استعداداً لمليونية 19 ديسمبر .. ندوات جماهيرية ومواكب دعائية تدعو لاستعادة الحكم المدني
شهدت الخرطوم وعدد من مدن وولايات البلاد ندوات ومواكب دعائية لمليونية الـ 19 من ديسمبر، ويصادف غدا الأحد الذكرى الثالثة لانطلاق تظاهرة كبرى في مدينة عطبرة وحرق دار حزب المؤتمر الوطني المحلول، واستمرت التظاهرات الحاشدة بعد ذلك إلى أن قادت إلى اسقاط رأس النظام عمر البشير في 11 أبريل من العام 2019، وأعلن مجلس الوزراء أن يوم الأحد الموافق ١٩/١٢/٢٠٢١ سيكون عطلة رسمية بجميع أنحاء البلاد بمناسبة ذكرى ثورة ديسمبر المجيدة، الأمر الذي اعتبره البعض تخوفا من المليونية التي ضرت موعدها لجان المقاومة لاستعادة الحكم المدني واسقاط الانقلاب.
وأحيت لجان مقاومة جنوب الحزام ليلة سياسية ثقافية، بميدان الأزهري مربع 16، بمشاركة الشاعر عمر الممكون وعدد من الفعاليات الثقافية، ودعت الليلة إلى استمرار الثورة وصولا إلى الحكم المدني الكامل، وقدمت نقدا وتقويما للفترة الماضية من عمر الفترة الانتقالية وجدد عزمها للمضي لتحقيق العدالة للشهداء وإسقاط الانقلاب.
وأعلنت عدد من لجان المقاومة بولايات مختلفة تحركها نحو الخرطوم للمشاركة في مليونية الغد، وأرسلت لجام مقاومة الحصاحيصا الى ثوار الخرطوم وبحري وأمدرمان، بأن “لن تسيروا وحدكم” وجاء البيان: “إقترنت ثورة ديسمبر المجيدة في أذهان العالم بالارتباط العضوي بينها والمزاج السوداني الجمعي، وفي إطار الواجب الأخلاقي تجاه شهداءنا الأماجد قررنا الصعود إلى قمم الجبل الثوري تفعيلاً لهتافنا الداوي أن لا شراكة لا تفاوض و لا مساومة” وزاد البيان : “امتثالاً للتكليف الثوري و الواجب الوطني سنجعل الحبل يلتف حول أعناق الإنقلابيين وسنعلن زوال هواة الحكم ومستجدي السلطة حين يشق هتافنا عنان السماء من الحصاحيصا مروراً بكل قرى الطريق إلى الالتحام بثوار الخرطوم في 19 ديسمبر و إسقاط الإنقلابيين”.
وأكد البيان بقوله: “ستمتلئ الشوارع عن آخرها لتحدث الإنقلابيين أن ثوار الحصاحيصا اتخذوا القرار إما أن ننتصر أو ننتصر للثورة المجيدة بإسقاط الإنقلابيين و إن طال السفر”.
ووجه رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، عبدالعزيز الحلو رسائل متعددة بمناسبة الذكرى الثالثة لانطلاق ثورة ديسمبر، حيث جاء في بيان له: ” تمُر علينا هذه الأيام الذكرَى الثالثة لثورة 19 ديسمبر المجيدة التي أسقطت أسوأ نظام شمولي عُنصري ومُستبِد مر على حكم البلاد – فصل جنوبها وأشعل الحروب في جميع أرجائِها، دمَّر نسيجها الإجتماعي وزعزع إستقرارها السِّياسي. وهي ذكرَى بداية الحراك والإحتجاجات ضد الحكم الشمولي في السُّودان سواء كان (عمر البشير) أو الطُغمة العسكرية الحاكمة الآن”.
