سلالة أوميكرون من كورونا .. لماذا تصيب العلماء بالذعر؟
ما سلالة “أوميكرون” (Omicron) الجديدة من فيروس كورونا؟ ولماذا يخشاها العلماء؟ وماذا قالت منظمة الصحة العالمية عنها؟ وما مواصفات أوميكرون مقارنة مع السلالات “المتغيرات” الأخرى؟
سلالة أوميكرون
سمت منظمة الصحة العالمية سلالة كورونا الجديدة “أوميكرون” (Omicron)، اتباعا لنمط أسماء الرموز اليونانية، مثل متغيرات “ألفا” (Alpha) و”دلتا” (Delta).
رمز سلالة أوميكرون هو “بي 1.1.529” (B.1.1.529)، وتم إبلاغ منظمة الصحة العالمية عنها للمرة الأولى من جنوب أفريقيا يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
ماذا يميز سلالة أوميكرون؟
تحتوي هذه السلالة “المتغير” على عدد كبير من الطفرات، و”بعضها مثير للقلق”، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
تشير الأدلة الأولية إلى زيادة خطر “الإصابة الثانية” (reinfection) بهذا المتغير، مقارنة بالسلالات الأخرى.
يبدو أن عدد حالات سلالة أوميكرون آخذ في الازدياد في جميع مقاطعات جنوب أفريقيا تقريبًا.
تحتوي سلالة أوميكرون على مجموعة غير عادية من الطفرات يمكن أن:
– تساعد فيروس كورونا على التهرب من المناعة في الجسم.
– تجعله أكثر قابلية للانتقال.
تحتوي سلالة أوميكرون على 32 طفرة في بروتين السنبلة “سبايك”، وهو جزء من الفيروس تستخدمه معظم اللقاحات لتهيئة جهاز المناعة ضد مرض كوفيد-19. وهذا العدد من الطفرات يعد نحو ضعف الرقم المرتبط بسلالة دلتا، وفقا لتقرير في صحيفة “غارديان” (The Guardian) البريطانية.
ماذا قالت منظمة الصحة العالمية؟
صنفت منظمة الصحة العالمية سلالة أوميكرون على أنها “متغير مثير للقلق” (Variant of Concern VOC).
ما “المتغير المثير للقلق”؟
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، المتحورات أو المتغيرات المثيرة للقلق هي سلالات من فيروس كورونا تتميز بصفة واحدة ترتبط بتغيير صفة أو أكثر من الصفات التالية:
زيادة قدرة الفيروس على الانتقال أو التغيير المضر في وبائيات كوفيد-19.
زيادة في فوعة الفيروس أو تغير المظاهر السريرية للمرض.
انخفاض فعالية تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية أو وسائل التشخيص واللقاحات والعلاجات المتاحة.
لماذا يخاف العلماء من أوميكرون؟
أي متغير جديد قادر على التهرب من اللقاحات، أو الانتشار بشكل أسرع من متغير دلتا السائد الآن، قد يشكل تهديدًا كبيرًا مع خروج العالم من الوباء.
ما رقم التكاثر لسلالة كورونا أوميكرون؟
رقم التكاثر الأساسي رمزه (R0)، وينطق “آر نات” أو “آر زيرو”، وهو يشير إلى متوسط عدد الأشخاص الذين يتوقع أن ينقل الشخص المصاب المرض إليهم.
قالت كبيرة المستشارين الطبيين بوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، الدكتورة سوزان هوبكنز، إن قيمة “رقم التكاثر” (R) لمتغير أوميكرون في مقاطعة غوتنغ بجنوب أفريقيا -حيث تم العثور عليه لأول مرة- أصبحت الآن 2، وهو مستوى انتقال لم يسجل منذ بداية الجائحة قبل بدء فرض القيود. وبالنسبة لرقم التكاثر، أي شيء أعلى من الرقم 1 سيجعل الوباء ينمو بشكل كبير.
