عثمان ميرغني يكتب “التغيير”.. قوة الرؤية لا رؤية القوة
الجنرال البريطاني المعروف هيبرت كتشنر قاد الحملة العسكرية التي غزت السودان في العقد الأخير من القرن التاسع عشر، كانت أغرب عملية عسكرية صورها قلم المراسل الصحفي الحربي ونستون تشرشل الذي رافق الحملة العسكرية ثم يشاء القدر أن يصبح رئيسا لوزراء بريطانيا خلال فترة الحرب العالمية الثانية.
حملة كتشنر انتهت عمليا وحققت أهدافها العسكرية باستعادة السودان تحت الحكم الثنائي (البريطاني- المصري) في يوم الجمعة 2 سبتمبر 1898 مع نهاية معركة ”كرري“ الشهيرة التي استشهد فيها أكثر من 15 ألف مقاتل سوداني خلال أقل من ثلاث ساعات.
مع كل هذه البداية الدموية ورغم طبيعة الحملة كونها عسكرية في المقام الأول؛ إلا أن وقائع التاريخ سجلت تطورا مذهلا مغايرا تماما لوجهها العسكري
بعد شهرين من انتصار كتشنر دعته ملكة بريطانيا لتكريمه في لندن، وتفضلت عليه بمنحه لقب ”لورد“ وفي الحفل أعلن كتشنر عن عزمه تشييد مؤسسة للتعليم العالي في السودان، وناشد الشعب البريطاني التبرع بعد أن حدد لها ميزانية في حدود 100 ألف جنيه إسترليني تشمل المنشآت والتسيير، وحصد التبرعات السخية وكانت تلك البذرة جامعة الخرطوم اليوم، وخلال سنوات قليلة أكمل تشييد الجسور التي تربط ضفتي النيل في العاصمة السودانية ثم مدد خطوط السكك الحديدية وشيد عشر مدن سودانية لا تزال تشكل أكبر مدن البلاد حتى اليوم بما فيها الميناء الرئيسي بورتسودان.
سُقتُ هذه السيرة التاريخية لاستنباط مقارنة بين حملة عسكرية أجنبية وثورة شعبية وطنية، حملة كتشنر الأجنبية ثم ثورة ديسمبر الوطنية الراهنة في السودان. الوصف الوظيفي للحملة العسكرية من حيث كونها تغييرا في السلطة السياسية يتشابه مع الوصف الوظيفي لثورة ديسمبر كونها أيضا تغييرا في السلطة، رغم أن الأخيرة في حيز الوطني بينما الأولى بفعل الأجنبي.
المقارنة في النتائج تثير علامة دهشة كبيرة، فالتغيير في السلطة بيد الغازي الأجنبي تحول فورا ومنذ الشهور الأولى إلى إستراتيجية بناء عمرانية وتغيير حضاري ملموس، بينما التغيير السياسي الوطني في ثورة ديسمبر الذي يدخل عامه الرابع الآن، لم ينجح في إنجاز أي تغيير عمراني أو حضاري حتى ولو بأقل قدر ممكن.
فيصبح السؤال الحتمي، كيف ينجح الغازي الأجنبي في سلوك الطريق الصاعد لبناء دولة جديدة بينما يفشل الثائر الوطني حتى في الحفاظ على بقايا ما وجده من السلطة السابقة؟ فواقع الدولة السودانية العمراني والحضري حاليا تدنى حتى بمقياس ما كان في ظل النظام السابق.
الإجابة المختصرة في عبارة واحدة هي ”غياب الرؤية“، فالغازي البريطاني الذي دك أسوار الدول المهدية واستولى على حكم السودان كانت له رؤية واضحة عبّر عنها في أدبيات موثقة ومنشورة، وصف السودان شعبا وأرضا بأنه ”وسط“، يصلح ليكون ملتقى التجارة والتعايش السكاني لمختلف الشعوب، وبنى إستراتيجية على جذب الاستثمار والهجرات المنتجة، وفعلا امتزجت في السودان أمزجة شعوب عربية من مصر والجزيرة العربية ومن الشام مع شعوب أوروبية خاصة اليونان وأقصى الشرق من الهند تحديدا، وكانت السمات البارزة للمدن السودانية تعايش كل هذه الأعراق تحت ظل ”المصالح المشتركة“ لعقود طويلة حتى بعد خروج الاستعمار في 1956. ولكن بكل أسف خرج المستعمر الأجنبي وجاء ”المستدمر“ الوطني فصدرت في العام 1970 قرارات المصادرة والتأميم الشهيرة التي استهدفت هذه المجموعات بالتحديد ووصفتها بأنها (رأسمالية أجنبية مرتبطة بالاستعمار) فأطاحت بالرؤية التي بنى عليها الغازي الأجنبي كتشنر كل ما حققته الدولة السودانية من منجزات في فترة محدودة لا تزيد عن 58 عاما (1898-1956).
يحتاج السودان حاليا لـ“رؤية“، منهج تغيير، لبناء دولة حديثة، ولا تنقصه بعد ذلك الموارد الاقتصادية والبشرية لإنتاج دولة متفوقة ومتقدمة في أقل زمن ممكن.
صحيفة السوداني
المقارنة معدومة بين عقل اللورد كتشنر واكبر عقل سوداني , الاوربي رجل حر تخطي مرحلة حق الانسان بالعيش الكريم مع ثائر جائع جاهل مريض يتغوط بالعراء ياكل بكوم الزبالة لافرق بينة والحصان . هو حالى وحالك يا ابا عفان
المقارنة غير منصفة ولو كانت الحملة اليوم لن يشيد الانجليز طوبة واحدة ناهيك عن اعمار وذلك بسبب الكيزان قاتلهم الله مسجد النهود الكبير شيده خواجه مسيحي (كافر كما يسميه المتأسلمين) والي اليوم لم يظهر به أي شرخ في جداره وعندما أتى المتأسلمين بنوا بجانبه واحد سقطت قبته في اسبوعها الأول وهذي الميزانية الثانية المخصصة له حيث الأولى تنعم بها واليهم المتأسلم وهذه مقارنه بسيطه لتفتح لك بصيرتك العوراء الثورة حكمت عامين من دون أن يموت اي مواطن بنيرانها ويمكنك ان تقارن بحكمكم المتأسلم عندما فشلوا ثلاثين عاما يحقدون لنجاح اي احد بعدهم بعد أن تركوا الدولة مديونة ستون مليار دولار