وأضاف الحلو بأن الذكرى جاءت ولا زال العسكريون جاثمون على صدر الشعب السُّوداني برغم سقوط الديكتاتور عمر البشير ، وزاد : ” إذ لا يعدو عسكر المجلس السِّيادي كونهم إمتدادٌ لنظام الثلاثين من يونيو 1989 بكل سياساتِه القمعية ونهجِه الشمولي الإقصائي، وربما إنتهَى الأمر إلى الأسوأ”.
وأكد الحلو أن الملايين التى خرجت تهدر كالسيول فى شوارع كافة المدن السُّودانية مؤخَّراً لمقاومة الطغيان والبطش في بسالة وشجاعة مُنقطِعة النظير، تقف دليلاً على إستعار الرغبة في التغيير والتجديد، وأضاف بأن الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال تؤكد في الذكرَى الثالثة لثورة ديسمبر المجيدة وقوفها مع جميع الشعوب السُّودانية في خندقٍ واحد، وتُناضِل من أجل حقوقِهم ومطالبهم وتطلُّعاتهم في تحقيق شعارات الثورة: (حرية .. سلام .. وعدالة)، ومن أجل التغيير وإقامة نظام علماني ديمقراطي لا مركزي، يُعيد السُلطة إلى الشعب، ويُعيد هيكلة الدَّولة السُّودانية على أسُس جديدة بما يُمهِّد الطريق إلى الوحدة الطوعية في وطن يسع جميع السُّودانيين بتعدُّدِهم وتنوُّعِهم الثقافي والدِّيني والإثني.
واعتبر الحلو مخاطبا الثوار: ” أن 19 ديسمبر تُمثِّل فرصة لمنع تدحرُج الصخرة التي أزحتموها بثورتكم المجيدة من العودة لتجثُم مرة أخرى على صدر هذا الشعب، هي فرصة لتصحيح وتطوير الوثيقة الدستورية وفتح الطريق أمام التحوُّل الدِّيمقراطي، وفرصة كذلك لإعادة الجيش إلى ثكناتِه توطئة لإصلاح القطاع الأمنى والعسكرى، كما هى فرصة لتحقيق الحكم المدني وبداية مشوار التغيير والإصلاح، وفرصة لإنشاء آليات فاعلة تلتزم بتنفيذ الإتفاقيات وبرامج التغيير بعيداً عن الوعود البرَّاقة والوثائق الممجوجة والأفكار الملتوية وأساليب المُكر وخداع الجماهير”.
وقال عبدالعزيز الحلو بأنهم في الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال على يقين “أن بيننا وبينكم كثوَّار -عهدٌ غير مكتوب، ومنذ عقود- للنضال لتحقيق مشروع السُّودان الجديد، كلٍ حسب طاقتِه، وكلٌ بوسائلِه، وأن يلعب كلٌ دوره حتى يتحقَّق التغيير الجذري. نحن لا نسعى إلى إتِّفاق يوفِّر مقاعد لقلةٍ من الأفراد تحصل بموجبه على إمتيازات على حساب الشعب، وإنما نُكافح من أجل سلام يُخاطب جذور المشكلة لتحقيق تغييراً شاملاً ينعكس على حياة كل سوداني عدلاً وسلاماً وإستقراراً وتنمية ورفاه”.
وأشاد الحلو بشاعة وصمود المتظاهرين، في لجان المُقاومة، الكنداكات، تجمع المهنيين، منظمات المجتمع المدنى وكافة قوى الثورة)، ومواصلتِهم النِضال الجماهيري السِّلمي لإسترداد ثورتِهم بشعاراتِها التي قامت من أجلها، وجدِّد دعوته لأعضاء وجماهير الحركة الشعبية في مناطق سيطرة الحكومة للمُشاركة بفعالية في المواكب السِّلمية المُعلنة تطبيقاً لمبدأ تكامُل الوسائل وتعدُّدِها لتحقيق التَّغيير والتحوُّل الدِّيمقراطي والتي من ضمنها النِضال السِّلمي بحسب الحلو.