ما مواصفات أوميكرون مقارنة مع السلالات “المتغيرات” الأخرى؟
وصف كبار العلماء -أول أمس الخميس- أوميكرون بأنه أسوأ متغير رأوه منذ بداية الوباء، وفقا لصحيفة غارديان؛ إذ يحتوي على 32 طفرة في بروتين سبايك، وهو جزء من الفيروس تستخدمه معظم اللقاحات لتهيئة جهاز المناعة ضد كوفيد-19، وهذا نحو ضعف الرقم المرتبط بمتغير دلتا.
يمكن أن تؤثر الطفرات في بروتين سبايك على قدرة الفيروس على إصابة الخلايا وانتشارها، ولكنها أيضا تجعل من الصعب على الخلايا المناعية مهاجمة العامل الممرض.
قال مدير مركز الاستجابة الوبائية والابتكار في جنوب أفريقيا، البروفيسور توليو دي أوليفيرا، إن هناك “مجموعة غير عادية من الطفرات” وإنها “مختلفة تماما” عن المتغيرات الأخرى التي تم تداولها.
وفي إفادة إعلامية، قال البروفيسور دي أوليفيرا إن هناك 50 طفرة إجمالية وأكثر من 30 على بروتين سبايك، وهو الهدف لمعظم اللقاحات والمفتاح الذي يستخدمه الفيروس لفتح المدخل إلى خلايا الجسم، وفقا لموقع “بي بي سي” (BBC).
من المحتمل أن يكون هذا المستوى من الطفرة ناتجا عن مريض واحد لم يكن قادرا على التغلب على الفيروس.
القلق هو أن هذا الفيروس أصبح الآن مختلفا جذريا عن الأصلي الذي ظهر في مدينة ووهان بالصين. وهذا يعني أن اللقاحات، التي تم تصميمها باستخدام السلالة الأصلية، قد لا تكون فعالة.
ما آخر التطورات الميدانية؟
وسط مخاوف من انتشار واسع لأوميكرون، أعلنت عدة دول تعليق الرحلات القادمة من دول أفريقيا الجنوبية حيث رصدت هذه المتحورة الجديدة لفيروس كورونا.
فبعد دول أميركية شمالية وأوروبية وعربية، أغلقت أستراليا -وقبلها البرازيل- حدودها أمام القادمين من جنوب القارة الأفريقية.
وحظرت أستراليا -اليوم السبت- الرحلات الجوية من 9 دول في جنوب أفريقيا. وقال وزير الصحة غريغ هانت إن غير الأستراليين الذين زاروا جنوب أفريقيا وزيمبابوي ودولا أخرى في الأسبوعين الماضيين سيمنعون أيضا من دخول أستراليا. وسيخضع المواطنون والمقيمون الذين يسافرون من هذه الدول لحجر صحي لمدة 14 يوما.
من جهتها، أوصت وكالة المراقبة الصحية البرازيلية -في بيان أمس الجمعة- بتعليق الرحلات الجوية من 6 دول جنوبي أفريقيا “نظرا للتأثير الوبائي الذي يمكن أن تحدثه المتحورة الجديدة على الوضع العالمي”.
وأعلنت كندا والولايات المتحدة منع دخول مسافرين من الدول الجنوبية في أفريقيا إلى أراضيهما، بينما ستشدد اليابان القيود مع فرض حجر لمدة 10 أيام على القادمين من هذه المنطقة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن -في بيان- إن “المعلومات عن هذه المتحورة الجديدة تجعل الأمر أكثر وضوحا بأن هذا الوباء لن ينتهي بدون التطعيم على مستوى العالم”، داعيا إلى تقديم مزيد من اللقاحات إلى الدول الفقيرة.
في أوروبا، أعلنت السلطات الصحية الهولندية اليوم السبت عن 61 إصابة مؤكدة بكوفيد-19 بين مسافرين قدموا على متن رحلتين من جنوب أفريقيا، لكنها تحتاج إلى مزيد من الفحوص لمعرفة إذا ما كانوا مصابين بالمتحورة الجديدة أوميكرون.
ورصدت إصابة واحدة في أوروبا بهذه المتحورة في بلجيكا.
