الانقلاب .. الحقيقة والخيال
كلام صريح
سمية سيد
بدات الجهات الرسمية المختصة بالتحقيق مع القيادات العسكرية التي حاولت تنفيذ الانقلاب العسكري صباح امس .
رغم ان الحكومة في شقها المدني وبيانات بعض الاحزاب المشاركة اتهمت فلول النظام السابق .الا ان تصريحا لرئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان نفى الوصول الى الجهات المحرضة على الانقلاب حتى الان..
حزب البعث العربي الاشتراكي نفى علاقته بالانقلاب ،على خلفية ما تردد من انتماء قائد الانقلاب للحزب ،خاصة وان الحزب هو من اعاده الى القوات المسلحة بعد تسريحه برتبة العميد.
بغض النظر عن الجهة الحزبية الداعمة للانقلاب ..بعث ..فلول..فان اي تغيير للنظام القائم عبر قوة عسكرية يعد انتحار سياسي.فلا الاوضاع الداخلية ولا الخارجية يمكن ان توافق على هذه الخطوة .
صحيح توجد مبررات واسباب كافية لتغيير النظام القائم .من تدهور اقتصادي ومعيشي ،واوضاع سياسية سيئة جدا ،وسيولة امنية ،وضعف المكون المدني في اتخاذ قرارات مصيرية حاسمة فيما يختص باستكمال مؤسسات الانتقال ..انتشار السلاح داخل المدن ..تحركات قبلية اضعفت هيبة الدولة في غرب وشرق البلاد.
.كلها دوافع كافية لتدخل القوات المسلحة .لكن المؤكد ان الشارع السوداني لن يقبل اي تدخلات عسكرية تحت اي مبررات بعد ازاحة نظام عسكري استمر مدة ثلاثين عاما .
لا تستطيع قوة عسكرية ان تفرض نظام سياسي يتصادم مع اهداف الثورة وتطلعات الشارع الذي رفض الانقاذ من اجل بناء دولة مدنية..امس خرجت كل قوى المقاومة في بيانات تهدد بالرجوع الى الشارع لرفض اي وجود عسكري.
بيانات لجان المقاومة كانت متقدمة على بيانات الاحزاب المكونة للحاضنة السياسية ،بل اقوى منها .وهؤلاء يمثلون القوة الحقيقية للثورة التي كانت تنظم الشارع والاحتجاجات.
الظروف الخارجية نفسها لا تسمح بقبول انقلاب على السلطة المدنية في السودان .بل ان الاتجاه العام الان نحو مدنية الدولة عبر تهيئة البلاد لانتخابات حرة ،وارجاع الجيش الى سكناته.
الطريقة التقليدية التي ظهرت امس للانقلاب جعلت كثير من التحليلات تذهب باتجاه ان الامر كله لايخرج من كونه مسرحية مخطط لها ..
فمثلا من غير المنطقي ان يذهب ضابطان الى التلفزيون القومي لاذاعة بيان وبث المارشات العسكرية..في ظل الاعلام الحديث لم تكن هنالك حوجة الى تحرك دبابات الى حوش الاذاعة والتلفزيون واذاعة بيان رقم واحد.
فهل حاول المكون العسكري كما راج امس ان يجس نبض الشارع بازاحة المدنيين؟
المروجون لهذه الفكرة ينطلقون من تداول معلومات مسربة جاءت بها الزميلة نسرين النمر من مصادر عسكرية حول تحركات لانقلاب من قبل قيادات عسكرية قبل عشرة ايام قبل الاعلان عن الانقلاب امس بشكل رسمي .
على الحكومة ان تنتبه للمخاطر المحدقة بالبلاد ،وان تستكمل المؤسسات الانتقالية ،المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية وان توقف الصراعات في شرق السودان .وان تهتم بمعاش الناس.
لا مجال لاي انقلابات عسكرية .والحكومة دي كان شالها كلب ما في زول بقول ليه جر ..او كما قال..
صحيفة اليوم التالي