يوسف السندي يكتب مواكب ٣٠ سبتمبر دعم أم إسقاط؟
اليوم الخميس ستعانق الجماهير مجددا الشوارع، وتملا الأرض بالهتاف، وهي تحمل رسالة واضحة عنوانها (لا للانقلابات العسكرية)، وهي رسالة ستكون عميقة وقاسية على كل الانقلابيين والسدنة وبايعي الضمير والوطن.
الرسالة التي تحملها الجماهير اليوم لم تعد رسالة داخلية فقط، بل أصبحت رسالة عالمية، حملها مبعوثي وممثلي أمريكا ودول الترويكا والامم المتحدة والدول الأوربية والدول الشقيقة، الذين نددوا بالانقلاب العسكري وأعلنوا دعمهم الكامل للدولة المدنية وإكمال الانتقال.
قيادة الدكتور عبدالله حمدوك نجحت خارجيا بدرجة الإمتياز في تطمين العالم حول التوجه الحالي لدولة السودان، وجود الرجل في الأمم المتحدة أكسبه معرفة بخبايا إدارة الشئون السياسية عبر المنظمات العالمية، وهي نقطة مهمة في عالم اليوم، حيث أن العالم يدار من وراء جدر متعددة من خلال الشراكات الذكية وتبادل الثقة وبناء العلاقات المبنية على الشفافية والاهداف الكبرى المشتركة بين جميع بني الإنسان.
نجحت حكومة الدكتور عبدالله حمدوك نجاحا باهرا في الملفات الخارجية، ولكنها مازالت متعثرة في الملفات الداخلية الاقتصادية والسياسية، وقد حاول الانقلابيون والفلول استغلال هذا التعثر من أجل العودة مجددا للحكم، ولكن الشعب السوداني يعلم أن العودة للانقلابات لن تخرج السودان من أزماته الاقتصادية والسياسية بل ستزيدها تعقيدا وظلاما، وأن الصبر على المسار الانتقالي والحكم الانتخابي الديمقراطي القادم هو الطريق الوحيد المتاح للسودانيات والسودانيين من أجل العبور نحو بناء دولة المؤسسات والعدالة التي يحترم فيها الإنسان ويجد الفرصة للعمل والابتكار والنجاح، هذا المفهوم الواعي المنتشر بين ثوار السودان هو ما يجعل الجماهير تخرج في مواكب اليوم الخميس متمسكة بالمدنية ومهددة لكل من يعترض مسارها بالطوفان الجماهيري الذي لا يرحم.
مواكب دعم الحكم المدني لا تعني تفويض حكومة قحت بصورة عمياء، صحيح هناك قطاع جماهيري يدعم هذه الحكومة ويعتبرها قادرة على العبور بالبلد، ولكن هناك قطاع اخر يعتبرها اقل من قامة الثورة ولكنها حكومة أمر واقع، القطاعان يخرجان اليوم في المواكب لانهما يعلمان ان هذه الحكومة مجرد حكومة مؤقتة وستعقبها حكومة دائمة بالانتخابات، وبالتالي لا يمكن مقارنتها بالحكومة الدكتاتورية المتسلطة التي كانت موجودة في عهد الانقاذ، حكومة ( الحسوا كوعكم) .
هناك قطاع ثالث هدفه إسقاط هذه الحكومة بشقيها المدني والعسكري، ويسمونها شراكة الدم، هذا القطاع يقوده ثوار شاركوا في الثورة، ولكنه يخدم خط الردة خط الدولة العميقة الذي يهدف ايضا الى إسقاط هذه الحكومة، والخطان يخدمان بصورة قوية مخططات الانقلابات العسكرية، لذلك حيثما وجدت شخصا يدعو إلى إسقاط هذه الحكومة فهو صاحب أجندة ذاتية ضيقة لا أجندة وطنية.
وزراء ومسؤولي الشق المدني في الحكومة سيجدون دعما مباشرا او غير مباشر بهذه المواكب، لذلك عليهم العمل والتفاني من أجل تنفيذ اهداف ثورة ديسمبر في بناء المؤسسات كالمجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وتعيين رئيس القضاء والنائب العام وحكومات الولايات والمفوضيات وانفاذ اتفاق سلام جوبا وإكمال اتفاق السلام مع الحلو وعبدالواحد ومعالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة، فهذا دورهم وواجبهم، وخلفهم شعبا عظيما قادرا على حماية قطار الانتقال حتى وصوله محطة الحكم الديمقراطي، فقط عليهم ان (ينكربوا وينجضوا شغلتهم).
صحيفة السوداني