سمية سيد تكتب.. العروة السياسية (1)
لا أحد من القوى المتصارعة على المناصب يدرك النتائج الكارثية التي أحدثها الفراغ الإداري وعدم وجود حكومة، حيث أصبح اقتصاد البلاد مشلولاً، وتأثرت بذلك كل قطاعات الإنتاج والتي انتقلت من مرحلة التدهور الى مرحلة الدمار.
اقرب مثال لتأثير تعقيدات المشهد السياسي ما يتم تداوله حالياً في أوساط المزارعين من فشل العروة الشتوية، في الوقت الذي حذرت فيه المنظمات الدولية من نذر مجاعة في السودان. وأن أكثر من ثلث السكان يعانون من نقص الغذاء.
الموسم الشتوي لم يجد تحركاً من أي مسؤول لإنقاذ ما يمكن إنقاذه على الأقل لتقليل الخسائر، بدلاً عن الانهيار المتوقع.
مزارعو مشروع الجزيرة والمناقل يعيشون أسوأ مواقيت لزراعة القمح ومحصولات الموسم الشتوي، وترقبون الخروج من الموسم بخسائر فادحة جراء إهمال الحكومة وانشغالها بالصراع السياسي وإهمال قضايا الإنتاج.
التحضير للموسم شابه فشل تام لعدم وجود آليات لتطهير القنوات وعدم الصيانة لمنظومة الري بكل أقسام المشروع، والفشل في إزالة الطماء والحشائش، كذلك القرارات الخاطئة في التوقيت الخاطئ الذي اتخذته وزارة الري بالاستغناء عن خدمات خفراء الري الذين كانوا يقومون بتنظيم المياه أدى الى تأثيرات سلبية واضحة.
في الحقيقة نحن نتحدث عن انهيار منظومة الري بمشروع الجزيرة أبو المشاريع المروية في السودان والدول المجاورة.
فشلت وزارة المالية في توفير ميزانية لوزارة الري لمكافحة الحشائش وإزالة الإطماء، وفك الاختناقات في الترع.
ونتحدث أيضاً عن مشكلة التمويل، وفشل السياسات التمويلية التي تمثل الأساس في الزراعة وأهم عناصر نجاحها تعثر التمويل وارتفاع تكلفته دوماً تقود المزارع الى الدخول في ديون يصعب الخروج منها، مع تدني أسعار المحاصيل، أضف الى ذلك مشكلة مدخلات الإنتاج وعدم توفر الأسمدة.. ونتحدث هنا عن دور البنك الزراعي وتقصيره في التمويل وتعقيدات منحه، الأمر الذي جعل المزارع يلجأ الى شركات خاصة والى سماسرة ومضاربين لتوفير التمويل، كذلك فشل البنك في توفير المدخلات في الوقت المناسب والمحاباة لشركات بعينها وهذا موضوع سنفرد له مساحة أخرى في هذه الزاوية.
صحيفة اليوم التالي