حسن محمد صالح يكتب: الاخ تمكين ام شرطة؟
موقف
د. حسن محمد صالح
ظللت اردد في احايين كثيرة ذلك الموقف الذي مررت به في بداية حياتي الصحفية وانا اهم بدخول الجارة تشاد انطلاقا من مدينة الجنينة بغرب السودان عندما وركبت السيارة ((الاندروفر)) التي تحمل المسافرين من السودان الي تشاد وعلمت انني سوف احصل علي تصريح للدخول الي دولة تشاد من مدينة ادري الحدودية وتحركت بنا السيارة وعبرنا واديا يمثل الحد الفاصل بين البلدين ولكن ضابطا من الشرطة السودانية علم بالامر ولحق بقافلتنا وانزلني من السيارة بحجة انهم قد رتبوا لسفري بصورة افضل ولكن بعد ان عدنا للجنينة قال : لي بالحرف الواحد لن نسمح لك بالسفر لاننا نعلم الوضع القانوني في تشاد وكان ذلك في العام ١٩٨٨م علي ايام الرئيس التشادي الراحل حسين حبري قال الضابط الرفيع ان السلطات التشادية لن تتفهم انك صحفي وسيتم سجنك ولن يخرجك من السجن الا العسكري الذي اعتقلك واذا مات هذا العسكري انت لن تخرج من السجن الي يوم القيامة. ظللت اقول هذا الكلام ولم يخطر ببالي انه سوف يحدث في السودان هذا البلد الراسخ في العدالة واستقلال القضاء واحترام القانون وهو لا يحتاج ان يرفع فيه شعار حرية سلام وعدالة لما فيه من عدالة وقضاء لا تشوبه شائبة وكما قال العقيد القذافي الشعب السوداني محب للحرية بطبعه ولن تستطيع حكومته مهما تجبرت ان تكرهه علي امر لا يتماشي مع قيمه ومبادئه وعاداته وتقاليده. كنت عندما اذكر واقعة سفري الي تشاد يومها اقول ذلك من باب المفارقة واسال نفسي كيف يعتقل انسان ولا احد يسال عنه او يحقق معه او يقدمه للمحكمة في ظرف يوم او يومين او شهر او شهرين حسب ما تستوجبه التحريات ولا انسي رجال الشرطة السودانية وهم ياتون علي ظهور الجمال ويجوبون الفيافي لمتابعة احدي قضايا القتل في منطقتنا وكان المتهم الرئيسي هاربا فبحثوا عنه الي ان وجدوه علي بعد الاف الكيلومترات من موقع الجريمة وقدموه للمحاكمة. وهناك مقولة راسخة عند رجال شرطة التحري وهي ((ان تسدد)) بلاغك ولا تتركه مفتوحا من غير ان تكمل التحري في القضية المطروحة امامك هذا مما تعلمه رجال القانون في السودان من سلوك وتربوا عليه ووكيل النيابة يحرص كل الحرص ان لا يعيد المحكمة قضية قام بالتحقيق فيها لخلل ما في التحري الاتهام والبيانات الخاصة بالمتهمين والااعتبر وكيل نيابة فاشل.
هذا الرسوخ والشموخ اخذ في التهاوي مؤخرا وعلي يد لجنة ازالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م واسترداد المال العام. وخطل هذه اللجنة ليس علي التلفزيون وحركات وجدي صالح وعجرفة محمد الفكي سليمان الرئيس المناوب للجنة ازالة التمكين ولكن هذه اللجنة اكبر تجاوزاتها علي ارض الواقع وداخل الحراسات والزنازين. ذهبت ذات مرة الي المقرن حيث يتكدس المتهمون في ما يعرف بنيابة ازالة التمكين وانا اهم بالدخول تحدث معي رجل الشرطة في مدخل الحراسة وهو لا يريد منعي او فحص هويتي ولكنه سالني هل من اريد مقابلته معتقل بواسطة الشرطة ام التمكين؟؟؟؟ وهو يسمح لي بالدخول بعد ان قلت له لجنة تمكين واردف الله اكون في عونه وبالفعل وجدت العجب العجاب خلال المدة القصيرة التي قضيتها” فهناك معتقلون بتهمة الاتجار في العملة في حين لم يعد يشكل الاتجار في العملة جريمة بعد تعويم الجنيه السوداني واختفاء المضاربات في الدولار واتجاه المواطنين نحو البنوك لتبديل نقودهم وهناك معتقلون خطا فقد تم القبض عليهم ولا علاقة لهم بالقضية موضع الاتهام مثال لذلك ذهاب شرطة لجنة التمكين الي احد اسواق العاصمة لتوقيف متهم معين ولكنها بدلا من القبض عليه قبضت علي صاحب الكارو الذي وجدوه صدفة في الدكان وتم سجن صاحب الكارو وهو لا يعلم شيئا عن النشاط الذي اتهموه بممارسته وهو تجارة العملة لا يعرف ما العملة ولا الدولار او الريال من اصله، كما تردد . واخر سالوه ما ان كان يتاجر في العملة فرد عليهم بطريقة ساخرة ولم يكن يعلم انهم شرطة لانهم كانوا في زي مدني وقال لهم الواحد لو دكتور ((طبيب)) بقول للناس انا دكتور فقاموا باعتقاله وظل في الحبس مدة طويلة من الزمن.
