مقالات متنوعة

محمد عثمان ابراهيم يكتب:غنائم التمكين

طروس
محمد عثمان ابراهيم
نشرت صحيفتنا هذه البارحة خبراً صاعقاً عن مطالبة لجنة إزالة التمكين وزارة المالية بالتصديق لها بميزانية شهرية تتجاوز ال٢٨ مليون جنيه شهرياً للوفاء بالتزاماتها تجاه جيش من العاملين حددته ب(٣٩٦) فرداً لا أحد يعلم كيف تم تعيينهم في اللجنة ولا تعرف مهامهم على وجه الدقة، وليس هناك هيكل راتبي يحدد استحقاقاتهم وفق المؤهلات والمهام الموكلة إليهم.
في غضون ذلك تتحدث الكثير من الدوائر الرسمية وغير الرسمية عن استخدام اللجنة لأموال(الفيء السياسي والغنائم) التي تحصل عليها في حروباتها ضد خصومها السياسيين والتجاريين وفقاً لتقديرات خاصة لا يحكمها قانون ولا لائحة مجازة.
من الواضح أن خطاب اللجنة إلى الوزير يقع ضمن (الجربندية) التي تحكم عملها خصوصاً وأن القائم (العلني) بمهام رئاستها حالياً الأستاذ محمد الفكي سليمان لا يملك الخبرة الكافية لإدارة مبالغ بهذا الحجم الهائل، ولا ضبط موظفين بهذا العدد المئوي الكبير. بالطبع كان يتوجب على اللجنة أن تحدد ميزانية لعملها وفق خطة مجازة كما تقتضي أسس العمل الديواني، ثم بعد ذلك تطلب الميزانية شهراً إثر شهر أو كيفما هو معمول به على ان تعيد للوزارة (الراجعة) أو كشوفات الصرف والإنفاق للفترة الماضية، حتى تحصل على التمويل الجديد.
الدوائر الحكومية مهما وجدت (غطاء) من السلطة العسكرية والأمنية لا يحق لها طلب الملايين من الجنيهات عفو الخاطر، ووفق خطابات رومانسية تزعم أن عمل هذه اللجنة مختلف عن اللجان الأخرى، وأنها تضم عاملين متفرغين وغير متفرغين وإنما ينبغي أن تحدد المكاتبات كم متفرغ، وكم غير متفرغ، ومهامهم ودرجاتهم الوظيفية وما إذا كانوا منتدبين من مؤسسات أخرى وفقاً للقانون أم تم تعيينهم من المحاسيب، وأعضاء الأحزاب الموالين لأجنحة أعضاء اللجنة، أم غير ذلك.
إذا كانت اللجنة سياسية وعملها سياسي وفقاً لإعلان رسمي سابق من نائب رئيسها فإن النظام البيروقراطي لا يمنح رواتب للساسة، وإذا كانت لجنة ذات طبيعة قانونية وعسكرية فإن في البلاد ما يكفي من قوانين لضبط إيقاع عملها.
من الضروري بالطبع أن يتم منح العاملين باللجنة أجوراً لائقة حماية للمال العام نفسه من سوء تصرف الضعفاء، وتفادياً لتورط منتسبيها في أنشطة غير لائقة على النحو الذي نقلته الزميلة (السوداني) عن ضبط سيارة تحمل (بضاعة ممنوعة) وتحتمي بمذكرة رسمية لم يتم حسم صحتها حتى الآن من تزويرها. إذا افترضنا تورط مسئول حكومي في تجارة رخيصة مثل هذه ـوهو أمر مستبعد في حالة لجنة إزالة التمكين حتى الآن- فإن الخطأ يعود جزئياً إلى من يشغله ويحرمه الأجر اللائق.
إن لجنة بهذه الصلاحيات العسكرية والقانونية الهائلة وغير المسبوقة دون ميزانية رسمية لعملها ستضطر الكثير من العناصر فيها لكسب عيشهم بوسائل قد لا تتفق مع مقتضيات القانون خصوصاً إذا نظرنا إلى العدد الهائل الذي تضمه.
بشكل عاجل تحتاج اللجنة الى الإفصاح عن طبيعتها العسكرية، وتحتاج إلى الشفافية في تعيينات أعضائها وتوزيع مهامهم، واعفاء المستقيلين منها مثل رئيسها الفريق ياسر العطا أو المسافرين منهم مثل الوزير السابق والسفير الحالي عمر مانيس وغيرهما وتعيين البديلين عنهم. بعد ذلك ينبغي النظر في تكوينها وميزانيتها.

صحيفة اليوم التالي