محجوب عروة يكتب د. حمدوك: هل من وزارة للوحدة والتنمية السياسية؟
قبل يومين دخلت في نقاش مع بعض الناشطين دفعني لأقترح لدكتور حمدوك وهو يشرع في تكوين حكومته غير الحزبية أن يبتكر وزارة يسميها وزارة (الوحدة الوطنية والتنمية السياسية). عن لي هذا الاسم قبل عشر سنوات عندما زرت العاصمة الأردنية عمان فلفت نظري بناية كبيرة كتب عليها (وزارة التنمية السياسية). اعجبني الاسم فدخلتها مستفسرا واستمعت لشرح بأنها تختص بابحاث من اجل التنمية السياسية أسوة بالتنمية الاقتصادية لتحقيق ودعم الوحدة الوطنية عبر منهج التطور السياسي والدستورى لا منهج الصراعات والثورات والانقلابات مثلما تهتم الدولة بالتنمية الاقتصادية باعتبار أن السياسة والاقتصاد هما وجهان لعملة واحدة الهدف الاستقرار والسلام والعدالة والازدهار والتقدم..
عندما عدت للخرطوم كان أول مقال لى نصحت نظام الإنقاذ بذات الفكرة بديلا لنهج الاقصاء والتمكين وان يعتمد نهج المصالحة الوطنية عبر نهج التطور السياسي والدستوري بديلا لنهج الثورات والانقلابات العسكرية التي كرست الدورة الخبيثة. ولكن… وآه من لكن، فبسبب العمى الاستراتيجي والتعالي الديني والسياسي الذى كان ينتهجه نظام الإنقاذ لم يستمع بل يكره الناصحين ظنا خاطئا بانه باق أبدا ولن يسلمها (لبغاث الطير وليلحسوا كوعهم!!؟؟) فقد كان يظن أنه داخل حصون مشيدة من القصور والمبانى تحميه أجهزة القمع والبطش وتنظيم الوهم الذى يعتمد على تزوير الانتخابات، (فحدث ما حدث له).. لا شبيه له في العالم الا حزب البعث العراقى والسورى وغيرهما والنظام الشيوعي كان عاقبتهم الفشل فالانهيار.
اليوم البلاد تواجه الخلافات والتجاذبات والصراعات تكاد تنتج الفوضى وتفكك البلاد لهذا اقترح على دكتور حمدوك انشاء وزارة للوحدة الوطنية والتنمية السياسية يعهد اليها تأسيس منصة ذات كفاءة عالية لنعبر ما تبقي بالفترة الانتقالية الى بر الأمان فلا نجهض الانتقال الديمقراطي الذي أرسته ثورة ديسمبر وتنتهى الى غير رجعة الدورة السياسية الخبيثة.
اختصاصات هذه الوزارة وضع خارطة طريق وتنفيذ لكيف نحقق الوحدة الوطنية السلام والاستقرار ودولة سيادة القانون والعدالة ودولة المؤسسات بالحوار الصادق الشفاف لمعالجة أخطر الأمور التي تعرقل التحول الديمقراطي اليوم وأدى بنا الى الوضعية السياسية المتفجرة الحالية والتي تتمثل في الآتى: أولا كيف نتجاوز الخلاف حول كارثة فض اعتصام القيادة العامة والخلاف حوله فأنتج شعار رغم انه ديني شرعي (الدم قصاد الدم) لكنه تحول الى صراع سياسي كقميص عثمان بن عفان أنتج فتنة كبرى وهذا لن يعالج الا عبر العدالة الانتقالية التي سأكتب وافصلها لاحقا مثلما حدث في جنوب افريقيا ورواندا مثلا انتج السلام والاستقرار والديمقراطية والتنمية..
ثانيا من مهام هذه الوزارة هو انجاز مؤتمر دستورى تشترك فيه جميع القوى السياسية والاجتماعية في الوطن دون اقصاء الا من يدينه القضاء بالجرم المشهود والفساد وليس بالعدالة الانتقامية الانتقائية كما حدث ابان لجنة ازالة التمكين.. تكون مهمة هذا المؤتمر الدستورى معالجة الوضع المضطرب الحالي يبدأ بالاتفاق على المشتركات وينتج ميثاقا وطنيا شاملا ووضعا دستوريا جديدا اما بتعديل الوثيقة الدستورية الحالية الناقصة أو بوضع دستور انتقالى مثلما حدث منذ الاستقلال مرورا بكل الثورات اللاحقة .. وينتج الاتفاق على كيف يحكم السودان وعلى نظام الانتخابات المناسب للمستقبل.. اذا عالجنا هذه القضايا الدستور الانتقالى وشهداء اعتصام القيادة العامة والانتخابات بالحكمة والتسامح والكفاءة والعدالة المطلوبة فسنعبر والا ساعة مندم….. سأكتب غدا الجمعة عن ذكرياتي حول المصالحة الوطنية منذ العام 1975.. انتظرونى.
صحيفة السوداني
كلامك كلام عقل بكل اسف الساسة في وادي والشعب في وادي اخر.