تقدم معتقلو لجنة ازالة التمكين بمظلمة للسيد رئيس القضاء المكلف والسيد النائب العام المكلف وهي تعبر عن الحالة التشادية التي ذكرتها انفا :
بسم الله الرحمن الرحيم
*السيد / رئيس القضاء المكلف*
*السيد / النائب العام المكلف*
الموضوع : مناشدة عاجلة
في البدء نبعث لكم عاطر التحايا ونسأل الله أن يعينكم علي خدمة البلاد والعباد .
بالاشارة للموضوع اعلاه نحن المحتجزين من قِبل لجنة ازالة التمكين ومحاربة الفساد في قسم المقرن وقسم التحقيقات بحري
نناشدكم وقد خابت كل محاولاتنا ورجاءنا من خلال محاولاتنا المستمرة في أنْ يجد ميزانُ العدالة طريقه في الإتزان تجاه الإحتجاز الذي نواجهه وخصوصاً تجاوزت مدة إحجتازنا ال 70 يوم وفي حالات آخري تجاوزت ال 120 يوم ونحن نعلم أن الماده ١٧٦ من القانون الجنائي لا تسمح للاجهزة الشرطية بإحتجاز المتهمين لما يفوق الاسبوع واكثر من ذلك إلا أن يُعرض الامر الي قاضي يجد في الملف ما يستدعي زيادة مدة حجزه وهذا يسوقنا الي الاتي :
*أولاً : نحن يفوق عددنا ال 45 محتجز لم نعرض يوماً علي قاضي حتي يتسني له تمديد الحبس وإنّ عملية تجديد الحبس تتم عبر طريقة نأسف أنْ نصفها ب غير القانونية ونحن علي ثقة أنكم علي رأس الجهاز القضائي والعدلي في السودان لستم علي علم بها حيث يحضر أحد متعاوني المباحث المنتدبين لدي لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد ومعه إستمارة تجديد حبس فارغة من الأسماء ويأتي الي مكان الإحتجاز ويملأ فيها أسماء المحتجزين حسب التسلسل الزمني لأنهم ببساطة لا يملكون التسلسل الزمني الا عندما يأتون لمراجعة دفتر أحوال الشرطة بالقسم المعني ؛؛؛
عليه نقول أنّ هكذا أجراءات بهذه الكيفية لا تتناسب أبداً مع دولة رفعت شعار العدالة والإصلاح ومحاربة الفساد والظلم ونحن إذ نكتب هذا الكتاب ونطالب بتكوين لجنة تحقيق في هذا الأمر كيف لمحتجز في أحد دور تحقيق العدالة أنّ يتجاوز المدة التي نص عليها القانون بدون عرضه علي قاضي .
*ثانياً* نحن كل محتجز له محامي أو محامو دفاع حيث بدأنا بالتسلسل المعتاد لطلب تصديق الضمان أو شطب البلاغ مع النيابة ونكتب لسيادتكم بعض الملاحظات :
بدءً التحري كل المراحل التحري الأولية مع الشرطة يتواجد فيها أعضاء مدنين وليسو بشرطيين أو من النيابة بل هم من لجنة ازالة التمكين يتواجدون اثناء عملية التحقيق ويمارسون ألفاظاً لا تشبه أبداً التواجد في مكاتب تحقيق العداله يمارسون فيها التاثير علي المتهم أن صحت التسمية في مثل هذا الوضع الذي نحن فيه من ضرب وإبتزاز وقهر نفسي وهكذا حتي يتم تعديل توصيات التحري للنيابة .
٠ عند الوصول الي النيابة بعد ايفاء المحامي المعني بالتفاصيل ويبدا في صياغة طلب أو إستئناف لوكلاء النيابة
أنه وبكل بساطة ومن دون مسوغات قانونية يتم الرفض من قبل وكلاء النيابة بدون مسببات وبدون أدني توضيح لمحامي الدفاع حتي يتسني لنا تعديل المسودات والدفوعات القانونية للوصول لمبرر قانوني كافي نصل فيه لقناعة الإنتظار أو في المقابل اطلاق الصراح .