وقال بأن شجاعة وتصميم الأجيال الجديدة في المقاومة أعطتهم الأمل بأن الثورة السُّودانية ماضية لتحقيق أهدافها بالكامل ولا مكان لأنصاف الحلول بعد اليوم. وأضاف: “نحن نؤكِّد لكم في الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال أننا معكم في هذا الطريق حتى نهاية المشوار لإقتلاع الديكتاتورية ومنع العسكر من الخوض في السياسة مرة أخرى، وإلى الأبد، وأنه يجب أن تؤول السلطة كاملة للوطنيين من المدنيين لأنهم الأقدر على إنفاذ الإصلاح والتغيير”.
ووجه الحلو رسالة إلى الحكومة قائلاً: ” على سُلطات الأمر الواقع بكافة أجهزتها الأمنية – وقف الإنتهاكات الإنسانية ضد المُتظاهرين، وعدم التعرُّض لمواكبهم السِّلمية، وإتاحة الفُرصة لهم للتَّعبير عن تطلُّعاتِهم المشروعة إذا كانوا حريصين على السلام ووحدة البلاد” وختم بالقول: ” يجب علينا ألا ننسَى الشُهداء والمفقودين والجرحَى على مستوى البلاد وعبر مراحل النضال – فإنهم يُمثِّلون الشُعلة التي تضيء لنا الطريق نحو الحرية ليستمر النضال حتى تحقيق الهدف النهائي المُتمثِّل في الحرية، السلام العادل، المساواة، والعدالة. فالتحية لهم جميعاً، وكامل تضامُنِنا مع أُسرِهم المكلومة، ومع أُسر ضحايا الإبادة الجماعية وسياسات الأرض المحروقة في دارفور، أبوجبيهة وغيرها من مُدن السُّودان”.
وتمسك التحالف الاقتصادي لثورة ديسمبر المجيدة بالشعار الذي رفعته لجان المقاومة: “لا تفاوض، لا شراكة، لا مساومة، والردة مستحيلة” وأكد التحالف في بيان له أنه يقف ضمن طلائع قوي الثورة الحية القابضة علي جمر القضية ملوحا برايات النصر والصمود مستمسكا بشعارات الشعب الراسخة، لا تفاوض لا شراكة لا مساومة مع العسكر ولا بديل غير الدولة المدنية الكاملة غير المنقوصة القائمة على مبادئ وشعارات الثورة الخالدة حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب، شاهرا سلاح المقاومة السلمية الصامدة المنتصر لا محالة ضد الانقلابيين، وكافة قوي الثورة المضادة المؤيدة لهم بمختلف تياراتها وفصائلها الساعية لإجهاض ثورة الشعب الظافرة وتجيير مكتسباتها لخدمة مصالح المافيا الاقتصادية والفلول والفئات الطفيلية المتحالفة معها ومحاولة استنساخ النظام البائد بكل جبروته وهيمنته الاقتصادية علي موارد البلاد وثرواته وعلى كافة مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسات الاقتصادية بما فيها وزارة المالية وبنك السودان المركزي وكافة القطاع المالي والمصرفي وغيرها من مؤسسات الدولة والإبقاء على الفلول وعناصر النظام البائد مهيمنة علي كافة مفاصلها”.
