القنوات العربية.. نموذج قناة الجزيرة بعد ربع قرن على إنطلاقتها الفضائية

▪القنوات العربية الفضائية – جرد حساب / أين كنا وماذا كسبنا ؟،،
▪نموذج قناة الجزيرة بعد ربع قرن على إنطلاقتها الفضائية ،،
———-
🖋 شرف محمد الحسن ،،
▪عندما اشتدت الحرب العالمية الثانية و اصبحت الجيوش الأكثر عدداً وعتاداً تعبر حدود الدول وتدك بنيتها وتدمر مدنها ؛ استخدم الاتحاد السوفيتي الصواريخ قصيرة المدى ، فكان يتم اطلاقها لتعبر الحدود و تدمر الاهداف دون تحريك للجيوش من مواقعها ،،
كان ذلك أمراً مدهشاً ومؤثراً في موازين القوى وفلسفة الحرب القائمة على تلاحم الجيوش ومواجهاتها على الأرض،،
أطلق المؤرخون على استخدام هذه الصواريخ وصف : ( ذراع السوفيت الطويلة) ،،
▪عندما وضعت الحرب اوزارها ، بدأ التسارع في الغرب لتطوير التقنيات الصناعية ، فتغيرت فكرة ( الذراع الطويلة) من الصورايخ إلى الاذاعات الدولية عابرة الحدود.
كانت هذه الاذاعات تختار اهدافها في تلك الدول بعناية ، و ترسل اذرعتها الصوتية الطويلة وموجاتها القصيرة لتحقق اهدافها من التغيير الذي تنشده ،،
▪لم تكن فكرة إطلاق قناة الجزيرة بدعة عندما أسست لاعلام يتجاوز الحدود ويطرح قضايا المجتمعات ويتدخل في شأنها على غرار ( اعلام الذراع الطويلة) ؛ فقد سبقت قناة الجزيرة قناة MBC ام بي سي قبل أن تتحول لمجموعة ، و من قبلهما كانت BBC بي بي سي و مونتي كارلو و اذاعة صوت امريكا وغيرها من الاذاعات السمعية تمد لسانها إلى مسامع الشعوب داخل اسوارهم المحلية وتهمس في آذانهم وتشكّل رأيهم ، بيدَ أنها كانت محدودة الاثر ، اذ انها كان يتلقاها قادة الرأي والمثقفون ثم يعيدون تفسير ونشر أخبارها للعامة وفقاً لانتقائهم و تفسيراتهم ،، ،،
إذن ؛ ما هو الجديد الذي انتهجته الجزيرة حتى باتت الاعلام الأكثر تأثيراً في مسيرة الشعوب العربية و ما جاورها ؟
لقد تميزت قناة الجزيرة بشبكة واسعة من المراسلين دوما ما يكونون أقرب للحدث من أي وسيلة أخرى ، كما أنها تميزت باستخدامها للصورة الجاذبة في طرحها للمواضيع المهمة كوسيلة لرسالتها للشعوب العربية ، فالصورة في تصنيف التعبير تعتبر الاكثر تأثيراً ، إذ تتجاوز حاجز اللغة والجغرافيا ، ثم أنها تقاس بما يعادل تسعة الف كلمة مكتوبة من حيث الوصف والتعبير للحدث ، لكن البعد الاكثر تأثيرا فيها هو : إعادة التفسير بما يتوافق مع معتقدات المتلقي و هويته، ولذلك يكون الاثر في هذه الحالة غير متناهي ،،
لكن ؛ هناك عوامل مهدت على مساعدة قناة الجزيرة في الاننشار والتأثير ، أهمها :
▪أولا- الانتقال التقني لوسائل الاتصال من النظام التماثلي القديم الى النظام الرقمي ثم تدرجات الرقمي في تطوير الجودة ، وهذا ما اتاح الانتشار في البث الرقمي الفضائي وانتشار الاستقبال وتوفر ادواته بجودة عالية.
▪ثانيا – ظهور جيل ما بعد التحرر في البلدان العربية ، حيث أنّ غالبية الشعوب تجاوز عمر استقلال بلادها من الاستعمار عقدين الى ثلاثة عقود في فترة ظهور قناة الجزيرة ، مما يعني أنها في مرحلة الانعتاق والتغيير و تقبل الانقلاب على ثقافة الاستعمار و المورثات المجتمعية التي تقيد تداخل الثقافات ، وبالتالي هي مستعدة لتقبل كل ما يعبّر عنها ويشعرها بالانتماء له.
▪ بالرجوع لجوهر الموضوع وهو الاهداف المعلنة لقناة فضائية تتجاوز الحدود الجغرافية و الهويات المحلية و تخترق الجدران للغرف المغلقة ،،
لنقل أنّ جوهر هذه الاهداف يتمثل في :
١- تأسيس اعلام عربي ناطق باللغة العربية ويحمل رسالة ذات محتوى عربي و بهويات عربية ، وذلك كسرا لحاجز الاعلام الدولي الاجنبي الذي يتم توجيهه للشعوب العربية.
٢- توعية الشعوب العربية بحقوقها الانسانية و المدنية والقانونية و فتح آفاق للتعبير عن هذه الحقوق والعمل على نيلها.
٣- الريادة في صناعة الاعلام البصري ومواكبة تطوره وامتلاك وسائله وطرق تأثيره على المتلقين.
🔻 يبقى السؤال موجه لكم لاستكمال الموضوع ، :
▪ في تقديرك ، هل كانت قناة الجزيرة – كرائدة للقنوات الاخبارية العربية – مؤثرة إيجابيا في نيل الشعوب العربية لحقوقها و حرياتها وتطلعاتها لحياة أفضل مما كانت عليه ؟ أم أنها ( زادت الطين بله)

Sharaf Moh Elhassan