نكتب هذا الكتاب ونطالب النائب العام بإجراء تحقيق وتقصي موسع فوري وعاجل مع وكلاء نيابة لجنة إزالة التمكين في هذه الممارسات التي ايضاً نحن علي ثقة تامة بأنكم لستم علي علم بها مطلقاً خصوصاً وأنكم قد حُمِلتم مسؤولية إرساء قواعد العدالة في البلاد .
*ثالثاً الوضع الصحي ووضع الإحتجاز لا يتناسب أبداً مع محتجزين هم في مرحلة الإتهام في أماكن لا تصلح أنْ يُحتجز فيها إنسان أبداً حيث لا يوجد فيها أدني مقومات مراعاة حقوق الانسان خصوصاً وان ٦٠٪ من المحتجزين من أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن حيث أننا نفترش الارض بدون مراعاة صحية وفي مثل هكذا حالات يجب أن يتم الإحتجاز في أماكن يُراعي فيها الجوانب الإنسانية علي أقل تقدير أن غابت العدالة .
نحن نعتبر أنفسنا نفرٌ كريمٌ من أبناء هذا البلد الشامخ نخاطبكم ونحن علي إستحياء ألا نجد العدالة والإنصاف في كل المستويات الدنيا التي مررنا بها وأملنا في تفهمكم وتقدير هذا الكتاب كبير
وأيضاً يملؤنا الخجل أن تغييب المؤسسية في جهاز العدالة وهو أمر مخيف ومقلق سادتي الكرام .
ونحن إذ نخاطبكم نطلب برجاء الاتي :
1️⃣ تسجيل زيارة للمحتجزين والوقوف علي الوضع الانساني والصحي فيه حراسات لجنة إزالة التمكين .
2️⃣ تشكيل لجنة لمراجعة الملفات وأن وجدتم المذنبين فينا بالبينات والشواهد فساحات القضاء موجودة إلي ينصر المظلوم ويحاسب المذنب والظالم ان كان فينا ونحن نعلم أن القضاء قد شيد المرافق لتلائم من هم في إنتظار المحاكمات وقد إكتملت ملفاتهم وتحولت الي دور القضاء وأن لم يتاح قانونياً إطلاق سراح المتهم أن صحت التسمية في إطلاق سراحه لخطورة المواد التي في مواجهته وهذا حق قانوني لا نعترض فيه وليس فينا ضمن هذا الكتاب من عليه الصفات .
3️⃣ مراجعة ملفات تجديد الحبس في محكمة وسط الخرطوم ( الشمالي ) ومساءلة القاضيان الذان يقوما بالتحديد لنا .
4️⃣ إبعاد أعضاء لجنة إزالة التمكين السياسيين والمدنيين من كل مراحل التحقيق والتحري والتوصيات وترك الأمر الي الاجهزة العدلية و الشرطية.
5️⃣ التقصي من وكلاء نيابة ازالة التمكين ومحاربة الفساد أن كانوا علي علم بكافة تفاصيل المحتجزين وخصوصاً نحن علي ثقة كبيرة في انهم يعتمدون علي الوشايات من اعضاء اللجنة السياسية اكثر من الدفوعات القانونية .
نحن علي ثقةٍ تامةٍ في أن كتابنا هذا سيجد طريقه لإنصافنا ونحن إذ نكتبه إليكم ليس تشكيكاً في كريم عدلكم ولكن أملاً منا في أنْ هذه المراجعات تعيد توازن جهاز العداله في الدولة في دولة تحكم بسيادة حكم القانون وليس بالأحقاد وتصفية الحسابات وللأسف هذا ما نحن عليه الان.
*المتحتجزون بلجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد*
*أكتوبر ٢٠٢١م*
ختاما :
لقد شهدت الجارة تشاد تحولات كبيرة في اتجاه العدالة واحترام القانون وقضية المواطن السوداني ورجل الاعمال ابن عمر ادريس الذي تم قتله في تشاد قبل اكثر من عقد من الزمان خير دليل علي العدالة في دولة تشاد الجديدة التي كانت تنظر للسودان علي انه الدولة الام والقدوة وهي اليوم الحوار الغلب شيخه وتراجع السودان وما لم يلتفت اهله اليه ويتم تدارك الاوضاع في البلاد فان الفوضي سوف تعم وفي كافة المجالات لا سمح الله.
صحيفة الانتباهة