دول أوروبية تعيد القيود إثر ارتفاع إصابات كورونا أعادت بلدان أوروبية عدة تنفيذ بعض الإجراءات المتعلقة بمكافحة كورونا مثل إلزامية ارتداء الكمامات وإغلاق أماكن العمل، والعمل من المنزل، بسبب زيادة الإصابات بالفيروس 24.11.2021.
كبش فداء
حظرت عدة دول أوروبية -بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا- الرحلات الجوية من دولة جنوب أفريقيا والدول المجاورة لها. وستطبق روسيا قرارا مماثلا اعتبارا من غد الأحد وإسبانيا بدءا من الثلاثاء المقبل.
وسجلت إصابة واحدة بأوميكرون في هونغ كونغ. وأوصى الاتحاد الأوروبي بتعليق جميع الرحلات من جنوب أفريقيا و6 دول أخرى في المنطقة، في حين أعلنت عدة دول عربية بينها السعودية أنها ستغلق حدودها أمام المسافرين من هذه المنطقة.
وأثارت هذه القرارات والتوصيات استياء جنوب أفريقيا التي رأت أنها “غير مبررة”. وقال وزير الصحّة جو فاهلا -في مؤتمر صحفي مساء أمس الجمعة- إن “بعض ردود الفعل غير مبررة”. وأضاف أن “بعض القادة يبحثون عن كبش فداء لحل مشكلة عالمية”.
وتحدث رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمس الجمعة، إذ “ناقشا التحدّيات التي تفرضها المتحوّرة الجديدة لكوفيد-19 عالميًا، وطرق العمل معًا للتعامل مع السفر الدولي وإعادة فتحه”، وفق ما قال متحدّث باسم رئاسة الحكومة البريطانية.
ولم يسبق لأيّ متحوّرة جديدة أن أثارت هذا القدر من القلق حول العالم، منذ ظهور المتحوّرة دلتا.
ولحظر السفر نتائج مأساوية بجنوب أفريقيا؛ إذ يأتي قبل الصيف الجنوبي مباشرة وهو الوقت الذي تكون فيه حدائق الحياة البرية والفنادق ممتلئة عادة؛ حيث بدأ قطاع السياحة للتو يأمل في موسم عادي.
وقالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور -في بيان- “قلقنا الفوري هو الضرر الذي سيلحقه هذا القرار بقطاع السياحة والأعمال”.
مودرنا تريد تطوير لقاح
أدت المخاوف من انتشار جديد لوباء كوفيد-19 إلى إرجاء المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية، وهو الأول لها منذ 4 سنوات. وكان يفترض أن يُشارك في المؤتمر 4 آلاف شخص من 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى الثالث من ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وبعد اجتماع طارئ أمس الجمعة، اتفق أعضاء منظمة التجارة العالمية -البالغ عددهم 164 عضوا- على تأجيل المؤتمر الوزاري الثاني عشر “إلى أجل غير مسمى”، في أعقاب انتشار المتحورة أوميكرون “التي دفعت حكومات كثيرة إلى فرض قيود مشددة على السفر، مما سيمنع العديد من الوزراء من التوجه إلى جنيف”، وفق ما قالت المنظمة.
وقالت المديرة العامة للمنظمة نغوزي أوكونجو-إيويالا “هذا لا يعني أن المفاوضات يجب أن تتوقف. بل، على العكس من ذلك”.
ويحاول العلماء بالفعل فهم هذه الطفرات الجديدة، وأعلنت مختبرات “مودرنا” (Moderna) أنها تخطط “لتطوير لقاح” ضد أوميكرون.
وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية أمس الجمعة إن الأمر سيستغرق “عدة أسابيع” لفهم قدرة الفيروس على الانتشار وشدته.
من جهتها، قالت الوكالة الأوروبية للأدوية إنه من “السابق لأوانه” التخطيط لتكييف اللقاحات مع متحورة أوميكرون.
حصل نحو 54% من سكان العالم على جرعة واحدة على الأقل من لقاح مضاد لكوفيد-19، لكن 5,6% فقط تلقوا التطعيم في البلدان المنخفضة الدخل، حسب موقع “آور ورلد إن داتا”.
د. أسامة أبو الرُّب
الجزيرة نت