أزمة الشرق .. وساطة جوبا .. هل تفلح فيما عجزت عنه الخرطوم؟
بعد ساعات قليلة من مُغادرة الناظر محمد الأمين تِرِك إلى الأردن مستشفياً، وصل إلى الخرطوم أمس السبت, وفدٌ من رئاسة جمهورية جنوب السودان يضم وزير الخارجية ماييك أيي دينق، لمناقشة كيفية إنهاء أزمة شرق السودان.
وأكدت مصادر وفقاً لوكالة “الشرق السعودي”، أن الوفد سيلتقي رئيس المجلس السيادي الانتقالي في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، ولجنة شرق السودان، إلى جانب الأطراف الأخرى لمناقشة الأزمة.
وأضافت أن لجنة الوساطة من شأنها حل جميع الخلافات والاستماع إلى رؤية الأطراف فيما يَتعلّق بأزمة شرق السودان.
وفي الأثناء, يتساءل مُتابعون عن جدوى وصول الوساطة الجنوبية في هذا الوقت تحديداً، والذي يُصادف مُغادرة قائد ومنظم التيار المعارض في شرق السودان الناظر تِرِك..؟ وإلى أي مدىً قد تفلح الوساطة فيما عجزت عنه الخرطوم..؟
ثبات مواقف
وبحسب خبراء ومتابعين للصراع في شرق السودان, فإن الأزمة بدأت بوادرها تلوح عقب التوقيع على مسار شرق السودان ضمن اتفاقية السلام الشامل في جوبا أكتوبر 2020م، والتي أعقبتها اعتراضات من قبل بعض القيادات السياسية على (الموقعين على المسار باسم الشرق)، ثم استمرت القضية في تصعيد مستمر, حتى وصلت الأزمة الى طريق مسدود نهاية ديسمبر من العام الجاري، وأدى تصاعد الأحداث إلى إغلاق الطريق القومي وميناء بورتسودان في شهر أكتوبر 2021م.
لكن الشاهد أن الأحداث أخذت منحىً آخر بعد قرارات رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، حيث أعلن الناظر تِرِك ومُؤيِّدوه, تأييدهم المطلق لقرارات البرهان بحل الحكومة السابقة، وسارعوا بفتح الطريق القومي، لكن اثر الانتقادات التي وُجِّهت لـ” تِرِك” بشأن انحيازه للمكون العسكري والتنازل عن قضايا الشرق المطلبية.. عاد مجدِّداً وحدد مهلة لمدة شهر من فتح الطريق انتهت بحر الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر، ثم مُدِّدت المُهلة لأسبوعين بطلب من نائب رئيس المجلس السيادي الفريق “حميدتي”، بإعطاء مُهلة قبل الإغلاق لمزيدٍ من التشاوُر مع الحكومة بشقيها العسكري والمدني.
وفي اتصال هاتفي لـ”تِرِك” بـ(الصيحة) قبيل مُغادرته, طمأن خلالها أنصاره وداعميه, كما اكد خلال الاتصال عن ثبات موقفه من قضايا الشرق، وأشار إلى أن التفاوض مع الحكومة بشقيها العسكري والمدني يمضي في اتجاه الحلول لكل القضايا التي عانى منها الإقليم ردحاً من الزمن.
وساطات ولكن؟
لكن وفيما يتعلّق بسباق الوساطات في قضية شرق السودان, فهذه لم تكن الوساطة الأولى التي تتدخّل لرأب الصداع، حيث شهد ملف الشرق دخول عدد من الوساطات داخلية وخارجية من شخصيات مستقلة وأحزاب سياسية مثل الحزب الاتحادي الديمقراطي, إضافةً إلى وساطة المجتمع الدولي، والوساطة التي سبق وبادر بها عدد من الدول لا سيما الإمارات، وبين هذه وتلك, يترقّب مُواطنو شَرق السُّودان والشّعب السُّوداني كَكُل انفراج الأزمة التي ألقت بظلال اقتصادية سالبة على البلاد.
في المقابل, أكّدت مصادر لـ(الصيحة) أن الوفد يحمل رسالة من الرئيس سلفا كير ميارديت، لدعوة الحكومة السودانية بشقيها العسكري والمدني، بجانب القيادات السياسية في شرق السودان للدخول في حوار شامل لإيجاد الحلول للأزمة، وأنّ رئيس جمهورية جنوب السودان يتابع بقلق بالغ, الأزمة السياسية في الشرق ويقف إلى جانب الشعب السوداني، ويناشد كل الأطراف ببذل أقصى الجهود لضمان الاستقرار والسلام.
هل تفلح الوساطة؟
ويجيب المحلل الدبلوماسي السفير الطريفي كرمنو في حديثه لـ(الصيحة) بقوله: إنّ دولة جنوب السودان في ذات الوقت الذي تسعى جاهدةً فيه لحل الأزمة الداخلية للسودان بين أطراف الصراع في الشرق والحكومة الانتقالية، تخطو خطوات نحو تأمين مصالحها التي تتأثّر بصورة كبيرة في حال عودة إغلاق ميناء بورتسودان والذي تصدِّر عبره البترول، وبالتالي هم متأثرون بأزمة الشرق.
وأكد كرمنو أن الوساطة لن تفلح ما لم تخطُ القيادات المعارضة في الشرق خطوات نحو الحل عن طريق إظهار المرونة في التعاطي مع الأحداث، وأردف أن تصلب آرائها حول إلغاء المسار يقلل من فرص التفاوض والوصول إلى الحلول حتى في وجود الوساطة من دولة جنوب السودان.
أما فيما يتعلق بوصول الوساطة أثناء مغادرة الناظر تِرِك للاستشفاء، قال إن قضية إقليم كامل لا تتوقف على شخص, وأردف: لا بد وأن هنالك من ينوب عنه في تنسيقية كيانات الشرق.
يحلها الشربكها!
من ناحيتها, أكدت تنسيقيات كيانات الشرق عدم علمها بوصول وفد وساطة من دولة جنوب السودان، وقالوا لم يتم إخطارنا بوصول وفد للتوسط بين الأطراف المطلبية والحكومة الانتقالية, وأضافوا في تصريحات صحفية: سمعنا من الإعلام بحضور الوسيط في اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح والجبهة الثورية.
وقال مبارك النور عضو تنسيقيات كيانات شرق السودان لـ(الصيحة): نرحب بأي وساطة قد تدفع بحلول لإنهاء أزمة شرق السودان، وقال (يحلها الشربكها), وزاد: إن مطالب الشرق واضحة لا تراجع عنها ومتمثلة في إلغاء مسار الشرق وتحقيق نسبة تمثيل 100% لحكم الشرق من قبل أهل الشرق، وأكد أن اللجنة المكونة من قبل الحكومة الانتقالية لم تجتمع حتى الآن بالتنسيقات وكيانات أهل شرق السودان، وربما اجتمعت بأفرادٍ, مبيناً أنّ القضية تحتاج إلى تواصل مع كل الأطراف للوصول إلى اتّفاقٍ مُرضٍ لأهل الشّرق.
تقرير- نجدة بشارة
صحيفة الصيحة