وأوضح التحالف أن انقلاب الذي وقع في 25 أكتوبر 2021م جاء لقطع الطريق أمام صعود حركة الجماهير ممثلة في لجان المقاومة وتجمع المهنيين وكافة اللجان النقابية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها من القوى الثورية الحية وضغطها المستمر ومطالبتها بتنفيذ شعارات الثورة وبرنامج السياسات البديلة والبرنامج الإسعافي ومقررات المؤتمر الاقتصادي الأول الهادفة إلى حشد الموارد الذاتية الوطنية والاعتماد علي الذات لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين والارتقاء بخدمات الصحة والتعليم وصحة البيئة والأمن الاجتماعي وللنهوض بالقطاعات الاقتصادية الإنتاجية في الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والتعدين والخدمات الرئيسية المدرة للدخل والعمل علي دعم العملة الوطنية ومعالجة الأزمة المتراكمة لسعر الصرف والقضاء علي أسباب وجود التجارة غير المشروعة للعملة إضافة إلي إعداد موازنات مالية عامة تعتمد علي موارد حقيقية وتوظيفها لدعم القطاعات الإنتاجية وعلى تطوير قطاعات الصحة والتعليم وصحة البيئة والضمان الاجتماعي ورعاية الأسرة والمرأة والطفل وتخفيض معدلات الفقر وتنمية المناطق المتضررة من الحروب الأهلية والتهميش والتهجير القسري والإبادة والتطهير العرقي ودعم الهجرة المعاكسة الداخلية والخارجية ووقف الصرف البذخي علي أجهزة الدولة المترهلة وعلي المليشيات والأجهزة العسكرية والأمنية والصرف الموجه للحرب وأجهزة القمع”.
واعتبر وجود ما اعتبره لجنة أمن البشير وحلفائها عقبة حقيقية أمام تطور المجتمع السوداني إلي الأمام وأنه لا يمكن تحقيق أي تقدم اقتصادي أو سياسي أو مدني أو عدلي إلا بـ”كنس هذه القوى والرمي بها في مزبلة التاريخ إلي الأبد” من أجل فتح آفاق وأبواب التنمية والتقدم والارتقاء بالوطن وبحياة المواطنين إلى مصاف الدول المتقدمة وإقامة دولة الحرية والسلام والعدالة والأمن والاقتصاد الموجه لتحقيق استقرار الوطن وضمان استقلاليته الاقتصادية وحفظ سيادته الوطنية ورفاهية شعبه المناضل.
ودعا التحالف جماهير الشعب في كافة أنحاء الوطن في القرى والمدن للوحدة والاصطفاف الثوري كالبنيان المرصوص والخروج في الشوارع والتقدم بخطيً ثابتة وإيمان راسخ وثقة لا تهتز وهتافات داوية تشق أصدائها عنان السماء في مليونية 19 ديسمبر 2021م من أجل اسقاط الانقلاب الذي وصفه بالغاشم، وقلب هذه الصفحة الظلامية التي قال بأنها أصبحت كابوسا يهدد بقاء الوطن والمواطنين بشكل نهائي وإلى الأبد، وقال: “لنجعل من هذا اليوم المشهود الحلقة الأخيرة في تاريخ الانقلابات العسكرية”.
وكانت لجان مقاومة المعمورة قد أصدرت بيانا مفصلا أوضحت خلاله المواقف والحلول في 19 ديسمبر، وقالت بأن المجلس العسكري منذ البداية كان واضحاً أنه امتداد للنظام البائد رغم ما اعتبروه التضليل والخداع الذى مارسته أذرعهم على الرأي العام، وقالوا أنهم انحازوا لإرادة الشعب بخلاف الحقيقة التي ذكروا بأنهم نفذوا انقلاباً عسكرياً درامياً ليس إلا، وأوضحوا أنهم فيما بعد ظهرت بعض نواياهم في أحداث مثل أحداث 8 رمضان ثم سقط قناعهم في تلك الجريمة البشعة (مجزرة فض الاعتصام) ومابعدها. وأكدت لجان المقاومة أن القصاص من القتلة هو الحق الذي يسعون له، وقالوا بأن المؤسسة العسكرية الآن مختطفة وأنه يجب أن يتنازل قادتها عن الحكم فوراً و تتم إعادة هيكلتها كجيش قومي مهمته فقط لحماية الوطن والحفاظ على أرواح وممتلكات مواطنيه، وتعود كما كانت “قوات الشعب المسلحة”.
الخرطوم: حافظ كبير
صحيفة الجريدة