عبد اللطيف البوني يكتب: جنا النديهة
(1 )
في هذا العمود المتواضع المُسمى (حاطب ليل) الذي بدأ رحلته في 1985، والمستمر بتوفيق من الله إلى يوم الناس هذا، حاولنا (أيْقَنَة) بعض الشخصيات ــ أي جعلها أيقونة ــ لتكون لنا مدخلاً لمناقشة ما استجدَّ من قضايا (مثل بت قضيم عند الفاضل سعيد) أو (حنظلة عند ناجي العلي) وكل شخصياتنا التي نتخذها (رمية) مأخوذة من الواقع، وبعضها بالاسم، فمثلاً ابن عمنا ود الدايش الذي يطالبنا بالوقوف بالجنبات، ونحن ندفر له عربيته الهكرة لأنه من غير المعروف عندما تقوم، تسير إلى الأمام أم إلى الخلف، فـ(الجير) معطل، فتعودنا في هذا العمود أن نصف بعض القرارات المهمة بأنها مثل عربية ود الدايش؛ لذلك يجب أن نأخذ الحذر حتى لا نُدهس.
(2 )
من الشخصيات النمطية التي تناولها العمود شخصية (جنا النديهة) وهي شخصية معروفة في الثقافة الشعبية السودانية إذ إنها غريبة الأطوار، ومعتلة الصحة، محتاجة لعناية خاصة لأنها (ولادة كبر)، ولها مظهر خاص (القنبور)، في صغرها تتجاوز عناية الوالدين إلى جهات أخرى منها المجتمع المحلي الذي سوف يجمع (الوقية) و(الفكي) الذي ببركته جاء المولود، فتعودنا أن نتخذه رمية للحالات السياسية والاقتصادية المتأرجحة، بعد الرجوع إلى أرشيف هذا العمود، وجدت أنني قد اتخذت جنا النديهة عنواناً أكثر من خمس مرات، كان اخرها في الثاني من مارس عام 2020 إذ جعلته تجسيداً للديمقراطية التي ننعم بها الآن جراء ثورة ديسمبر المجيدة، فقلت إنها ديمقراطية تواجهها أخطار كثيرة، وتحتاج إلىى عناية خاصة ومداراة شديدة؛ لأننا في إقليم بينه وبين الديمقراطية بيداءٌ دونها بيدٌ، كما قال المتنبئ يصف بُعده عن الأهل.
(3 )
مناسبة كل الكلام هو أن أحدهم أو (إحداهن) لا أدري، قد أخذ تعريفنا الوارد عن جنا النديهة، ثم ملاه بمؤسسات الفترة الانتقالية الحالية، أي مارس ما يشبه التشطير في الشعر، والذي يعني أن تأخذ صدر بيتٍ من الشعر معروف، ثم تأتي بعجز له من عندك، أو العكس تأتي بصدر بيت ثم تأتي بعجز من بيت معروف، لشاعر آخر (قطع لزق) بلغة اليوم. ثم كتب عليه (مقال في غاية الروعة يستحق القراءة، لا أدري من هو كاتبه وأظنه البوني)، وقام بنشره في الأسافير، وأصبح يأتيني في اليوم كذا مرة ومن عدة أشخاص بعضهم يشيد بالمقال، ويصفني بالفنان، وبعضهم ينتقد المقال، ويلعن (سنسفيل) ما أكتبه، أما الأصدقاء الذين أرسلوا لي المقال وهم كثر فكانوا يستفسرون هل أنا الذي كتبته أم كتبه شخص منتحل لقلمي؟ فكنت أرد عليهم بأن (عضم) المقال مأخوذ مني بالفعل، ولكن لحمته وسداه فمن خيال كاتب مجهول بالنسبة لي.
(4 )
أنا هنا لست بصدد تقييم ذلك المقال أو إبداء رأي حوله، فكاتبه حر في مواقفه السياسية، مثلما أن كل أهل السودان احرار في التعبير عن آرائهم، ولكنني بالطبع أرفض أخذه لفقرات مما كتبته ومزجها بكتابات من عند شخص آخر دون أن يوضح للقارئ الفاصل بين ما كتبته وما كتبه هو، كما آخذ عليه إشارته لاسمي ككاتب محتمل للمقال، وفي تقديري أن الذي حدث فيه شبهة انتحال. ليست هذه المرة الأولى التي ينسب لي ما لم أكتبه، وربما لن تكون الأخيرة، وقد سبق أن أوضحت بأنني لا أملك أي حساب في الفيس بوك، ولا في غيره، ولا أكتب إلا في هذة الصحيفة فأي (عفش) خارجها مسؤولية كاتبه.
صحيفة السوداني