت لم زادك، قال لأنهم قُتلوا بسيف الكفار وأنا قُتلت بمحبة الجبار.

(ربي اجعلنا ممن غفرت لهم وأدخلتهم جنتك بغير حساب).

تحياتي،،،

صحيفة الصيحة