الشباب بين الحلم المشروع والواقع المأزوم
أنا من المتابعين لعمودك المقروء “كلام الناس” بشقيه السياسي والاجتماعي، أريد أن أستشيرك في شأن يخصني يتعلق بمسألة عاطفية ربطتني بفتاة تعرفت عليها منذ خمس سنوات وكنت أنوي الزواج منها لكن للأسف انتهت علاقتنا دون زواج.
*اجتهدت في تحسين وضعي الاقتصادي بعد أن أكملت دراستي الجامعية وحصلت على درجة البكالوريوس لكنني لم أوفق في الحصول على وظيفة مناسبة، وكنت أتحاشى الحديث معها في هذا الأمر.
*هكذا بدأ م. م.ص رسالته الإلكترونية التي قال فيها: إنني شاب في مقتبل العمر مشحون بالأمل وحب الحياة، وكنت أمني نفسي بالاستقرار المادي حتى أستطيع التقدم لأسرة فتاة أحلامي.. لكن للأسف لم أستطع.
*لاحظت في الآونة الأخيرة أنها بدأت تغير تعاملها معي بل أصبحت تتجاهلني، وبدأت أقلق وأحس بالإحباط خاصة بعد أن حظرت رقم هاتفي وقطعت الاتصال معي تماما.ذهبت إليها في مقر عملها وحاولت معرفة سبب تغيرها من ناحيتي لكنها لم تخبرني الحقيقة وقالت لي: ليس هناك أية بادرة إيجابية من جانبي تجاهها.. ومع ذلك وعدتني بالصبر عسى ولعل لكنها سرعان ما قطعت اتصالاتها معي.وعندما سألتها مرة أخرى عن السبب فاجأتني بإجابة موحية وهي تقول: الزواج قسمة ونصيب.. يعني أنها لم تعد من نصيبي.. وبدأت الحياة تظلم في وجهي بعد أن فقدت الأمل في أعز ما أملك وتركتني أواجه الحزن والأسى وحدي.
*هكذا أنهى م.م.ص رسالته وهو يتساءل: ما الذي غير إحساسها تجاهه؟ ومن أين جاء هذا العارض الذي قفل الطريق أمامه وسد باب الأمل الذي كان حافزه في الاجتهاد والمثابرة والسعي لتحسين وضعه ومستقبله؟
*في البدء لا بد أن نشير إلى أن حالة م. م.ص ليست شاذة في حياتنا الاجتماعية وإنما هي موجودة بصورة كربونية متكررة في حياة كثير من الشباب لأسباب خارجة عن إرادتهم/ن.لا يمكن إلقاء اللوم على الفتيات وحدهن لأن عامل الزمن أكثر تأثيراً عليهن، لكن ذلك لا يعني أن الحياة قد انتهت وينكفئ الشاب سيئ الحظ على نفسه ويمضي بقية عمرة وهو يرثي حاله ويبكي على من فقدها، بل لا بد من مواجهة الواقع بكل قسوته بعقلانية وصبر ويقين كي يستطيع تجاوز فترة الصدمة وينتقل إلى رحاب الحياة المتجددة بالآمال.
*صحيح أن المحبة من أهم ركائز الحياة الزوجية المعافاة، لكن لا بد من الاعتراف بأنه ليس بالحب وحده يحيا الإنسان وأن العلاقة الزوجية يمكن تأسيسها على التفاهم والتقدير والاحترام والمسؤولية المشتركة.
*طبعاً ليس هناك عارض بالمعنى الغامض الذي أشار إليه م.م.ص في رسالته لكنها الظروف الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة التي تتطلب من الآباء والأمهات والشباب – أصحاب المصلحة الحقيقية – تكثيف الجهود لمعالجتها معاً والتكاتف خاصة في هذه الظروف “الاجتقصادية” الأكثر تعقيداً.
نورالدين مدني
صحيفة التحرير