مقالات متنوعة

الخرطوم وهلسنكي

تابعت قبل أيام برنامجا مصورا عن فنلندا وعاصمتها هلسنكي .. تلك الدولة الاسكندنافية الرائدة في أقاصي شمالي المعمورة .. صاحبة أعلى جودة في التعليم عالميا فهم مثلا يستقبلون التلاميذ الجدد بحقيبة جذابة تحوي حلوى ولعبا’ الذين لا يجلسون لأي امتحان إلا في عمر 16.

شدتني خلال البرنامج التوثيقي الجميل معلومة مثيرة عن مستوى الأمن والأمان السامي في تلك البلاد الغارقة في الجمال والرفاهية وألق تواضع القادة وبهاء نزاهتهم حيث من المألوف أن يصل وزير مكتبه على دراجة هوائية ” بسكليت ” رغم أن بلادهم تنتج بل تصدر أفخر السيارات الكلاسيكية والكهربية.

للوصول إلى حقيقة الأمان والتيقن منه أقدمت جهة بحثية على تجربة تنطوي على وضع 12 محفظة تحوي نقودا في مواضع متعددة في هلسنكي وتركوها ساعات طويلة يبدو لي أنها استغرقت جل النهار.

ماذا حدث؟!

وجدوا بعدها أن11 محفظة ظلت في أماكنها دون أن يلمسها أي شخص في عاصمة تموج بالبشر مع اختفاء محفظة واحدة.
أعتقد أنهم ارتفعوا إلى هذا العلو الشاهق بإرساء 3 مبادئ عظيمة ظللت أتمنى تبنيها في بلادنا شعارا وممارسة:

الاستقرار
الإنتاج
العدل

رحت أتأمل نتيجة هذا البحث مقارنا إياها بما يجري في عاصمتنا المسلمة الخليقة بالتحلي بالٱية الكريمة ” .. الذي أطعمهم من جوع وٱمنهم من خوف ” ذات التقاليد الراسخة التي خلفها أسلافنا الكرام وعلى النقيض انتشار ظواهر التفلتات الأمنية في وضح النهار وغارات السطو المنزلي والنهب المسلح داخل البيوت الهاجعة’ التي لم تسلم منها حتى داخليات الطالبات.

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

بعد تأمل عميق حزين وتنهيدة حرى رحت أسأل نفسي:
متى سيكون الخرطومي ٱمنا في سربه كأهل هلسنكي؟!
وأجبت:
عندما نجد مقعدا في الصف الأول أساس ل 3 ملايين طفل خارج التمدرس حاليا بوضع السلطات هذه القضية القومية على صدارة الملفات الساخنة بدل أن تنصرف وزارة التعليم لمسائل أدنى شأنا وحتى لا ينضم هؤلاء الأميون الجدد اليافعون لطوابير مسلسل 9 طويلة الدراماتيكي المروع الدخيل فالتعليم قاطرة التقدم بمعناه الطيفي الواسع.
حتى ذلك الوقت لا بديل عن:.
الحزم والردع والعين الحمرا
” بالقانون “!

هذا اجتهادي

سياتل
صفحة أشواط العمر في فيس
جريدة التحرير الإلكترونية